مدحت بشاي
من منا لم يطرب ويرقص فرحًا وامتنانًا مع كل خطوة كان يخطوها فريق المنتخب المصرى (تحت 19 سنة) للحصول على كأس العالم، حتى كانت الليلة الكبيرة والفرح العام الذى سكن كل بيوت المحروسة وشوارعها وبات فى جدان ومشاعر وقلوب كل المصريين بالتتويج والحصول على كأس العالم..

شباب يفرح.. واحنا بنتلكك على فرحة، ونقول دى خطوة مباركة يا أولاد النهارده وبكرة.. قدروا ينسونا ولو لحين تبعات فتاوى الكراهية ونبذ الآخر ودعاوى التخلف وعمليات ميليشيات الشر الإرهابية، وفى كل حتة فى منطقتنا والعالم كله.. وكأنهم قالوا معانا مفاتيح بوابات الأمل والرجاء والاستبشار بدنيا جديدة.

وعليه، أسعدتنى إشارة أ.د. محمد كمال بمقاله الأخير بجريدتنا الغراء «المصرى اليوم» إلى أهمية التأكيد أننا أمام أبناء جيل جديد ومختلف عما سبقه من أجيال، فأعضاء هذا الفريق ولدوا عام ٢٠٠٠ وما بعدها، وهذه الفئة العمرية من الشباب تطلق عليها الدراسات العلمية اسم «جيل ز» أو باللغة الإنجليزية Generation Z، وهم الذين ولدوا ما بين منتصف التسعينات إلى أوائل الألفية الثانية، وهم يختلفون عن الجيل الذى سبقهم وأطلق عليه جيل الألفية Millennium.

وأضاف «كمال» كباحث أكاديمى أن هناك العديد من الدراسات أجريت عن أبناء هذا الجيل، منها مشروع بحثى كبير بجامعة ستانفورد الأمريكية للتعرف على خصائصهم وسماتهم، وكيف يقضون وقتهم، وما هى قيمهم، وكيف يرون العالم من حولهم بشكل عام. ووفقا لهذه الدراسات، فإن شباب هذا الجيل يطلق عليه صفة الجيل الأول من السكان الأصليين للإنترنت، فهم لم يروا العالم بدون الإنترنت، وولدوا وترعرعوا فى ظل ثورة الاتصالات، وأصبح الفضاء الإلكترونى بمثابة بيتهم، أو الماء الذى تعلموا فيه السباحة. ويمتص أبناء هذا الجيل أطنانا من المعلومات الجديدة كل يوم، والتعامل بسهولة مع العديد من المهام فى وقت واحد (أعضاء منتخب اليد حققوا إنجازهم الرياضى أثناء انشغالهم أيضا بالدراسة).

أعتذر للإطالة فى الاقتباس من مقال د. محمد كمال، وإنما تعمدت إعادة استعراض جوانب من سمات هذا الجيل، لتقدروا بشاعة أن يصدمك عزيزى القارئ أن يكون المانشيت الرئيسى لجريدة خاصة، وباللون الأحمر (صفحة أولى) فى اليوم التالى للتتويج، هكذا «ناشئو مصر أسياد العالم».. وانفردت وحدها بذلك العنوان، ولكن فى اليوم التالى كانت المفاجأة أن حوالى 80% من عناوين الإصدارات اليومية والأسبوعية قد قرر أصحابها ومبدعوها استخدام نفس التعبير، بل قرر نجم أحد برامج المساء والسهرة دعوة مشاهديه لمتابعة هاشتاج «رجال اليد أسياد العالم» الذى أطلقه بمناسبة ذلك المولد!!.

إنها رسالة تتسم بالشيفونية والعنصرية الجاهلة، وعدم إدراك لمفهوم ورسالة «الرياضة» ودور الإعلام الوطنى المسؤول، ويحدث ذلك فى نفس توقيت ذهاب مدرب الفريق المنافس لتهنئة مدربنا ولاعبينا بكل مهنية واحتراف ووعى بمفهوم «الرياضة» التى يعرفها العالم وكنا نعرفها نحن أيضًا، والتى لا تعرف درجات «الأسياد والعبيد».

المدهش أكثر عدم التعليق أو المحاسبة والعقاب على تلك الجريمة المسيئة لبلد رئيسه هو رئيس الاتحاد الإفريقى، وهو العف اللسان بحكمة واقتدار، والذى لا يستخدم معلقات الجاهلية الغبية فى الحماسة والفخر بمبالغات مرضية فى أى ظرف تاريخى مهما كانت بشاعاته!!.

لقد حقق فريق هوكى الشرقية العديد من تلك الانتصارات، وأيضًا شباب وفتيات «الاسكواش» ولم نمنحهم شرف «سيادة العالم»، ويبقى السؤال: هل كل فرقنا فى كل الألعاب «عبيد» طالما لم يتوجوا بكأس العالم؟!.
نقلا عن المصرى اليوم