فاطمة ناعوت
هل يمكن أن تقسو قلوبٌ على مصرَ كلَّ تلك القسوة؟! هل تتحمّلُ مصرُ ضرباتٍ جديدةً وهى بعد لم تتعافَ من نزيف السنوات الماضية؟ ألم نتعلمِ الدرسَ بعد؟!.

كأننا لا نتعلّم من المِحَن. كأننا نسعى لأن نُلدَغُ من الجُحرِ مرّتين. كأننا لا نعرف أن مَن يحاولون زلزلةَ مصرَ الآن هم عرائسُ ماريونيت فى يد الإخوان (حتى وإن لم تدرِ العرائسُ أنها عرائسُ). فكثيرون يحققون مساعى الإخوان دون وعى ودون انتماء. كأننا نظنُّ أن فصيلَ الإخوان قد سلَّم بقدَرِه المقدور بالسقوط، وارتضى بالهزيمةَ أمام إرادة شعب مصر وبأس جيشها وانتهى الأمر. كأننا نتوّهم أن فصيل الإخوان الجشع بوسعه أن يتنازل عن حُلمٍ عجوزٍ لم يَمُت فى قلبه، ولن يموت، عُمرُه اليومَ واحدٌ وتسعون عامًا. فمنذ عام ١٩٢٨ وجماعة الإخوان، جيلًا بعد جيل، ومرشدًا فى إثر مرشد، وعهدًا من بعد عهد، لا تحلم إلا بشىء واحد أوحد وحيد: هو الاستيلاء على حكم مصر.. بأى ثمن، وفوق أى أكداس من الجثامين، ودهسًا لأى شرائعَ أو قيمٍ أو أخلاق. هكذا الإخوان! يتضاءلُ إلى جوارهم جميعُ ما تفتق عنه ذهنُ الفيلسوف الإيطالى ميكيافيللى من مبادئ براجماتية تبريرية انتهازية من أجل ثمرة التمكين والاستحواذ والوصول إلى الغاية بشتى السُّبُل غير النبيلة، وعبورًا فى أنهار الدم وفوق ركام العظام، لا يهم مادامت الغاية هى «عرش مصر» العصىّ الأبىّ المتعالى على قاماتهم. ومن أجل ذلك فعلوا كل ما لا يخطر على بال إبليس من مؤامراتٍ ومكائدَ ضدَّ الملك وضدَّ الجيش المصرى وبالتحالف مع المستعمر وغير ذلك مما تضيقُ عنه مقالاتُ الدنيا. ودانتْ ثمرةُ الحُلم عام ٢٠٠٥ بحصولهم على ٨٨ مقعدًا فى البرلمان. ثم دنتْ وأوشكت تكون فى اليد مع يناير ٢٠١١، ثم قبضوا على الثمرة بالفعل عام ٢٠١٢، وتحقق حُلمٌ طال انتظارُه ثلاثةً وثمانين عامًا. لكن شرههم وجشعهم وجوعهم وغباءهم وتعجّلهم جمع الغنائم جعلهم يلتهمون الثمرة فى لمح البصر، فوقفت فى حلوقهم. وسرعان ما أفاق الشعبُ المصرىّ العظيم فصفع الإخوان صفعةً أسقطت ثمرةَ الحُلم من بين أنيابهم، وكان جيشنا العظيم يحمى ظهور المصريين حتى استعدنا مصرَ الواهنةَ من بين مخالب الإخوان المُدمّاة بالويل والدنس.

فهل هناك عاقلٌ فوق الأرض يظنُّ أن ذاك الفصيلَ الدموى الانتهازىّ قد نسى الثأر، وضرب صفحًا جميلًا عن حلم يوشكُ أن يقاربَ المائة عام، بل تحقّق بالفعل منذ سنوات، قبل أن يُجهضُه جيشٌ وشعبٌ؟. الإخوان لم يتوقفوا يومًا واحدًا ولا دقيقةً واحدة عن الكيد لمصر ومحاولة تدميرها منذ ٣ يوليو ٣٠١٣. والإخوان شأنهم شأن أى فصيل إرهابى، إن لم يستطع أن يحصل على شىء، أحرقَه ودمّره. وهذا ما يجهَدُ الإخوانُ ويجتهدون فيه منذ سنوات بعدما تحالفوا مع الضباع الحاقدة فى قطر وتركيا وغيرهما من الدول التى تنام وتصحو على حلم تدمير مصر. فهل نساعدهم اليومَ على هذا؟ هل مصرُ تتحمل إنهاكًا جديدًا؟!.

هناك: - خبثاءُ، من داخل مصر وخارجها، يعرفون قيمةَ مصرَ جيدًا، ويحلمون بهدمها وسقوطها، وهم معروفون للجميع. وهناك: - طيبون بسطاءُ لا يعرفون قيمة مصر ولا يعرفون ما يحيط بها من أحقاد، وجاهزون ليُسلّموا آذانَهم لكل بوق وكل خَبَث. ويحدث أن يستغلَّ الخبثاءُ العارفون، الطيبين غيرَ العارفين؛ ويستخدمونهم (أدواتٍ رخيصةً) لتحقيق حلمهم الخالد الحرام: (إسقاط مصر).

والحلمُ الرخيصُ لا يحدث، ولن يحدث. ما يحدث هو أن مصرَ تفتحُ عينيها وتتعرف على الخائبين الخائنين من أبنائها الذين قبلوا أن يكونوا أدواتٍ رخيصةً فى أيدى الخبثاء من أعدائها؛ فتلفظهم وتتبرأ منهم. وفى هدوء تُكمل مشوارها.

فكن مصريًّا قويًّا عارفًا قيمةَ مصرَ، وعارفًا حجم التحديات التى تتعرض لها مصرُ الآن، وعارفًا وعورة المشوار الذى علينا اجتيازه خلال الأعوام القليلة القادمة، وعارفًا أن كل الدول العظمى مرّت بفترات إنماء صعبة كالتى نعيشها الآن، وبعدها دخلت فى مرحلة الرغد والنماء. كن مصريًّا وطنيًّا وشريفًا وذكيًّا وارفضْ أن تكون أداة رخيصة يحرّك خيوطَها الإخوانُ الخبثاءُ وأعداءُ مصر الحاقدون عليها. كن طيبًا عارفًا لقيمة مصر ودافع عنها ضد الخبثاء الأشرار. لا تكن شوكة فى خصر مصر. كن مع الشرفاء لنبنى مصر الناهضة الجديدة، ولا تنجرف وراء الحاقدين على مصر من زباينة الإخوان وأتباعهم وأشباههم.

مصر آمنةٌ وستبقى آمنةً وسنُكمل طريق الإنماء والنهوض رغم أنف الحاقدين والشامتين والخبثاء والأنذال والإخوان وزبانية جهنم الذين لا وطن لهم ولا انتماء، وليتَ عرائسَ الماريونيت تدرى أنها عرائسُ ماريونيت. «الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن».
نقلا عن المصرى اليوم