على مدار زمان طويل من إفساد الناس، اعتبر (الكذب) فى مجتمعاتنا الشرقية أمرًا معتادًا وطبيعيًا ومقبولًا فى بعض الأحيان.. وصنفت أمور أخلاقية أخرى على أنها الأكثر خطورة!! هكذا جرى عرف تقييمنا للبشر..

 
سرنا عكس قافلة التحضر.. فاستيقظنا على أزمة شديدة فى المصداقية، الكل يكذب ولا أحد يصدق.. حالة من انعدام المصداقية ظلت ترافقنا لسنوات خاصة على المستويات الرسمية.
 
المصداقية صناعة تحتاج إلى كثير من الوقت حتى تبدأ فى إنتاج منتج مرضٍ لصانعها ومتلقيها.
 
أن يصدقك المتلقى مرة يحتاج منك هذا إلى بعض المهارات والكثير من الدراسة لشخصية المتلقى.
 
أما أن تبنى لك جسرا من المصداقية، فهذا أمر يحتاج إلى تاريخ طويل من المواقف التى تبنى بينك وبينه، ويتطلب منك أمرًا يتعدى مسألة مهارات التواصل وآليات التأثير.. أمرًا لا تدرسه فى تدريبات التواصل ولا تقتنيه بفهمك العميق للناس.. المصداقية أن يستمر الناس فى تصديقك على مدى طويل من الزمن وأن تمتحن مصداقيتك بمواقف تمثل هجومًا وتشكيكًا صريحًا فى أدائك وإنجازاتك وتطال حتى شخصك وأسرتك.
 
هنا تستطيع بفخر أن تسمى تلك العلاقة بين قائد أو مؤثر أو شخصية عامة فى جموع الناس.
 
ببساطة وأيا كان موقفك من الإصلاحات الاقتصادية والتغييرات التى يمر بها الوطن.. والتحديات والتشكيك التى طال المؤسسة العسكرية وطال حتى شخص الرئيس فى الفترة الأخيرة.
 
تستطيع أن تجزم الآن أن هذا الرجل يتمتع بقدر من المصداقية امتحنته الهجمات الكارهة الأخيرة، وكالعادة نجح فى الامتحان.
 
فحديث الرئيس بالأمس فى مؤتمر الشباب.. الذى لم يتعد زمنه الـ3 ق تعليقًا على جلسة الشائعات وتأثيرها على الوعى العام كان كافيًا للرد على ساعات طويلة من التشكيك.
 
المصداقية أن تعد وتفى، المصداقية أن تشرح وتقدم مساحة كافية من المعلومات التى تشكل حائط صد، استباقيًا، أمام أى غموض قد يثير الشكوك لدى الناس.
 
المصداقية أن تحاسب وتنقى وتتعامل مع المعارضة على أنها فرصة للإصلاح والتقييم، والمصداقية أن تتابع تنفيذ ما وعدت به وأن تتحرر من حرج المجموعات الضيقة الصغيرة التى تفرض عليك التزاماتها. الحقيقة أننا جميعًا نحتاج أن تعود تلك المعايير فهى الأهم، ونحتاج أن نتعلم كيف عبرت مصر تلك الهجمة- الصغيرة- فى نظرى عن طريق المصداقية التى يتمتع بها قائدها.
 
نحتاج أن يعود الكذب هو الخطيئة العظمى للبشر، وأن نعيد تقييم الكود الأخلاقى ومعاييرنا فى تقدير الناس والتعامل معهم.. وأن تعود الأولوية (للمصداقية) تلك التى تبنى عليها الأمم صورتها أمام العالم وتصنع بها مجدها وسمعتها.
نقلا عن المصرى اليوم