كتب - ايهاب رشدى 
قال الدكتور عاطف نجيب ، أستاذ القبطيات بجامعة القاهرة و المديرالسابق للمتحف القبطى ، أن هناك عين ماء  - لا يُعرف مصدرها - فى دير الانبا انطونيوس بجبل القلزم ، تنبع من تجويف داخل الصخر طوله نحو ثمانية امتار ، و تقدر كمية المياه المنسابة منها يوميا  حوالى 100 متر مكعب  من الماء النقى تتدفق ليلاً نهاراً و بسرعة سريان ثابتة ، و انه لولا هذه العين لما أمكن للقديس الأنبا انطونيوس أن يسكن فى تلك البقعة و لا استطاع رهبانه أن يقيموا فى ذلك المكان و أن يؤسسوا ديرهم العظيم فى بطن الجبل . 
 
وتابع أستاذ القبطيات بان البابا شنودة الثالث فى عام 1980 اهتم بانشاء خزانات لتخزين ماء العين و تغذية مرافق الدير الرئيسية كما تم عمل خزنات جديده اخرى فى رئاسة الانبا يسطس رئيس الدير . 
 
ويقول الدكتور عاطف نجيب فى محاضرة له عن دير الانبا أنطونيوس وهو القديس الذى نشات على يديه الرهبنة فى مصر ،  انه يرتفع 410 متر تقريبا عن سطح البحر ، وقد أقام الانبا أنطونيوس فى مغارة بهذا المكان تبعد حوالى 1000 متر عن الدير الحالى ، ثم التف حوله عدد كبير من الرهبان مما ادي الى بناء كنيسة يجتمع فيها مع الرهبان و بعد انتقاله بدأ الرهبان فى بناء مخزن للطعام و مطبخ و قلالى و ذلك على مساحه لاتزيد عن 3 أفدنة يضمها سور من الحجر و وكان ذلك اثناء حكم الامبراطور يوليانوس 360 -363 م و فى ايام حكم الامبراطور جستنيان تضاعفت مساحته إلى 6 افدنة  و استمر ذلك حتى ايام البابا كيرلس الرابع الذى بنى حصنا لحماية الدير من الاعتداءات الخارجية  ، و قد تعرض الدير لاعتداء الفرس سنة 610م فى عصر البابا انسطاسيوس البابا الـ36 ما بين 605-616 م و تعرض أيضا للنهب من جهه البدو أثناء تولى البابا ميخائيل الاول ما بين 743-767م ، ثم تعرض لدمار شامل واستشهاد رهبانه ما بين سنة 1004 -1032م فى أيام البابا زخارياس الاول ، و قد دمر البدو الذين عاشو فى الدير لخدمه الرهبان المكتبة العظيمة التى  كانت به ، و أحرقوا كل المخطوطات الموجوده بالدير و ظل الدير خربا خال من الرهبان إلى ان جاءت رسامة الراهب روفائيل السريانى بطريركا  فى اكتوبر سنة 1525م باسم البابا غبريال السابع الـ 95 ، حيث أرسل 20 راهبا من دير السريان الى دير الانبا انطونيوس وزودهم بالكتب و أوانى المذبح و كل ما يلزم لتعمير الدير من غذاء و كساء و قد سجل رهبان الدير نياحه الانبا غبريال السابع على جدران كنيسة الانبا انطونيوس الاثرية فى الجهه القبلية الشرقية من الخورس الثانى يوم الثلاثاء الموافق 29 بابه سنة 1285 للشهداء .
 
و فى اواخر القرن الثامن عشر تمت بالدير كثير من التغيرات ففى عام 1766م قام حسب الله البياضى باعاده بناء كنيسة القديس مرقس الانطونى و فى عام 1772 م أعاد المعلم لطف الله شاكر بناء كنيسة الرسل و فى عام 1783م قام المعلم ابراهيم الجوهرى بتوسيع الدير فضم إليه رقعه واسعه من الارض و شيد السورين الغربى و القبلى و الساقية مع السور البحرى
 
اما التوسعات التى اجريت فى هذا الدير و جعلت مساحته على الوجه الحالى 20 فدان تقريباً فهى التى قام بها البابا كيرلس الرابع فى القرن التاسع عشر و استمرت من عام 1856-1858 م و ابرزها بقية السور الذى يضم الاسوار القديمة و الكنيسة الجديدة و هى المكتبة الحالية و صفان من القلالى و منطقه فى الجهه الغربية كان يطلق عليها شونه الماعز و تبلغ مساحتها تقريبا 5 أفدنة و منطقه اخرى فى الجهه القبلية يطلق عليها بين الاسوار و تبلغ مساحتها 3 افدنة .
 
وعن وصف أسوار الدير يقول أستاذ القبطيات أنها قد انشئت فى عهد الملك يوليانوس ما بين سنة 360-363م ثم دعمها بعد ذلك الملك جوستنيان عام 537م  ، و تم اضافه مساحه جديدة للدير فى عهد البابا كيرلس الرابع 1858م حيث بنى اخر اسوار للدير اذ بلغ ارتفاعها ما بين 9: 14 متر .
 
أما الباب الأثرى للدير فيرجع تاريخ انشائه الى القرن 19 و يقع بالسور من الجهه البحرية وهو باب ضخم من الخشب المصفح بالحديد يتكون من مصراع خشبى عرضه 3.60متر و ارتفاعه 4.5 متر ويتكون من عده براطيم خشبية بسمك 7سم ومغطى بالصاج من الداخل بأرتفاع 1.70م من أسفل أما من الخارج فالباب جميعه مغطى بالصاج ومثبت بمسمامير.
 
ويذكر المدير السابق للمتحف القبطى أن الدخول الى الدير كان يتم بواسطة " الساقية " حيث يتم بها رفع الشخص الى أعلى الأسوار و قد انشئت فى عصر البابا كيرلس ابو الاصلاح وظلت تستعمل حتى منتصف القرن العشرين فى ادخال الاشخاص للدير و فى ادخال المؤن الخاصة بالدير من حبوب و بقول و هذه الساقية هى عباره عن اسطوانة خشبية تدور حول محور راسى بواسطه اربعه اذرع و قد ثبتت فيها حبل سميك مار على بكرة يتدلى من طرفه المنتهى بخطاف يمر بتجويف الى خارج السور ، و كانت الساقية تستعمل حتى وقت قريب فى رفع الاشخاص الذين يفدون الى الدير رغم وجود الباب و ذلك خوفاً من هجمات الاعداء .
 
وعن الحصن الموجود بالدير يقول أستاذ القبطيات انه قد بنى فى عهد الامبراطور جوستنيان سنة 537م و هوبناء مكون من ثلاثه طوابق يبلغ ارتفاعه نحو 15 مترا و يمكن الوصول اليه عن طريق قنطرة خشبية تتحرك بواسطه سلسلة حديديه تدور حول بكرة مثبته فى الدور الثالث لتفصل الحصن عن مبنى الروبيطه  ، وكان الحصن يحمى الرهبان اذا ما حدث اى هجوم على الدير حيث كانوا  يأخذون معهم الاشياء الثمينه و ما يحتاجونه  من غذاء وكساء ووقود حتى يتمكن لهم البقاء فى الحصن لعده شهور  ، اما الروبيطة فهو بناء مكون من ثلاثة طوابق يوجد بالدور الاول منه المائده الاثرية و هو عباره عن حجرة مستطيلة طولها 15 متر و عرضها 4 امتار يعلوها سقف مقبب و فى وسطها مائده من الحجر ، والدورالثانى كنيسه باسم السيده العذراء وكنيسه بإسم الشهيد مار جرجس والدور الثالث كنيسه بإسم الشهيد أبانوب و قد بنى هذا المبنى فى القرن السادس الميلادى ملحقا بالحصن . 
 
وتوجد بالدير طاحونة أثرية يرجع تاريخها للقرن التاسع الميلادى وهى عبارة عن وحدتين لطحن الغلال كانت تستخدم حتى وقت قريب وعليها نص كتابى بالعربية ، كما يوجد الطافوس - كلمة يونانية معناها المقبرة - و يقع فى وسط الحديقه فى الجزء الشرقى للدير و تم انشاءه فى عهد الانبا ايساك مطران الفيوم عام 1669 للشهداء حوالى سنة 1953م كما يوجد طافوس حديث بنى سنة 1987م فى رئاسة القمص ابسخريون الانطونى فى وسط الحديقة
 
أما مكتبة الدير فقد كانت تحتوى على مجموعه كبيرة من المخطوطات الناردة و لكنها تعرضت  للنهب و الحرق و لم يبق منها الا اسفار قليلة و لما عُمر الدير ثانيه ايام الانبا غبريال السابع جمع الرهبان ما تبقى من الكتب القديمة وبدأوا يعملون على تنميتها ،و هى الآن تحتوى على اكثر من 5 الاف كتاب بين مخطوط و مطبوع فى مختلف العلوم و الفنون ، وأقدم الكتب الخطية بالمكتبة نسخ فى القرن العاشر الميلادى و الباقى فى القرن الثالث عشر و القرن الرابع عشر وما بعدها و قد خصص لها الآن مبنى الكنيسة التى بناها البابا كيرلس الرابع
 
وعن كنائس الدير يقول الدكتور عاطف نجيب أن دير الانبا انطونيوس يعد أغنى الاديرة من حيث عدد الكنائس و المذابح العامرة حتى الان حيث يضم 12 كنيسة ومذبحا ، أقدمها كنيسة الأنبا أنطونيوس  والتى تعد أقدم الكنائس بالديروقد بنيت فى القرن الرابع الميلادى ، وببلغ طولها 19م وعرضها 6م وبها ثلاثه هياكل و قد كانت هذه الكنيسة على اسم السيده العذراء مريم الا انه بعد انتقال الانبا انطونيوس سنة 356م الى السماء وضع الآباء الرهبان جسده الطاهر فى المغاره الموجوده اسفل الخورس الاول من الكنيسة و قاموا بتغيير اسمها لتصبح على اسم القديس العظيم الانبا انطونيوس ، وتحتوى هذه الكنيسه بداخلها على كنيسه أخرى وهى كنيسه الأربع كائنات غير المتجسدين, والتى بنيت فى القرن الرابع وهى أصغر الكنائس الموجوده بالدير و قد جمعت هذه الكنيسة اول مجموعه رهبانيه حول القديس الانبا انطونيوس فى هذا المكان و على جدران هذه الكنيسة ايقونات جميله من القرن الثالث عشر صورت المنظر الذى راه يوحنا فى رؤياه و تعيد الكنيسه يوم 8 هاتور من كل عام تذكار الاربعه كائنات الغير المتجسدين و يقام القداس بهذه الكنيسة فى هذا اليوم . 
 
كما يضم الدير ، كنيسة القديسين بطرس و بولس الرسولين ، وكنيسة الانبا مرقس الانطونى   و كنيسة رئيس الملائكه ميخائيل و كنيسة الانبا بولا و الانبا انطونيوس الجديدة و كنيسة السيده العذراء و كنيسة الشهيد مارجرجس و كنيسة الشهيد ابانوب و الست رفقه و اولادها
 
و كنيسة القديس بولس البسيط و كنيسة الصخرة و كنيسة فى وسط الجبل تظهر من الباب الكبير للدير . 
 
أما المغارة التى عاش فيها الانبا انطونيوس فتقع  خارج ابواب الدير الاثرى من الجهه الغربية القبلية فى اعلى الجبل الذى يسمى بجبل القلزم او جبال القلالة أو جبل الانبا انطونيوس و تبعد عن الدير حوالى 1000متر.