رغم الالم وتفرد مكونات الرؤية للشعب المصري مابين الحزن علي شهداء معهد الاورام ، وصدمة اعادة الشيخ برهامي للوعظ ، رغم انف الشعب ، وانفراد اثرياء القوم في منتجع العالمين بالاحتفال مع  جينفر لوبيز ، وما بين تناثر شظايا الارهاب وفتاوي برهامي ورقصات جينفر ، تفرغ اخرين في تكفير البعض ، واستكمالا لوحدة المصريين قام البعض بأتهام البعض الاخر بالهرطقة ، وتبادلت اطراف اخري الحديث عن الخيانة والتطبيع ، جنازات وبكاء من اهل الشهداء علي ذويهم ، ووزيرات يرتدين ابهي الثياب البيضاء في احتفالية جينفر ، وهكذا ما بين القاهرة والعالمين يكمن الوجع والعبث والحزن .
 
ويتزامن فى مصر عيد الأضحى المبارك مع صيام العذراء القديسة مريم، ويوافق الأضحى 10 من ذى الحجة، بعد انتهاء وقفة عرفة التى يقف فيها الحجاج لتأدية أهم مناسك الحج، وينتهى يوم 13 من ذى الحجة، وهو أيضا ذكرى لقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما أراد التضحية بابنه البكر ، تلبية لأمر الله، يقوم المسلمون بالتقرب إلى الله فى هذا اليوم بالتضحية بأحد الأنعام، ومن هنا جاء اسم عيد الأضحى، ليس العيد تقليدا نفرح فيه فقط، أو نضحى بالأنعام، بل مازالت التضحية تعيش فينا، وبيننا، وكما أخذ سيدنا إبراهيم عليه السلام، ابنه البكر ليقدمه أضحية لله سبحانه وتعالى، هناك مئات الآلاف من الآباء والأمهات قدموا أولادهم فداء لنا وللوطن.
 
من تقديم سيدنا إبراهيم لابنه تضحية لله وإلى تقديم العذراء لابنها تضحية لله، أمثلة روحية ربانية لآباء وأمهات ضحوا بأبنائهم شهداء لمصر من معركة عين جالوت 656 هجرية، وحتى الأن فى سيناء وسائر أرجاء الوطن ضد الإرهاب، مرورا بحرب 1973 ضد العدو الصهيونى، تلك التضحيات لم تفرق بين مكونات النسيج المصرى، من مسلمين ومسيحيين، رصاص الأعداء والخوارج لم تفرق بين مينا دنيال وإسكندر طوس والضابط محمد مبروك والشيخ عماد، وشهداء معهد الاورام .
 
الكنيسة ترى العذراء مريم الأم التى حملت لها «الكنيسة» ولكل البشرية «الكلمة المتجسد» الذى جاء إلى العالم من أجل خلاص البشرية، ومن ثم تحتفل البشرية بأكثر من مائة عيد ومولد للعذراء
وما بين عيد الأضحى وصيام العذراء، نعمنا فيه بروحانية ورغبة فى السلام رغم ما دفعنا من شهداء، دموع ودماء وشهداء، أهازيج وفلكلور، وأساطير وقصص حقيقية على دروب الشهداء، من البكاء على الشهيد تنفتح أبواب السماء فخرا لذويه، وبطولات وكرامات مزج فيها المصريون بين الصيام والصلاة والمقاومة السلمية، بين حربة تعذيب مار جرجس وتعذيب الحسين، لقد امتزج كل ذلك بالطبيعة المصرية الروحية الإنسانية، فصارت جزءا من مكونات الشخصية المصرية والجماعة الوطنية، ككل، فنحن حين نتعرض لمظالم وتحديات نحتاج إلى ضرب من الإعجاز، نصوم ونصلى ونعتكف، ونبتهل لله، ونعتبر أن هذا هو المشهد الحقيقى للانتصار، فالنصرة على الذات تسبق مواجهة الظالم، أغلب انتصاراتنا حدثت فى أوقات الصيام وبتلك المكونات ننتصر دائما .
 
فى رحاب الله شهداءنا نبتهل ونتقوى بالله، وفى القلب تقوى المصريون تفيض مع النيل مثلما فاض من دموع إيزيس على أوزوريس، وتكتمل الأسطورة من عضهم على جروحهم بحثا عن الفرح.
 
هكذا فالمصريون يبحثون عن الفرح ويخافون منه!! ويقولون فى أمثالهم «اللهم اجعل عاقبة الفرحة خيرا»، لكنهم يتوقون للفرح قدر عشقهم للحزن، وهم يضحكون حتى البكاء!!! 
 
وللعذراء محبة كبيرة فى قلوب المصريين ولها أكثر من عشرة موالد يذهب ويتبارك بها المصريون مسلمون ومسيحيون ، أشهرهم فى بياض ببنى سويف ودير العذراء جبل الطير ودرنكة والقوصية بأسيوط وغيرهم ، كما توجد اكثر من خمسمائة كنيسة بأسمها ، وسبعة أديرة ، أشهرهم دير العذراء البراموس ، ودير المحرق بأسيوط .. وتحتفل الكنيسة بها تسع مرات فى العام بالإضافة أن لها شهر خاص احتفالى وشهر كيهك / من ثلث شهر ديسمبر إلى 7 يناير .. وأعياد الكنيسة هى :عيد البشارة  7مسرى /13 أغسطس ، وعيد ميلادها أول بشنس /9 مايو ،عيد دخولها الهيكل 3 كيهك /13 ديسمبر، عيد مجيئها مصر ومعها العائلة المقدسة ، 24 بشنس /أول يونيو ، عيد وفاتها 21 طوبة /30 يونيو ، عيد العذراء ومعجزة حل الحديد وهو يوم 21 من كل شهر قبطى ، العيد الشهرى للعذراء وهو يوم 21 من كل شهر قبطي، تذكارًا لنياحتها فى 21 طوبة (الموافق يوم 30 يناير تقريبًا) ، عيد ظهورها فى الزيتون على قباب كنيسة العذراء
 
وكان ذلك يوم 2 أبريل  سنة 1968 واستمر على مدى سنوات ويوافق 24 برمهات تقريبًا.. ومن الأقباط المسيحيين إلى الأقباط المسلمين الذين يحتفلون بالعذراء مع القرآن الكريم حيث احتفل بها الكتاب المبين.. فأفرد لها القرآن الكريم سورة كاملة باسمها.. من آيات ثمانى وتسعين.. ومن قبلها كانت ثانية سور القرآن وعدد آياتها مائتان باسم أهلها وذويها «آل عمران».. ثم جاء ذكرها فى القرآن الكريم فى آيات أربع وثلاثين.. مرات وحدها.. ومرات مع ابنها سيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام.. العذراء مريم البتول.. عالية المقام.. ففى أول سور القرآن «سورة البقرة» كان ذكرها فى قوله تعالى: «ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس».. (الآية 87).. ثم كان آخر ذكر للعذراء.. فى سورة التحريم.. حيث وصفت بالصديقة القانتة فى قوله تعالى: «ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين» (الآية 12).. وما بين أولى الآيات وأخراها.. كانت الآية الخامسة والأربعون من سورة آل عمران.. التى قررت وسجلت وأكدت.. فى أجل وأروع وأبلغ بيان.. مكانة سيدتنا العذراء عند ربها.. وسموها ورفعتها وعفتها وطهرها.. وإعلان اصطفاء الله لها وأبلغ بيان.. مكانة سيدتنا العذراء عند ربها باصطفاءين.. فى قوله تعالى: «وإذ قالت الملائكة يامريم أن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين» (الآية42 ). بركة العذراء فلتكن معنا وبلدنا .