" ما يُرسم مع العائلة المقدسة  من أهرام أو منارة الإسكندرية يُخرجها من إطار الأيقونة إلي لوحة فنية " 
 
حوار أجراه – ايهاب رشدى 
لم يكن السبت 24 أغسطس 2019 ، يوما عاديا فى حياة الباحثة " سلفانا جورج عطالله عازر " ، ففيه تمت مناقشة رسالة الدكتوراة المقدمة منها  وموضوعها "  تصوير ذوى اللحى فى الفن القبطى من القرن الخامس الميلادى إلى القرن الثامن الميلادى " وفيه حصلت الباحثة المجتهدة على درجة الدكتوراة فى الفلسفة فى الآثار والفنون القبطية .  
 
كان للأقباط متحدون مناقشات أخرى ساخنة  مع الدكتورة سلفانا جورج ، أعقبت مناقشات اللجنة التى منحتها درجة الدكتوراة ، وكان معها هذا الحوار الذى كشفت فيه العديد من الحقائق الجديدة ، والآراء الجريئة عن الفن القبطى ، ربما نسمعها لأول مرة  ، حتى أننى قلت لها " انتى هدمتى كل الثوابت " 
 
لماذا  اخترتِ موضوع تصوير اللحى بالذات ، حيث  يبدو موضوعا دقيق التخصص 
ببساطة لأننى وجدت أن هذا الموضوع لم ينتبه إليه الباحثون سواء في مصر أو خارجها وقد درست أن الفن المسيحي لم يكن فنا جماليا أو فنا علي هوى الفنان ، فكل شئ مما يرسمه الفنان فيه هو مدروس وله رمزية في الكتاب المقدس ، وقد انتبهت في فترة اختياري للموضوع أن الفنان لم يرسم شكل موحد للحية لكل القديسيين والآباء .. حتي السيد المسيح نفسه رُسم بلحية وكان من الممكن أن يرسم حليق الذقن .
 
وهذا ما وجدناه بالفعل في بدايات الفن المسيحي ، ولكن منذ القرن الرابع استقر الفنان علي رسم السيد المسيح بلحية وإستمر ذلك حتى الآن ، وهكذا بدأت رحلتى فى البحث .. لماذا  اللحية وما هى رمزيتها وعلاقتها بالكتاب المقدس . 
 
كم من الوقت استغرق منك الإعداد لرسالة الدكتوراة وهل كانت هناك معوقات فى البحث 
استغرقت ٣ سنين في إعداد الرسالة ، وأهم معوق للباحث فى هذا الموضوع هو ندرة المراجع التى تحدثت عن هذا الأمر ، وعدم وجود أي مرجع عربي في هذا التخصص ، فاعتمدت علي دراستي للجداريات ومقارنتي وتحليلي  وأيضا ارتباط الموضوع بالفكر الفلسفي وربطه بالفن
 
كيف ترين حال الفن القبطى فى الكنائس الأرثوذكسية وهل يعبر عن الهوية القبطية
أولا في دراستي أثبت أنه لا يوجد ما يعرف بالفن القبطي ، فهو فن مسيحي انتشر في كل العالم المسيحي ، ولَم يكن الأقباط مثل السريان أو البيزنطيين الذين صبغوا فنهم بثقافتهم ، لذلك تجد الملابس والملامح تخص شعوبهم وكذلك الكتابة . 
 
ولكن يقال أن بورتريهات الفيوم كانت البداية للفن القبطى فى مصر
بوتريهات الفيوم هي معبرة عن الفن اليوناني الروماني وليس إيجادها في مصر يعني أنها فن قبطي ، لأن كل من صُور في تلك البورتريهات هم رومان كانوا يعيشون في مصر ويظهر ذلك من ملامح الوجوه والملابس والشعر.
 
ولكن جداريات الفريسك فى الأديرة القبطية أليست دليل على وجود الفنان القبطى
ما هو تعريف الفنان القبطي ؟ ! هو فنان عاش في مصر ولكنك تعلم أنه حتى القرن الثاني عشركانت الثقافة فى مصر يونانية ، واللغة كانت يونانية ،  لذلك هذا الفنان تعلم من الفنانين المسيحيين ذوى الثقافة اليونانية وأتقن القواعد الفنية اليونانية وهذا ما أثبته في الرسالة ،  وعندما انغلق الفنان القبطي عن العالم المسيحي أخرج لنا فنا أشبه بالكاريكاتير ، لأنه انفصل عن فناني العالم المسيحي ، وربما تكون هذه الحقائق تصدر لأول مرة من قبطية .
 
إذا كان ليس هناك ما يسمى بالفن القبطى ، إذاً الفريسك والرسومات والجداريات الموجودة فى الأديرة القبطية وكنائس مصر القديمة ، ماذا نسميها ؟ 
 
فن مسيحي مصدره يونانى ؟ وهو يشمل الفكر البيزنطي والسرياني والأورشليمي ، أساسه المدرسة اليونانية التى أثرت في كل العالم ، ولهذا في كل البحث الذى قمت به  أطلقت كلمة الفن المسيحي في مصر وليس القبطي.
 
وماذا عن فن الأيقونة هل منشأه مصر أم اليونان
بورتريهات الفيوم هي بداية فكرالأيقونة ، وأقدم أيقونة في مصر تعود للقرن الحادي عشر ، وهناك أيقونات خارج مصر أقدم من ذلك . 
 
ولكن هناك من يقول أن ملامح السيد المسيح شرقية كما نراها فى المتحف القبطى والكفن المقدس 
أول تصوير للسيد المسيح بملامح شرقية كان في كتاكومب روما فى القرن الرابع والذين رسموها كانوا سوريين ، وكانت أول صورة للسيد المسيح بلحية ، بعد ذلك أصبح السيد المسيح له ملامح ثابتة بناء علي رسالة معروفة برسالة " لانتينوس" لا تظهر له هوية أو عرق ، بل هي ملامح ثابتة مثل لون الشعر وشكل اللحية والوجه المستدير ، وهذا كله في رسالتي ، لأن بها فصل كامل عن السيد المسيح ، وكل شئ رسمه الفنان في وجه السيد المسيح مرتبط برمزية خاصة بشخصه وطبيعته . 
 
ما هى ملامح الفن المسيحى ومميزاته
الفن المسيحي هو فن مقدس يترجم آيات الكتاب المقدس لتصبح آيات منظورة، فهو يحول الغير منظور إلي منظور ، وهو فن تعليمي مرتبط بقواعد مقدسة وليس فن جمالي علي هوى الفنان
 
هل هو فن شعبى
لا .. هذا المصطلح في تاريخ الفن غير موجود ، فعلي مر العصور لا يوجد ما يُعرف بالفن الشعبي سواء في الفن المسيحي أو غيره ، وقد أطلق علي الفن القبطي فن شعبي عن طريق الخطأ من أحد الباحثين الألمان في القرن الخامس عشر - السادس عشر ، ثم تناقله بعد ذلك الباحثون دون بحث أو دراية بالمصطلح وهذا أيضا موجود في رسالتي . 
 
يقولون أنه فن شعبى باعتباره  صادر من الناس وليس من السلطة ، ولم تتوفر له الامكانات وكان هدفه التعبير عن الحالة الروحية
ليس صحيحا ... كل ما يمكن أن يقال أنه فن لم يُدعم من الإمبراطور ، فلم يتم على مواد فخمة مثل الذهب أو العاج أو الأخشاب الغالية – وإن وجد ذلك قليلا في مصر -  ولكنه بنفس تقنية تلك المواد الفخمة علي مواد رخيصة ، هذا فقط الفرق ، ولهذا أخطأ الباحث الألماني وأطلق عليه فن شعبي لكونه مُنفذ على مواد رخيصة . 
 
لكن تكنيك العمل والمقاييس وكل شيء هو هو ... أمسك أي جدارية أو أيقونة ؛ ستجد  الملابس يونانية وليست مصرية ، نسب التشريح في الأيقونة البيزنطية ١ :  ٦ أو
 
 ١ : ٩ ، والأيقونة القبطية نفس الشيء وما يقال أن نسبة المقاييس ١ : ٤ لم يتم إلا في فترة  الفنان إيزاك فانوس ، أى فى القرن العشرين ، الكتابة والاختصارات باليونانية ، ثم منذ القرن الثالث عشر بدأنا نُدخل القبطي ، فأين سمات الفن القبطي ؟!
 
وسوف تجد أن موضوعات الفن المسيحي في كل العالم ، موضوعات واحدة لم يختص الفنان القبطي بموضوعات مميزة  ، بعكس فنان سوريا الذى ابتكر موضوعات جديدة مثل تصوير الآباء ابراهيم واسحق ويعقوب ، ووجود الأطفال مثل جدارية السريان . 
 
ولكن هناك مثلا زيارة العائلة المقدسة لمصر 
هدا فكر سرياني وموجود خارج مصر ، لأنه  موضوع ذُكر بالإنجيل للكل ولَم يختص به الفنان القبطي، وأيضا مناظر الصيد وعصير العنب وجدت بالخارج ، أعلم أن  كلامي هذا ربما لن يعجب الكثيرين ، ولكنى باحثة ، والعلم هو الفيصل وليس هويتي المذهبية ، وما يرسم في العائلة المقدسة الآن من وجود الأهرام أو منارة الإسكندرية يُخرجها من إطار الأيقونة إلي لوحة فنية ؛ لأنها تفقد الرمز المقدس إلي لوحة ترويجية للسياحة . 
 
حدثينا عن أقسام رسالتك الرئيسية 
تقع الرسالة فى ٤١٠ صفحة ، مقسمة إلى جزأين ؛ الأول يشمل خمسةفصول ، والجزء الثاني عبارة عن كتالوج الصور للرسالة ، وقائمة المراجع والملاحق .
 
يتكون الجزء الأول من مقدمة ثم تمهيد ثم الفصل الأول تحت عنوان تصوير ذوي اللحى في الفنون القديمة وحتى القرن الرابع الميلادي ، أما الفصل الثاني فيحمل عنوان تصوير ذوى اللحي لشخصيات الكتاب المقدس من القرن الخامس الي القرن الثامن الميلاديين ، ويتحدث الفصل الثالث عن تصوير النساك والرهبان ذوى اللحى من القرن الخامس الي القرن الثامن ، والفصل الرابع عن تصوير القديسين ذوى اللحى ،  أما الفصل الأخير فيضم دراسة تحليلية وعرض لأهم نتائج البحث .
 
وأين الفصل الخاص بالسيد المسيح
فى  الفصل الثاني الذى ينقسم لجزأين ، العهد القديم والعهد الجديد ، والسيد المسيح يأتى علي رأس العهد الجديد .