بعد كسر «الفيل الأزرق 2» حاجز الـ90 مليونًا

جدل مستمر حول قيمة أرقام إيرادات موسم الأضحى مقارنة بأفلام التسعينيات.. وخلاف حول اسم الفيلم الذى يستحق لقب الأعلى إيرادًا فى تاريخ السينما المصرية

شهدت أرقام إيرادات الأفلام المصرية منذ موسمى عيد الفطر وعيد الأضحى الماضيين انتعاشة غير مسبوقة فى تاريخ شباك التذاكر المصرى، حيث جاء فى المقدمة فيلم «الفيل الأزرق 2» بطولة كريم عبدالعزيز وهند صبرى ونيللى كريم بإيرادات وصلت إلى 90 مليون جنيه مع توقعات بالمزيد، وفيلم «كازابلانكا» بطولة أمير كرارة وعمرو عبدالجليل وإياد نصار بواقع 79 مليونا و151 ألف جنيه، وفيلم «الممر» بطولة أحمد عز وإياد نصار، وفيلم «ولاد رزق 2» متجاوزا مبلغ 78 مليون جنيه، بينما نجح الفيلم الكوميدى «سبع البرمبة» بطولة رامز جلال وجميلة عوض فى تحقيق مبلغ 34 مليونا و540 ألفا، وفيلم «خيال مآتة» بطولة أحمد حلمى ومنة شلبى فى تحقيق مبلغ تخطى 30 مليون جنيه فى 3 أسابيع.

وتأتى هذه الأرقام لتطرح عدة تساؤلات مهمة لعل أبرزها: هل هى تعبير ورد فعل حقيقى لإقبال متزايد من الجمهور المصرى على دخول هذه الأفلام وهو ما يعكس انتعاشة واقعية فى سوق السينما، أم أنها مجرد انعكاس لارتفاع أسعار التذاكر والتى يصل سعر أقلها إلى 40 جنيها ويبلغ أقصاها 100 جنيه فى بعض دور العرض؟ وهل يجوز إطلاق لقب الأعلى إيرادا فى تاريخ السينما أم أنه مجحف بحق أفلام أخرى منذ زمن فات حققت إقبالا جماهيريا غير مسبوق؟

مديرو دور عرض: أسعار التذاكر حاليًا عادلة جدًا.. ولا يصح المقارنة بين الوقت الحالى والتسعينيات

فى البداية توجهنا لمديرى دور العرض السينمائية، حيث قال أحمد عوض مدير سينما التحرير بمنطقة الدقى: «لابد أن نلاحظ أمرا مهما يتعلق بعدد دور العرض والقاعات، ففى السنوات الـ5 الأخيرة تم افتتاح عدد كبير من القاعات فى مصر والتى وصلت إلى 50 قاعة جديدة تقريبا، مع ملاحظة أن أغلبها فى مناطق مصر الجديدة والسادس من أكتوبر والتجمع الخامس، وبالتالى هى فى أماكن غالية، وطبعا سعر تذكرتها سيكون مرتفعا، فضلا عن أن أسعار التذاكر لم تعد كما فى السابق، فالآن أقل تذكرة بـ40 جنيها وفى بعض السينمات تصل إلى 70 و100 جنيه، وبالتالى فهذان العاملان يعدان سببا قويا لارتفاع أرقام الإيرادات على هذا النحو غير المسبوق والذى لم نشهده من قبل أبدا، وبالتالى هو انتعاشة حقيقية فى سوق السينما، بالإضافة إلى أنه يجب التنويه لأمر ثالث خاص بالسينمات الموسمية، فنحن الآن فى شهور الصيف والإجازة وكثير من السينمات الموسمية تعمل فى المصايف وهذا يدخل من ضمن الأسباب لارتفاع الأرقام»، وأضاف: «لابد من التنويه أيضا لطبيعة الأفلام نفسها ومدى جودتها، فالأفلام المعروضة فى سباق عيدى الفطر والأضحى الماضيين من بطولة نجوم كبار ولهم وزنهم فى السوق وشعبيتهم أيضا، فضلا عن أنهم قدموا أفلاما ممتازة وبجودة عالية وبالتالى كان الجمهور متشوقا لمشاهدة هذه الأعمال الجيدة، وفى النهاية لا يمكن فصل أى من العوامل التى ذكرتها عن السبب فى انتعاشة أرقام الإيرادات، والتى أتوقع ألا يكون كازابلانكا والفيل الأزرق آخرها، بل أتأكد أن هناك أفلام ستتجاوز إيراداتهما بكثير».

أما أحمد كمال مدير سينما كايرو مول فى شارع الهرم وتحوى 4 قاعات عرض، فقد قال: «سعر التذاكر مناسب للغاية للوضع الاقتصادى وظروف السوق فى الوقت الحالى، فهل يعقل مثلا مع ارتفاع سعر الدولار وأسعار الخدمات المقدمة أن يظل سعر التذكرة بـ20 أو 30 جنيها؟ بالطبع لا، فنحن فى كايرو مول تتراوح سعر التذاكر بين 40 جنيها للفترات الصباحية و50 جنيها للفترات المسائية، وهو رقم عادل للغاية، ولو كان الجمهور لا يفكر إلا فى الدخول بسعر أقل للتذكرة لوجدنا الحفلات الصباحية هى ذات الإقبال الكبير، ولكن العكس هو الصحيح والحقيقى، والدليل على كلامى هذا أيضا، أن كل الأفلام لم تحقق هذا الرقم الكبير فى حجم الإيراد بل إن هناك أفلاما تناضل من أجل حفنة جنيهات»، واستطرد: «ولكن فى ذات الوقت، الانتعاشة فى السوق السينمائى حقيقية وأسعار التذاكر المرتفعة ليست سببا وحيدا لها، لأنها عادلة كما ذكرت سلفا، فضلا عن أن مستوى الأفلام المعروفة ذو جودة عالية والجمهور متشوق لمشاهدة الشغل الجيد ويريد أن يستمتع بالتقنيات الحديثة والأفكار الجديدة للأفلام ويا حبذا لو كانت لنجوم عمالقة كما يحدث الآن. أما جملة الأعلى إيرادا فى تاريخ السينما فهى مطاطة وتخضع لمعايير المرحلة نفسها، فلا يمكن أبدا مقارنة فيلم عرض فى فترة التسعينيات بفيلم فى 2019، فهناك فارق كبير فى عدد القاعات وأسعار التذاكر وغيرها من الأمور، والجدل الحادث أمر وارد الحدوث فى أى وقت وحتى بعد مرور 20 عاما من الآن».

فيما دمج محمد فتحى مدير الفترة الصباحية فى سينما جالاكسى بمول العرب بين أسعار التذاكر وجودة الأفلام، حيث قال: «لا يمكن أبدا أن نفصل بين هذين العاملين لأن أسعار التذاكر ارتفعت وتقريبا تضاعفت عن السابق، وهو ما يؤثر بشكل إيجابى على دخل شباك التذاكر المصرى، فضلا عن جودة الأفلام المعروضة فى الموسم الماضى والموسم الحالى وكلها لنجوم كبار ولهم شعبيتهم لدى الجمهور، فضلا عن سبب آخر ألا وهو كثرة عدد الأفلام أصلا بعيدا عن مدى جودتها، فالمواسم الحالية تشهد ضخ كم كبير من الأفلام، وهو ما يوجد إقبالا رهيبا على دور العرض والأمر ليس مقتصرا على الأفلام المصرية فقط ولكن الأجنبى أيضا، وطبيعة موسم الصيف نفسه تجعل الناس تحب السينما والإقبال عليها، وهذا كله بالطبع يصب فى صالح الصناعة وفى صالح شباك التذاكر والمنتجين».

محمد العدل: «الأعلى إيرادًا» مصطلح غير جائز.. ومن المفترض أن يحسب بالإقبال وليس بسعر التذكرة

وهناك رأى آخر يقول إنه لا يصح أبدا إطلاق مصطلح «الأعلى إيرادا فى تاريخ السينما المصرية» وفى مقدمتهم المنتج محمد العدل، الذى نوه بأن فيلمه «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» للنجم محمد هنيدى قد حقق وقت عرضه 28 مليون جنيه بأكثر من 4 ملايين مشاهد، ووقتها كان متوسط سعر تذكرة السينما 5 جنيهات فى حين أن أغلى تذكرة كانت فى سينما التحرير بالدقى بمبلغ 15 جنيها وسينما الشيراتون بمبلغ 20 جنيها، وقال: «من هنا لا يجوز أبدا أن نطلق أحكاما مطلقة على فيلم بأنه الأعلى إيرادا فى تاريخ السينما لأنه لو صح ذلك فلابد أن يكون فيلما هنيدى الأول السالف ذكره وهمام فى أمستردام هما الأعلى بالفعل لأننا لو حسبنا المسألة سنجد أنهما بمعدلات هذه الأيام تجاوزا الـ300 مليون جنيه، مع الإشارة لمتوسط سعر الدولار وقتها مقارنة بالوقت الحالى».

ونوه بأرقام مهمة، حيث قال العدل: «همام فى أمستردام حقق 24 مليون جنيه، وعبود على الحدود لعلاء ولى الدين حصد 15 مليون جنيه، والناظر حصد 24 مليون جنيه، أما فيلم اللمبى لمحمد سعد فاقترب من الـ20 مليون جنيه، بينما تجاوزه فيلم اللى بالى بالك بمبلغ 24 مليونا».

أحمد عبدالباسط: هناك انتعاشة حقيقية فى السوق السينمائية بسبب زيادة عدد القاعات

ومن ناحيته، قال المنتج السينمائى أحمد عبدالباسط وصاحب تجمع ميراج السينمائى فى التجمع الخامس والذى يحوى 4 قاعات عرض بسعر تذكرة 30 جنيها للحفلات الصباحية و60 جنيها للحفلات المسائية ــ: «هناك تناسب طردى بين انتعاشة أرقام الإيرادات وبين عدد القاعات التى تم افتتاحها أخيرا، فقد تشجع عدد كبير من صناع السينما على افتتاح دور عرض جديدة بسبب تغير التقنيات التكنولوجية المعتمدة فى العرض، فقد اختفت كليا نسخ الـ35 ملى والتى كانت تستلزم التحميض والطبع، أما الآن فتم التحول لنسخ الديجيتال والتى تجعل من السهل إحضار الفيلم على ديسكات رقمية وعرضها فورا فى القاعات، وبالتالى الأمور أصبحت أسهل من الماضى، وتحمس البعض لافتتاح دور عرض جديدة، ولا يمكن فى ذات الوقت إغفال أن أسعار التذاكر أصبحت أيضا أغلى عن ذى قبل، وبالتالى فإن العاملين السابقين تناسبا طرديا مع زيادة أرقام الإيرادات، وكله بالطبع لصالح الصناعة ويشجع المنتجين على مزيد من الإنتاجات الضخمة، لأن المنتج لن يتردد كثيرا كما فى السابق كى يتصدى لإنتاج فيلم يتكلف ملايين الجنيهات وهو يحمل هم الخسارة، فالآن الوضع مختلف وأفضل كثيرا».

طارق الشناوى: انتعاشة شباك التذاكر سببها ذكاء صناع الأفلام ولعبهم على آمال ومشاعر الجمهور

أما الناقد السينمائى طارق الشناوى فكان له رأى مختلف، حيث قال: «لا أجد أن ارتفاع أسعار التذاكر سبب مباشر ودقيق لانتعاشة أرقام الإيرادات بدليل أن هناك أفلاما لم تستطع حصد أى شىء بل على العكس قد يكون منتجو هذه الأفلام قد خسروا بسببها، ولكن السبب الحقيقى فى أن كازابلانكا والممر والفيل الأزرق استطاعا حصد هذه الأرقام الرهيبة فى مدة قصيرة هو ذكاء صناعهم وخصوصا المخرجين، فمروان حامد وبيتر ميمى يعلمان جيدا طبيعة الجمهور الذى يتوجهون إليه ويعطيانه ما يريده بدقة، فقد استطاعا قراءة أحلام ومشاعر وتوجهات هذا الجمهور والذى يعلمون جيدا أنه لا يخرج عن الفئة العمرية التى تتراوح بين 18 و30 عاما وقدموا له موضوعات تجذبه بقوة ووفروا لها كل الإمكانيات من مؤثرات بصرية وتقنيات إخراجية جذابة للغاية وملهمة»، وأضاف: «وعلى سبيل المثال فإننا إذا نحينا الرواية جانبا فى فيلم الفيل الأزرق، فسوف نجد أنه يلعب على فكرة حبوب الهلوسة لدى الشباب لأنه حتى إذا كانت شريحة منه لا تتناول هذه الحبوب فهم يسمعون عنها، وقدم لهم فى الفيلم الخيال عما يمكن أن تفعله هذه الحبوب. وقد قد فيلم كازابلانكا الـ«أكشن» على الطريقة الأمريكية التى عادة ما يحبها الشباب ويتأثر بها، أما فيلم «الممر» فيحسب لمخرجه القدير شريف عرفة مرونته وقدرته على التعامل مع الزمن الذى يعيش فيه، وبالتالى فسوف نجد أنه قدم فيلما ناجحا استطاع حصد إيرادات كبيرة، وبناء على كل العوامل المذكورة سلفا لم تكن أرقام شباك التذاكر الكبيرة إلا ترجمة لذكاء صناع هذه الأفلام».

وختم كلامه بالقول: «كل هذا بعيدا عن الطموح السينمائى أو العمق فى التناول، ولكنه ذكاء وقراءة جيدة للجمهور ومتطلباته فى الوقت الحالى».