أقصر الطرق هو أوضحها، والوضوح في مسألة إعلام الدولة في مصر أنه لا سبيل إلا الإصلاح، لا لإنشاء إعلام بديل، أو استخدام منابر المحبين والأقرباء.

 
فالحقيقة أنه لا يحك جلدك مثل ظفرك، فإعلام الدولة هو حائط الصد الرئيسى لأى هجمة شرسة، خصوصا إذا اعتمدت هي الأخرى على وسيلة حديثة أو مستحدثة من وسائل الإعلام.
 
أقول هذا بدون أي ربط بين ما سأتحدث عنه بخصوص إعلام الدولة، وفى قلبه ماسبيرو، وبين الأزمة الأخيرة التي استهدفت الدولة المصرية واستقرار مؤسساتها. أقول هذا باستمرار حتى مع تلك «الهوجة» الممزوجة بالكثير من الشائعات وادعاء المعرفة حول «السيطرة» أو «توجيه» الإعلام خلال الفترة الماضية.
 
لقد احتل هذا الموضوع مساحات كبيرة في حديث الناس في المقاهى والفنادق وأوساط الإعلاميين وبعض المسؤولين، وقتها عادت تراودنى أسئلة لم أتوقف عن طرحها منذ سنوات، وماذا عن إعلام الدولة؟، وهل هناك سبيل لإصلاحه؟، ولماذا تقدم الدولة بديلاً إعلامياً؟، هل يئست من الإصلاح؟، هل حاولت أصلاً؟
 
أنا ممن لديهم الكثير من الملاحظات على كل ما حدث ويحدث وسيحدث في مسألة إدارة ملف الإعلام داخليًا وخارجيًا، وظللت أحاول، حتى الآن بلا جدوى، لطرح الأسئلة الجادة حول هذا الملف وإدارته. وفى هذا الإطار كان دائما السؤال: ماذا الدولة فاعلة بما تملك؟ لم تكن هناك أبدًا إجابة واعية بأهمية ما يملكون، بل كانت الإشارات دائمًا شديدة السلبية تجاه إعلام الدولة.
 
المشكلة الأساسية هنا هي غياب التقدير الصحيح من الدولة لأهمية ما تمتلك من وسائل. الدولة، في موضوع التليفزيون الرسمى، على سبيل المثال، بل وأيضاً المؤسسات القومية، تتعامل معها باعتبارها عبئًا ومشكلة لو تخلصت منها لارتاحت، وبدا حال المسؤولين الذين تولوا هذا الملف في محاولات لحله وكأنهم يتعاملون مع تليفزيون الدولة باعتباره مشكلة التخلص منها، بل ومن التليفزيون نفسه، قد يكون هو الحل. لم ينظر أحد أبدًا إلى هذا الكيان باعتباره أصلًا من أصول الدولة يعانى مشكلات يجب حلها، والهدف الرئيسى يكون الحفاظ على هذا الأصل. لم ينظر أحد أبدًا إلى هذا الكيان باعتباره أداة معطلة بسبب مشكلات على مر عقود، ويجب أن يبذل الجهد لإزالة هذه المشكلات لتتحرر الأداة المهمة من المعوقات فتنطلق دعمًا للدولة.
 
أحب، ونحن نتحدث عن مراجعات لبعض السياسات، وإصلاحات في المشروع والاستراتيجية الرئيسية للدولة، أن تكون هناك نظرة للإعلام، أن تكون هناك نظرة لماسبيرو، لأن الدولة لن تتمكن من امتلاك أصول إعلامية كالتى تمتلكها الآن، وبالتالى فإن إصلاحها هو الحل.
نقلا عن المصرى اليوم