قال الشيخ مجدى عاشور، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن النذر لا يغير من قضاء الله شيئًا، ولكًن الدعاء يغير، مبينًا أن إيضاح مثل هذا الفرق يعد من ضمن تجديد الخطاب الدينى.

 
وأوضح الشيخ مجدى عاشور، فى إجابته عن سؤال ورد إليه يقول صاحبه: «نذر رجلٌ أن يذبح إذا نجح ابنه ثم توفي؛ فهل يجب على أولاده أن يوفوا بالنذر؟»، أنه من باب تجديد الثقافة الدينية لدى الناس: أن لا يلزم الإنسان نفسه بأمر ليحقق الله له رغبة، بل إن الدعاء هو الطريق الأمثل والأسرع لقضاء حاجات الإنسان عند ربه.
 
وأضاف: "إن النذر لن يحقق لك ما تطلب إن لم يكن فى تقدير الله لك، فالدعاء يغير قضاء الله والنذر لا يغيره"، مبينًا أن النذر يعتمد على الاشتراط أما الدعاء فيعتمد على الانكسار والتذلل للمولى – عز وجل.
 
وأكد أمين الفتوى أن إخراج الصدقات يغنى عن الأموال التى يخرجها الانسان إذا نذر، مستشهدًا بما رؤى عن الرسول – صل الله عليه وسلم- قوله:«حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَة، وَاسْتَقْبِلُوا أَمْوَاجَ الْبَلَاءِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ".
 
وأشار فى إجابته عن السؤال أيضًا، إلى أن النذر لا يسقط بالوفاء؛ فإن كان الإنسان قد حدد مبلغًا من المال مثلًا للوفاء بنذرٍ ما، ثم توفى؛ وجب على ورثته إخراجه من التركة؛ لأنه يعد دينًا فى ذمته.
 
يذكر أن النذر هو إلزام المسلم نفسه فعل ما لم يلزمه به الشرع، سواء كان ذلك الأمر منجزًا كأن يقول: "لله عليّ أن أصوم يوم الخميس" مثلًا، أو كان معلقًا بحدوث أمر ما كأن يقول: "عليّ لله صلاة أربع ركعات إن شفاني الله من المرض"، وينعقد النذر بصيغ عدة منها:« لله عليّ، أو نذرت لله، أو عليّ لله، أو نحوها».
 
أحكام النذر
- حكم النذر أنه منهي عنه، ولكن متى رزق الله عباده بخير شكره عباده عليه بطاعة أو صلاة أو صدقةً أو غيرهم، فالمؤمن يجب عليه ترك النذر، ولكن إن كان نذر طاعة وجب عليه الوفاء به؛ لأن الله أثنى على الموفين بالطاعات، قال تعالى: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا»،(سورة الإنسان: 7).
 
- أمّا إذا كان النذر في معصية فلا يجوز له الوفاء به كأن ينذر أن يسرق، أو يشرب الخمر، أو غيرها، فهذا نذر منكر لا يجوز الوفاء به، وذلك لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه»، صحيح ابن حبان، وعليه عندئذ كفارة يمين عن هذا النذر.
 
أمّا فيما يتعلّق بالنذر المباح إن شاء فعل، وإن شاء كفّر عنه، لقول النبي - صلى الله عليه وسل-: «كفارة النذر كفارة اليمين»، صحيح مسلم.
 
شروط الناذر
- أن يكون مسلمًا، فلا يصح النذر من غيره.
- أن يمتلك الناذر حرية الاختيار، فلا يصح النذر المكره عليه صاحبه.
 
- أن يكون نافذ التصرف فيما ينذر، فلا يصح نذر الصغير وغير العاقل.
- أن يكون مكلفًا؛ أي بالغ، عاقل.
 
- أن ينطق الناذر بالنذر، فلا يصح النذر بالإشارة إلا من الأخرس الذي إشارته مفهومة.
 
شروط المنذور
- أن يكون قربى لله، غير واجبة بغير نذر.
 
- أن يكون المنذور عبادة مقصودة، فلا يجوز النذر بما هو وسيلة للعبادة كالوضوء والأذان، وبناء المساجد، وغيرها، فهذه الأمور وأن كانت قربة لله إلا أنّها غير مقصودة بذاتها، بل المقصود ما ترتب عليها.
 
- أن يكون المنذور به متصور الوجود في الشرع، فلا يصح النذر بما هو غير موجود كأن يقول المسلم: "لله عليّ أن أصوم ليلًا مثلًا".
 
جدير بالذكر أن الدعاء هو: عبادة مشروعة يتوجه بها العبد إلى ربه وحده لا شريك له، فيسأله ويطلب منه ما يرجوه من أمور الدنيا والآخرة، والدعاء من أفضل العبادات التي يحبها الله سبحانه وتعالى.
 
ووردت مشروعيته في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين»، [سورة غافر: 60]، وفي الأحاديث الشريفة ما ورد على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم- قوله: «أفضل العبادة الدعاء» [صحيح].
 
أفضل أوقات للدعاء
خص الله سبحانه وتعالى مواقيت معينة لإجابة الدعاء، وحثنا على استثمارها واستغلالها على الوجه الأكمل لتحقيق المراد، ويمكن تلخيص هذه الأوقات المباركة في ما يأتي:
 
- الثلث الأخير من الليل، وثلث الليل يختلف حسب طوله، وعمومًا يمكن حسابه عن طريق تقسيم الساعات من بعد أذان المغرب وحتى أذان الفجر إلى ثلاثة أقسام: عند سماع صوت الأذان تنبيهًا بدخول وقت الصلاة؛ خلال الفترة الممتدة بين الأذان والإقامة؛ عند السجود في الصلاة.
- بعد أداء الصلوات الخمس.
 
- عند نزول المطر.
- خلال الفترة الممتدة بين صعود إمام صلاة يوم الجمعة على المنبر إلى أن تنتهي الصلاة.
- نهار يوم عرفة؛ وهو اليوم الذي يسبق عيد الأضحى، وعادةً ما يصومه الناس من غير الحجاج.
 
- عند لقاء العدو.
-ليلة القدر، والتي تصادف إحدى الليالي الفردية من العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.
- ليلة الجمعة ويوم الجمعة.
 
-عند شرب ماء زمزم.
- قبل الإفطار في أيام الصيام.
 
آداب الدعاء:
- إخلاص النية لله تعالى، وإفراده وحده لا شريك له بهذه العبادة.
- بدء الدعاء وختامه بحمد الله، والثناء عليه، وشكره على النعم، والصلاة على النبي محمد -صل الله عليه وسلم-.
- الإيمان الذي لا يشوبه شك بإجابة الدعاء. استحضار القلب والخشوع. التوجه لله سبحانه وتعالى بالدعاء في السراء والضراء.
 
 
- تجنب الدعاء على النفس أو أحد من الأهل أو الولد.
- خفض الصوت أثناء الدعاء، فيكون وسطًا بين الجهر والمخافتة.
 
-عدم التكلف بالدعاء، سواء من ناحية الصيغة، أو السجع، فالدعاء لا صيغة له، والعامية منه لا حرج فيها.
-اجتناب الدعاء بالإثم أو القطيعة أو الفقد.
 
أسباب إجابة الدعاء:
- اجتناب المعاصي.
-الإكثار من الأعمال الصالحة.
- التوبة وردّ الحقوق إلى أصحابها.
- تكرار الدعاء ثلاث مرات.
-الدعاء على طهارة مع استقبال القبلة ما تيسر.
- الكسب الحلال من حيث المطعم والمشرب والملبس.
- تخصيص الوالدين والأولياء الصالحين بدعوة.