وسيم السيسي
أنا بروفيسور موريسيو أستاذ الكلى والمسالك البولية فى جامعة تل أيبب، وأدعوك لزيارة إسرائيل لإلقاء محاضرات فى كلية الطب، لقد زارنا من قبل أ. د. محمود بدر وأقام عندنا أسبوعًا!

إيه الحكاية؟ ذهبت إلى فيينا لإلقاء بحث عن ضيق الحوالب، وعند مناقشة البحث كان هناك المؤيد والمعارض، وكان بروفيسور موريسيو من المؤيدين بحجة وقوة، وفى وقت الاستراحة جاء يعرض علىّ هذه الدعوة، قلت له: شكراً دعها للظروف!

وبعد عودتى للقاهرة ببضعة أسابيع وصلتنى دعوة من الحكومة الإسرائيلية لزيارة بلدهم، ولى أن أحدد المدة والتاريخ وأفراد الأسرة كما أشاء، وطبعاً الزيارة من الباب للباب هم سوف يتكفلون بها.

ذهبت لأستاذى محمود بدر فى منزله وقصصت عليه ما دار بينى وبين بروفيسور موريسيو فى فيينا، وهذه الدعوة التى وصلتنى، قال الدكتور بدر: نعم ذهبت بناء على أوامر من الرئيس السادات، وفعلاً أقمت أسبوعاً، ألقيت محاضرات، ولكنى أنصحك ألا تذهب! تصور حين رجعت إلى مصر زملائى لا يسلمون علىّ، ويقولون: يدك لامست أيدى اليهود!! كان متألماً.

سألت الدكتور بدر: هل أرد عليهم بالاعتذار؟

قال: ولا ترد!


قابلت منذ بضعة أيام أحد الدبلوماسيين، وكان يعمل فى إسرائيل، قال لى: ألقيت العديد من المحاضرات عن مصر والقضية الفلسطينية على طلبة جامعات وأندية مختلفة، لا تتصور كم التغيير الذى أحدثته فى عقول هؤلاء الناس! حتى جاءتنى أم أحد الطلبة تقول لى: ما الذى فعلته بعقل ابنى؟! أصبحنا أصدقاء حتى إنها كانت تفطر مع أسرتى فى رمضان!

استطرد الدبلوماسى: صورت 14 فيديو عن أوجه النشاط فى إسرائيل، كالتعليم، والسياحة، والزراعة، والمصانع، والمواصلات... إلخ، حاولت أن أعرضها حتى على من يزورنى.. أبدا. أرسلت دعوة لبعض أقاربى لزيارتى فى إسرائيل، رفضت الجامعة التى كانوا يعملون بها!

أذكر أننى فى سهرة وكان بها الإنسان الجميل أحد أفراد عائلة الشوبكشى السعودية، وتحدثت فى هذه الأمسية عن عظمة مصر وحضارتها، وكيف أن عمرو بن العاص قال: أنا والأعراب ممن معى نغطى عيوننا من بهر المرمر والطلاء فى مدينة الإسكندرية! مصر هى التى سوف تحضّر العرب! علق صديقى الشوبكشى: لأول مرة أفكر فى ازدواج الجنسية، كيف أكتسب الجنسية المصرية؟!.

أردت بهذه الأحداث أن أطرح رؤية من جانبى، وأنتظر رأيا منكم: لن تتغير سياسة إسرائيل القائمة على التهجير والاستيطان إلا بضغط شعبى عام مستنير على الحكومة الإسرائيلية، هذا الضغط الشعبى لن يتكون إلا بالتطبيع الثقافى السياحى، ذهب الرئيس السادات وتحدث فى الكنيست، علينا أن ندعو مفكريهم وقادة الرأى عندهم، ويذهب أيضاً مفكرونا وقادة الرأى عندنا، ونضىء المساحات المظلمة المغيبة والمتعصبة فى عقلهم الجمعى!

سمعنا: اعرف عدوك! اطلبوا العلم ولو فى الصين، إذا أردتم أن تأمنوا شر جماعة تعلموا لغتهم! إن المخزون الحضارى المصرى، وقوة قواتنا المسلحة، يجعلاننا على قدم المساواة إن لم نكن أغنى وأثرى فكرا وحضارة!.
نقلا عن المصرى اليوم