كتبت - أماني موسى
قال ثروت الخرباوي، الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن الذين سيسوا الدين شوّهوا فطرة الناس، فأصبح كلُ شيء مُلتبسا في حياتنا، هذا يسأل عن حُكم تهنئة الأقباط بأعيادهم أو إلقاء السلام عليهم فيردون بالتحريم، وحُكم أكل الخُشاف وشُرب المياه الغازية وشُرب الماء بوضعية وقوف الشارب والتبول واقفًا في المراحيض الحديثة ووووووووووو فيردون بالتحريم.
 
وتابع في تدوينة عبر حسابه بالفيسبوك، الحقيقة أن الله سبحانه ترك لنا مساحة كبيرة جدًا في حياتنا نتحرك فيها كما نشاء، ولم يضع لنا ضوابطًا إلا في أقل القليل، فالله تركنا لفطرتنا ولم يُحرم علينا إلا ما أورده في الكتب السماوية حصرًا، ولكن كهنة الأديان أضافوا من المُحَرَّمات ما تعجز الجبالُ عن حَمْله، وكأن اللهَ خلقنا ليُحرِّم علينا مُعظم حياتنا ! 
 
مستطردًا، نحن بَشَرْ فطرنا الله على فِطرةٍ سليمة، فطرنا على الحب والحرية والكرامة والعدالة والرحمة، فطرنا على الرغبة في المعرفة، وحفظ النفس والمال والعقل والنسل، فمن فسدت فطرته وساء خلقه لم يعرف للحب طريقًا، ولا للحرية مجالاً، ولا للكرامة الإنسانية قيمةً، ولا للعدالة مكانًا، ولا للرحمة موضعًا في قلبه، من فسدت فطرتُه كان قاتلاً، وأبشع القتل أن يرتكبه ذلك الفاسد باسم الدين! ومن فسدت فطرته سرق مال الناس وهتك أعراضهم باسم الإسلام! وهكذا وهكذا.
 
مضيفًا، وقد عرَّفنا اللهُ سبحانه حقائق الفطرة التي فطرنا عليها لنستهدي بها في كل حياتنا، فقال لنا إنه خلقنا أحرارًا ولذلك "لا إكراه في الدين" ولذلك أيضًا "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ثم قال "إنَّا هديناه السبيلَ إما شاكرًا وإما كفورًا" فالإنسان بفطرته هذه هو الذي يملك حريته في أمور العقيدة والإيمان، فما بالك بما هو أدنى من ذلك في كل حياته، والله هو الذي فطرنا على الرغبة في المعرفة، أما اكتساب المعرفة فيتم من خلال تجربة الإنسان الحسية في حياته، لذلك كان سعيه وهو في جنة "الخَلق" أن يعرف ما هية "الشجرة المحرمة".
 
وأختتم، وقد مارس آدم فطرته في المعرفة رغم الأمر الإلهي إليه بعدم تناول ثمرتها، فتغلبت فطرتُه في المعرفة على التزامه بتنفيذ أمر الله الذي أصدره له، لنعرف من خلال هذه القصة أن المعرفة فطرة، وأن اتباع أمر الله ليس فطرة وإلا لانصاع آدم لها، ولو كان اتباع أوامر الله فطرة لما كانت لحرية العقيدة قيمة، ومن هنا نستطيع فهم الآية القرآنية "وهديناه النجدين" أي عرَّفناه طريق الخير وطريق الشر، وأيضًا من خلال هذه القصة نستطيع فهم الآية القرآنية "ونفسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها" فالنفس الإنسانية تدور بين الفجور والتقوى، والإنسان حر في أن يسلك هذا الطريق أو ذاك، ولكنه في كل ذلك يرتكز على فطرة المعرفة التي فطره الله عليها.