د. مينا ملاك عازر 
غداً هو رأس السنة القبطية التقويم القبطي للشهداء، السنة القبطية الأرثوذوكسية التي بدأت بتولية دقلديانوس العرش الإمبراطوري للإمبراطورية الرومانية فتحل السنة 1736 للشهداء.
 
وقد قدم المصريون أروع مثال يشهد له العالم من مقاومة ليس للدولة الرومانية الباطشة بهم، ولكن أروع مثال بالتمسك بإيمانهم القويم الصحيح حفظوه بأرواحهم و رواه بدمائهم، أبقوه نقي حي ينبض بالحياة، وإن كان قد فارقت أجسادهم الحياة إلا أن أرواحهم بقت حية تطلب من الله أن يقوي الباقين لكي يبقوا على الإيمان ولا يتراجعوا، ولكي يبقى الإيمان الأرثوذكسي القويم موجود لوقتنا هذا، وتقبل الله طلباتهم وبقى الإيمان وبقت أجساد الشهداء شاهدة على كم التعذيب والتنكيل الذي تعرض له شهداء القبط، وتشهد عن مدى صلابة الإيمان وقوة المعتقد وصحته.
 
دماء الأقباط تشهد عن بطش وطغيان الدولة الرومانية، بدأت منهجية التنكيل بالأقباط وتتبعها دول كثيرة حكمت مصر، وحتى وقتنا هذا، من شهداء الزاوية الحمراء والكشح ونجع حمادي والإسكندرية والعريش، وبمناسبة العريش أسأل متى سيعود الأقباط لها؟ ومتى ستنتصر المواطنة؟ وتعود دولة القانون؟ وتسود المدنية على تلك البقعة الغالية من أرض مصر التي حررناها من الإسرائيليين في ست ساعات ولم نستطع تحريرها للآن من أيدي الإسلاميين الإرهابيين المتشددين المتطرفين بعد مرور ست أعوام!؟
 
شهداء الأقباط كانوا من مختلف الطبقات ومن مختلف الفئات منهم الكاهن والعلماني والشماس والراهب ورجل وسيدة وعلى رأسهم الأطفال، ورأينا أمهات تقدم أبناءهن وبناتهن بنفس راضية للقتل على أيدي الطغاة الدمويين، ليس دموية منهن ولكن ليطمئنوا عليهم، وأنهم وصلوا لبر النجاة وأنهم نجوا بأنفسهم من البطش ووصلوا بإيمانهم امام كرسي الله ليطلبوا عن أقرانهم وذويهم.
 
يا بلح لونك أحمر زي، دم غزير روى أرضنا ري، هكذا يتغنى الأقباط في مثل هذا التوقيت من السنة بمناسبة موسم البلح بكل ألوانه، وبالذات طبعاً البلح الأحمر الذى لونه يرمز لدم الشهداء، يقولون أن نواة البلح تشبه في صلادتها صلادة الإيمان القبطي وأن نقاء قلب البلح ببياضه يشبه نقاء قلب المسيحي، ويقال أنه اذا تعرض البعض للشهادة مهما كان متمسك بإيمانه وقوي في فهمه له قد يتخلى عن الشهادة ويهرب من ميدان القتل والاعتراف بالمسيح لمجرد أن قلبه أسود ويحمل ضغينة تجاه أحدهم أنه لا يسامح أحد تضعفه وتضعف عزيمته وتجعل قلبه ضعيف يقبل التهديد.
 
انظروا لمدينة أسنا التي قدمت أهلها كلهم شهداء أكثر من ثماني آلاف شهيد يقدمون أرواحهم كذبيحة حية لله مرضية تقبلها وتنسمها برضا عن مدى محبتهم له واستصغار نفوسهم أمام عمق محبته السابقة لهم.
 
كل سنة وكل أحبائي المصريين طيبين بمناسبة رأس السنة القبطية تقويم الشهداء والمولد النبوي الشريف.
 
المختصر المفيد المصري أقوى وأشد فاتقوه واتقوا غضبه.