بقلم/ماجد كامل
كل من يقوم بزيارة للسفارة السويسرية في القاهرة ؛يشاهد تمثالا لفتاة وهي تمسك مشطا في يدها اليمني ؛وأبريق للاستحمام في يدها اليسري ؛ وتحت التمثال موضوع أسم سانت فيرينا . وفيرينا هذه فتاة صعيدية جاءت من بلدة تدعي كركوز ؛وهي حاليا قرية صغيرة بمركز قوص محافظة قنا ؛وهي بنت أحدي العائلات الغنية هناك ؛وقد تربت تربية مسيحية حقيقية ؛ وفي عصر الامبراطور مكسيميان (286-305 ) حدثت ثورة في بلاد الغال (فرنسا حاليا ) ؛فتقدم بجيشه من روما إلي هناك لإخماد هذه الثورة ؛ وعندما وصل واكتشف ضخامة حجم المتمردين وعدم قدرته علي ردعهم وحده ؛ طلب من والي الاسكندرية أن يمده بالعون من القوات الأضافية لمقاومة هذه الثورة ؛ فأرسل اليه الامبراطور كتيبة من طيبة (بلاد الأقصر حاليا ) ويبلغ قوامها حوالي ستة آلاف وستمائة جندي. وكان قائد الكتيبة يدعي موريس ؛ وكانت الكتيبة كلها من المسيحين ؛ فتحركت السفينة بالكتيبة متوجهة إلي مدينة روما ؛ وهناك قسمت الكتيبة إلي فصائل كل فصيلة تضم نحو خمسائة جندي .


وكان من عادة الجنود أن يقدموا ذبائح للأوثان قبل الدخول في الحرب لضمان أن ينتصروا في المعارك ؛ وبالطبع رفض موريس وباقي أفراد البكتيبة تقديم الذبائح ؛فأستدعاهم الإمبراطور مكسيميان وطلب إليهم تقديم الذبائح ؛فأرسل موريس رسالة إلي الإمبراطور يرفض فيها تقديم مثل هذه الذبائح ؛فاستشاط الإمبراطور غضبا ؛وأمر أن يقتل عشر كل مجموعة من فصائل الكتيبة ؛لعل الباقي يخاف ويرتدع ؛فلما رأي إصرار الجميع علي عدم تقديم الذبائح أمر الإمبراطور بقتلهم جميعا ؛وتم ذلك في مدينة آجون مقاطعة فاليس جنوب غرب سويسرا . وهذه المنطقة تعرف حاليا بمدينة سانت موريتس ؛وتبعد حوالي 100 كم عن جنيف ؛وتعتبر من أشهر المدن السويسرية .وعودة إلي فيرينا ؛ فلقد سافرت مع الكتيبة الطيبية إلي سويسرا للقيام بخدمة التمريض وإسعاف جرحي الحروب ؛فلما استشهد جميع أفراد الكتيبة ؛ بقيت هي في هذه المنطقة ؛وهناك أهتمت بتعليم شعبها تعاليم الدين المسيحي ؛ كما أهتمت بتعليمهم مباديء الصحة العامة والنظافة ؛فعلمتهم أستعمال المشط للعناية بالشعر ونظافته ؛ كما علمتهم ضرورة الاستحمام المستمر وحسن الهندام ؛لذلك يرمز لصورها وتماثيلها بفتاة تمسك في أحدي يديها إناء به ماء ؛ وفي اليد الأخري تمسك بمشط ؛وأستمرت فيرونيا في خدمتها بالمنطقة تقوم برعاية المرضي والفقراء ؛ثم أنتقلت إلي مديبنة تورتساخ علي نهر الراين وهي تقع علي الحدود بين سويسرا وإلمانيا ؛وصارت تخدم وتكرس حياتها لخدمة أهل هذه المدينة ؛ وأ|ستمرت تخدم في هذه المنطقة حوالي 11 سنة ؛وتوفت في عام 344م ؛ ويعيد الغرب بعيد وفاتها في يوم 1 سبتمبر من كل عام . ولقد بني أهل مدينة تورتساخ كنيسة صغيرة فوق قبرها تهدمت مع المدينة كلها عندما أجتاحتها القبائل الجرمانية ؛ وفي القرن التاسع الميلادي شيد الرهبان البندكتين ديرا مكان قبرها ؛ ولكن ما لبث أن ألتهمته النيران عام 1279م ؛ فأعيد بناؤه من جديد ومع توالي السنين ألحقت بلدة تورتساخ بدوقية بادن ؛وأهتم أهالي البلدة بعدها بإقامة حمامات المياه المعدنية تحت أسم القديسة فيرينا ؛ وأصبحت كنيستها وقبرها مقصدا للحجاج . ومع توالي الأيام هدمت الكنيسة ؛وأقيم مكانها فندق يحمل أسم القديسة فيرينا ST.Verena ويوجد حاليا تمثال لها في منتصف الجسر المقام بين سويسرا وإلمانيا فوق نهر الراين . كما يوجد حوالي 70 كنيسة علي أسمها في سويسرا ؛و30 كنيسة في إلمانيا .


وهكذا سجل التاريخ قصة الفتاة الصعيدية بنت محافظة قنا التي علمت سويسرا مباديء الصحة العامة والنظافة وغسل الشعر وتصفيفه