يقولون إن الشخصية الإنسانية هى مجموعة عادات تمشى على قدمين!! وهذا بالطبع يعنى أن كل عادة نكونها لأنفسنا، سلبية كانت أم إيجابية، تعبر عن واقع داخلى فى الكيان الإنسانى، فى الفكر وفى القلب!! لذلك نذكر القارئ بهذا المثل:

 
 
1- ازرع فكرًا.. تحصد عملاً..
 
2- ازرع عملاً.. تحصد عادة..
 
3- ازرع عادة.. تحصد خلقًا..
 
4- ازرع خلقًا.. تحصد مصيرًا..
 
أولاً: وهذه حقيقة أكيدة، فالإنسان يبدأ سلوكياته بالفكرة. وحينما تعرض له فكرة وينفعل بها ويقبلها، يحول هذه الفكرة إلى عمل.. وعندما يتكرر هذا العمل، يتحول إلى عادة، ومجموع العادات التى يكتسبها الإنسان تشكل أخلاقياته.. وأخلاقياته تحدد نوع مصيره. فلو أن الفكرة كانت خاطئة، يكون الفعل المكمل لها خاطئًا.. وإذ يتكرر الخطأ يتكون لدينا عادة سلبية.. ومجموع العادات السلبية يعطى صورة سيئة للأخلاق.. ومصيرًا سيئًا فى النهاية.
 
ثانيًا: وما نقوله عن الفكرة الخاطئة، ينطبق أيضًا على الفكرة الإيجابية، التى تتحول إلى فعل إيجابى، ثم عادة بناءة، وخلق طيب، ومصير جيد!!
 
ثالثًا: الفكر - إذن - هو بداية الفعل، وتكراره هو الطريق إلى تكوين عادة، والعادات لها أثرها الخطير على تكوين الشخصية، وبالتالى على مصير الإنسان.
 
ترى.. ما هو موقع العادة فى الكيان الإنسانى؟
 
- موقع العادة فى الكيان الإنسانى:
 
أحبائى الشباب.. نرجو أن نتذكر أن العادة هى جزء من الكيان النفسى للإنسان، الذى يتكون أساسًا من قسمين:
 
- الأول موروث: وهو الغرائز والحاجات النفسية.
 
- والثانى مكتسب: ونقصد به العادات والعواطف والاتجاهات.
 
العادات - إذن - هى جزء من الجهاز النفسى للإنسان. ولكن نفس الإنسان، يجب أن تكون خاضعة لثلاثة قوى، حتى تتكون لدينا عادات سليمة إيجابية وبناءة، وهذه القوى الثلاث هى:
 
1- قوة العقل:
 
وهى قوة محدودة، ويمكن أن تخطئ، ولكنها عموما قادرة على التمييز بين الصالح والضار، فإذا ما وردت فكرة على ذهن الإنسان كأن يتعلم التدخين، أو يشرب خمرًا، أو يأخذ مخدرات، أو يمارس نجاسات، سرعان ما ينبرى له الفكر قائلاً: هذا خطأ قبل أن يكون خطيئة!! هذا دمار لجسدك كما هو دمار لروحك.. بل الأخطر أنه يمكن أن يكون دمارًا لمصيرك الأبدى!!
 
- فالتدخين يسبب أمراض القلب وسرطان الرئة. والخمر تسبب أمراض الكلى وسرطان الكبد.
 
- والمخدرات تحدث تآكلا وضمورًا فى المخ، وتحوّل الإنسان إلى حطام!!
 
- والنجاسة تحدث الكثير من الأمراض وأخطرها الإيدز!!
 
يجب إذن أن يعرض الإنسان كل فكرة أو شهوة أو نداء من الداخل أو الخارج (مثل دعوة من صديق، أو إيحاء من عدو الخير).. يعرض كل هذا على العقل، وسوف يكون للعقل كلمته المهمة فى الكثير من الأمور.
 
2- قوة الروح الإنسانية:
 
- فهى دائمًا تشتهى ضد الجسد، والجسد يشتهى ضدها.. ومن هنا يكون للروح كلمة مهمة أيضًا فى قيادة الفكر، وتوجيه الإرادة، وضبط السلوك اليومى. الروح هى العنصر الإلهى فينا، ولذلك فهى تميل إلى التدين والبر والقداسة، وهى متصلة بالضمير، ذلك الصوت القادم إلينا من الله، والمغروس فى طبيعتنا، ليهدينا إلى الخير، ويبعدنا عن الشر.
 
- لكن الروح الإنسانية محدودة، وقابلة للتلوث. لهذا فنحن نصلى دائمًا إلى الله طالبين منه أن «يطهرنا من دنس الجسد والنفس والروح»... ومهما كانت تأثيرات الروح الإنسانية والضمير علينا، فهناك حدود لهذه التأثيرات، التى يمكن أن تنهزم أمام سطوة الجسد، وغواية إبليس!!
 
- لذلك فنحن نحتاج إلى قوة إلهية غير محدودة، لكى تسند جهادنا...
 
- من هنا يجب أن تكون أفكارنا وميولنا وعاداتنا، خاضعة للتفكير السليم المدروس، المستعين بإرشاد أحد حكيم.
 
لو فعلنا ذلك، فسوف نختار العادات الإيجابية البناءة، ونرفض العادات السلبية الهدامة.
 
- لذلك وجب على الإنسان أن يعرض كل فكرة أو دعوة أو إغراء، أمام هذه القوى الثلاث، وبذلك تتكون لديه عادات إيجابية بناءة، تؤدى إلى تكوين شخصية مقدسة، ومصير زمنى وأبدى سعيد.
نقلا عن المصرى اليوم
 
ولكن يأتى السؤال المهم، كيف نتخلص من العادات الضارة،؟ (للحديث بقية)
 
* أسقف الشباب العام
 
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية