سليمان جودة
دعا اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، إلى الدورة الخامسة من ملتقى ديني مهم، اعتادت المحافظة تنظيمه في شهر أكتوبر من كل عام !

الملتقى يجري تنظيمه تحت عنوان ثابت هو: ملتقى سانت كاترين لتسامح الأديان! .. أما الشعار الذي يرفعه الملتقى، فهو على النحو الآتي: هنا نصلي معًا !وأما "هنا" في الشعار، فالمقصود بها مدينة سانت كاترين، إحدى مدن المحافظة التي تشهد صلاة جماعية، خلال أحد أيام الملتقى، يشارك فيها مُصلون من أتباع الديانات السماوية !

والحقيقة أنها فكرة ممتازة تستحق الدعوة إليها والترويج لها على مدار السنة، وليس في شهر أكتوبر وحده في نهاية كل عام!.. وإذا كانت وزارة السياحة من بين الوزارات التي تشارك محافظة جنوب سيناء تنظيم الملتقى، فهو يمثل فرصة كبيرة أمام الوزارة تستطيع استغلالها لتنشيط حركة السياحة، ليس فقط في جنوب سيناء، ولكن على مستوى البلد بامتداده وتنوع آثاره وثرواته الحضارية !

وأظن أن الوزارة سوف يكفيها جدًا أن تضع في برنامج الترويج للفكرة، وللملتقى الذي قام على الفكرة، أن السائح الذي يكتب الله له أن يزور سانت كاترين سوف يزور مدينة ليست ككل المدن، ولمَ لا؟ وفيها سيكون على موعد مع زيارة إلى جبل سانت كاترين، ثم دير سانت كاترين، ومن بعدهما استراحة بطل الحرب والسلام الرئيس أنور السادات !

وقد يكون من المناسب أن نربط ونحن نمارس الترويج للمدينة، وللمحافظة كلها من بعد المدينة، بين شهر أكتوبر الذي ينعقد فيه الملتقى دوريًا وبانتظام في موعده، وبين أنه كان الشهر الذي خاض فيه السادات حربًا، كانت فيما بعد طريقًا إلى السلام، بمثل ما كانت سبيلًا إلى الانتصارات العظيمة في حينها !

ذلك أن الثابت من بعد الحرب أن مصر لم تذهب إليها إلا بعد أن كانت قد استنفدت كل الطرق إلى تحرير أرضها المحتلة، ولم يقرر السادات خوضها، إلا بعد أن اكتشف أن كل المحاولات لانسحاب العدو من أرضنا قد باءت بالفشل، وإلا ليؤسس من خلالها وعن طريقها لسلام يدوم في المنطقة !

لم يكن يريد سلامًا بين مصر وإسرائيل، وفقط، ولكنه كان يريده سلامًا بين إسرائيل والعرب جميعًا.. كان يريده سلامًا قائمًا على عودة الحقوق العربية المغتصبة لأصحابها، وكان الفلسطينيون في مقدمة أصحاب الأرض التي جرى احتلالها في الخامس من يونيو ١٩٦٧ !

وعلى الذين يرغبون في التأكد من هذا المعنى أن يعودوا إلى خطاب الرجل في الكنيست عند زيارته للقدس في نوفمبر ١٩٧٧، فلقد كان في خطابه الشهير هناك يضغط على الحروف، وعلى مخارج الكلمات، ويعيد بعض العبارات مرة، ومرتين، وثلاثاً، لعل الساسة في إسرائيل الجالسين وقتها أمامه، ولعل الساسة المتابعين لأجواء الزيارة من شتى أنحاء العالم- ينتبهون إلى أن الرجل جاء إلى القلب من إسرائيل، لا ليحوز اهتمام العالم، ولا ليجذب إليه الأنظار، ولا ليشد إليه الانتباه .. فلقد كان قد تحقق له ذلك كله وأكثر منه في حرب أكتوبر المجيدة.. وإنما كان قد جاء داعيةً إلى السلام بالمعنى الحقيقي للسلام، كما آمن به، وعاش يعمل من أجله، ويسعى إليه مدى حياته كلها !

وليس سرًا أنه لما سأله المذيع الأمريكي في برنامج تلفزيوني، عما يحب أن يكتبوه على قبره من بعد وفاته، حرك البايب الشهير في فمه، وهو يطلق دخان التبغ من بين شفتيه، وقال في هدوء وثقة: "عاش من أجل المبادئ.. ومات من أجل السلام".

لقد مات البطل من أجل رسالة السلام، التي عاش يحملها في قلبه، وهذه هي القيمة التي يجب أن تكون حاضرة في أذهان الذين سوف يؤدون الصلاة في سانت كاترين معًا.
نقلا عن مصراوى