"مبارك عبقرى".. و"السيسي" سيربح الفترة الثانية بـــــــ"الجهود الذاتية"

عبد العال يفتقد خبرة "سرور" و90% من تشريعات البرلمان الحالي تنحاز للسلطة التنفيذية
لا يجب أن يكون للرئيس حزب.. وعلينا تجاوز مشكلة الحزب الواحد
الأزمات سر حنين الشعب المصرى لأيام "مبارك"
المصالحة بين فتح وحماس خطوة جيدة.. والدبلوماسية العربية لم تستطع هزيمة "قطر"
 
ما بين الحديث عن الماضى والحاضر والمستقبل، دار الحوار مع الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية، جامعة حلوان، الذي استضافته "فيتو" في صالونها السياسي، للبحث عن إجابات لتساؤلات عدة، منها ما هو متعلق بما يجرى الآن، ومنها ما دخل في "ذمة التاريخ"، لكن إجابته تحتاج لمزيد من الشرح، أما الأمور المستقبلية، فقدم لها رؤيته التي يرى أنه حال الالتزام بها من الممكن أن تسير قاطرة التنمية بالسرعة المقررة لها دون أي عوائق.. الانتخابات الرئاسية.. حكومة المهندس شريف إسماعيل، وبرلمان الدكتور على عبد العال، ثلاث ملفات تحدث فيها "د.جهاد" باستفاضة وسلاسة، ممكسًا بـ"عصا التحليل" وقراءة المواقف، حيث أكد أن الرئيس السيسي سينجح في الحصول على فترة رئاسية ثانية بـ"جهوده الذاتية"، وعندما جاء الحديث عن الحكومة، أكد أنها من المفضل ألا تعبر مع الرئيس إلى المرحلة الثانية، وفيما يتعلق بـ"مجلس النواب"، كشف حقيقة الوعد الذي أعطاه "عبد العال" فيما يتعلق بـ"محاسبة" السلطة التنفيذية.. الملفان الإقليمي والدولى، كان له هو الآخر من "مكاشفة عودة"، الذي قدم رؤيته بلغة دبلوماسية سواء فيما يتعلق بالأزمة القطرية، أو الدور الذي لعبته القاهرة في المصالحة بين حركتى "فتح وحماس"، وعلاقتها بتركيا وإيران.. فإلى نص الحوار:
 
بداية.. إلى أي مدى تتفق مع الآراء والإجراءات التي يتم اتخاذها فيما يتعلق بملف "التصالح مع رموز نظام مبارك
لا بد أن نكون متفقين أن الدولة لن تستفيد شيئا من هروب هؤلاء خارج البلاد، والأموال التي سنحصل عليها منهم أمر تحدده النيابة العامة، وفقا لقرار التسوية، وإذا تمت تبرئتهم جنائيا فلا مانع من عودتهم والتصالح معهم، وهذا التصرف نوع من النضوج السياسي.
 
بصفتك أستاذا للعلوم السياسية.. كيف تفسر ترحم البعض على أيام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.. رغم خروج ثورة ضده لمطالبته بالرحيل؟ 
حقيقة.. علينا أن نطرح تساؤلا هل كنا محقين في القيام بثورة 25 يناير؟! الإجابة "نعم" وذلك نظرا للحاجة الشديدة إلى التغيير السياسي، ومسار الثورة كان نتيجة تفاعل إقليمى ودولى، وهنا لا بد أن نوضح أنه لا يمكن العودة وكتابة التاريخ، ولا بد أن نفهم مغزى الأحداث، بعد أن أصبحنا دولة أخرى ومجتمع آخر وتكوين جديد، وبالتالى الماضى أصبح ماضيا، وليس مستغربا أن يتحسر البعض على أيام مبارك، مثلما تحسر البعض على أيام الملكية، وتحسر البعض الآخر على أيام عبد الناصر، وعلينا أن نضع في الاعتبار أن طبيعة الشعب المصرى بها حنين مستمر إلى الماضى خاصة في ظل الأزمات.
 
في تقديرك الشخصى مبارك "ظالم أم مظلوم"؟
*حكاية مبارك معقدة لجلوسه في الحكم 30 عاما، وهذه الفترة كثيفة التفاعلات، وبالتالى من الصعب أن نحكم عليه بأنه ظالم أو ظُلم، لكنه قال إن التاريخ هو الذي سيحكم عليه، لكن لـ"مبارك" أربعة أشياء، أولها: أن وجوده في الحكم مدة طويلة جعل سجله معقدا، وثانيا أنه كان حاكما مسيطرا، وفى هذا الأمر البعض يلوم عليه في كل شىء، والبعض الآخر لا يلوم عليه إطلاقا، وثالثها أن "مبارك" كان عبقريا على المستوى الاستراتيجي من خلال محافظته على اتزان الدولة عن طريق النخب المحترمة، ما أدى للحفاظ على استقرار الوطن، و"رابعا" أن مبارك كان لا يؤمن بالعدالة الاجتماعية، لكنه في الوقت ذاته كانت لديه رؤية في عدم تجويع الناس من خلال كسر القواعد الاقتصادية بالمنح بين الحين والآخر، ومن هنا يمكن القول إننا لم نظلم مبارك وأنه لم يظلمنا، لأن ما حدث في مصر والمنطقة وقتها "ثورات الربيع العربى" أمر ارتبط بالقوى الكبرى التي كان لديها تصور بضرورة إعادة هيكلة الشرق الأوسط من خلال الحكام منذ أيام جورج بوش، وبدأ التنفيذ في عهد الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، وبسبب الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 أصبحت هناك ضرورة ملحة لإحداث تغييرات إقليمية ودولية داخلية، خاصة أن هناك أطرافا داخلية عملت على تنفيذ هذا المخطط.
 
بعيدًا عن حديث الماضى.. كيف ترى مقترح البعض بمد فترة حكم الرئيس إلى 6 سنوات؟ 
هذا الأمر تم حسمه، بأنه لن يكون هناك مد لفترة الرئاسة إلى 6 سنوات، وهذا المقترح كان خطأ استراتيجيا كبيرا، والرئيس السيسي لديه من المصادر السياسية ما يمكنه من أن يتولى بشرعية جديدة 4 سنوات، وبالتالى لا داعى لإحداث أزمة دستورية بهذا الشكل، كما أن الرئيس السيسي يمتلك إنجازا يسمح باستخدام هذا الرصيد السياسي والإستراتيجي للنجاح بشكل بسيط، وبالتالى لماذا يريدون عمل أزمة ؟ الناس في احتياج لوجود الرئيس بالمعنى الاستراتيجي ومحاولة خلق صراع وإساءة دولية لمصر ورئيسها أمر ليس له ضرورة.
 
بقراءتك للوضع السياسي الراهن.. هل ترى أن مصر لديها معارضة قوية بعد 25 يناير؟
الحقيقة التي يجب الاعتراف بها أنه لا توجد لدينا معارضة، وأنها ضعيفة، وتغلب عليها الشخصنة بدرجة كبيرة، بسبب غياب الأساس الاجتماعى والسياسي للمعارضة، فهى تنشأ نتيجة بزوغ واحتياج اجتماعى وسياسي، وتتبلور في شكل موسسى أو حركات اجتماعية، ونحن حتى هذه اللحظة ليس لدينا هذا الاحتياج، وإن كان لدينا غضب اجتماعى، لكنه لا يؤدى إلى بزوغ معارضة سياسية للنظام حتى الآن، وبالتالى المعارضة المصرية لم تستخدم الفرص لطرح البدائل، وكل هؤلاء إما من أنصار 25 يناير أو ما قبلها، دون أن تكون هناك وجوه جديدة تمثل 25 يناير، وبالتالى يمكن القول إننا ما زلنا نعيش بين قطبى مبارك و25 يناير، وما بين هذا وذاك يتردد أن الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسي لديه برنامج لخلق واقع جديد.
 
"الواقع الجديد للسيسي".. لماذا لم يظهر في الصورة حزب الرئيس.. وهل تعتقد وجود نية لديه لتشكيله في فترة الرئاسة الثانية؟
بصفة شخصية أنا سعيد لعدم ظهور حزب "السيسي"، لأن الرئيس لا يجب أن يكون له حزب، وإنما يكون له أنصار، لأن فكرة الحزب الواحد يجب أن نتجاوزها، والرئيس لا بد أن يكون له مؤيدون ومتعاطفون حتى تنضج الحياة السياسية في مصر، كما أننا مازلنا نعانى من مشكلة البحث عن "حزب الرئيس"، ما يؤكد إصرارنا على التفكير داخل الدائرة وليس خارجها، والرئيس يتعامل مع هذا الأمر من منطلق النضوج السياسي، لأن أحزاب الرئيس تنتهى نهاية مأساوية، وبالتالى أتوقع ألا يقدم على هذه الخطوة مستقبلا رغم الضغوط الكبيرة عليه لإعلان حزب الرئيس لكنه يرفض الأمر. 
 
هناك اتهامات عديدة للبرلمان بأنه برلمان السلطة ولا ينحاز للمواطن وهدفه إرضاؤها.. تعقيبك؟
لا بد أن نفرق بين انحياز البرلمان للفقراء، وأنه أداة في يد السلطة التنفيذية، فالبرلمان الحالى ينحاز بنسبة 90% في تشريعاته للسلطة التنفيذية، فلا نجد أي مشروع قانون قدمته السلطة التنفيذية تم رفضه، وهذا يختلف عن انحيازه للفقراء.
 
صراحة.. ما الذي يدفع الشارع المصرى في الوقت الحالى لتحمل معاناة القرارات الاقتصادية الصعبة التي تصدرها الحكومة ويدعمها رئيس الجمهورية؟
المجتمع المصرى أصبح مختلفا عن الماضى، والرئيس استطاع أن يقلل الأخطار الاجتماعية للحياة العامة، وهنا لا بد من إدراك أن الرئيس لا يعمل وحده، لكنه يعمل في إطار منظومة للسياسات العامة، وفى الوقت ذاته يدرك ما يعمل من أجله.
 
أشهر قليلة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية.. هل تتوقع فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بجولة ثانية؟ 
نعم سينجح، وفى مصر الرئيس ينجح بذاته، والاحتياج الاجتماعى والاستراتيجي له واستكمال المرحلة يؤكد نجاحه، لكن المشكلة تكمن فيمن خلفه، وتحديدا رئيس الوزراء والوزراء فهؤلاء هم المشكلة الحقيقية.
 
بالحديث عن الحكومة.. هل تؤيد الأصوات المطالبة بالإبقاء على وزراء "شريف إسماعيل" بعد فوز الرئيس بفترة ثانية؟
بالتأكيد أقف في الجانب المطالب بالتخلى عن الحكومة.. فالمهندس شريف إسماعيل رجل طيب وكفء في أمور البترول، كما أنه تنفيذى جيد، لكن هذا لا يكفى لكى يكون رئيس وزراء، ويجب العمل على إيجاد وتنفيذ سياسات عامة هدفها تغيير الدولة بالشكل الذي يسمح ويتيح حدوث تنمية ونهضة سياسية واجتماعية واقتصادية، وجميعها أمور تفتقدها الحكومة الحالية.
 
لا نزال في خانة الحكومة.. كيف ترى القرارات التي أصدرتها خلال الفترة الماضية ووضعتها في مربع "المؤلمة والصعبة والضرورية".. تعويم الجنيه على سبيل المثال؟ 
القضية ليست في تعويم الجنيه أو العملة، لكن بنظرة للسياسات العامة نجد أنها تحتاج إلى إعادة صياغة، بحيث تكون مرتبطة بالسياسات العامة الاجتماعية والضريبية والاقتصادية وارتباطها بنوعية الحياة، وبالتالى لدينا أنماط من السياسات العامة لا يعلم رئيس الوزراء عنها شيئا، وحان وقت التغيير.
 
وما تقييمك لملف حقوق الإنسان في مصر في ظل محاولات استخدام هذا الملف ضدنا؟
بالفعل ملف حقوق الإنسان من الملفات الشائكة، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك جماعات سياسية بعينها تستخدمه لإظهار مصر في هيئة الدولة التي توجد بها مشكلات في حقوق الإنسان، وذلك من خلال تقارير غير دقيقة، ومشكلتنا هنا أننا لا ننظر إلى الكوب كاملا، لكن نكتفى بالنظر إلى نصفه فقط، وأنصح القائمين على الأمر بالبعد عن "التطبيل" أو "الشتيمة"، وأن نعمل على إحداث تغيير حقيقى في ثقافتنا الحقوقية، إلى جانب استخدام الآليات المتاحة لنا من خلال المجلس القومى لحقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، والعمل على إظهار الجانب الإيجابى في الملف، والخطوات الجيدة التي تخطوها مصر، مثل ملف "المفرج عنهم"، إضافة إلى الدور الذي يجب أن تلعبه الخارجية المصرية في جنيف ولندن، للرد على كل المزاعم والأكاذيب التي يتم ترويجها عن مصر بالمستندات. 
 
من واقع خبرتك السياسية.. ما الفوارق الجوهرية بين برلمان الدكتور على عبد العال ومجلس الدكتور فتحى سرور؟
البرلمان الحالى مختلف عن برلمان فتحى سرور الذي كان يحوى خبرات كبيرة ونخب برلمانية أكبر، تمتلك خبرات طويلة في العمل النيابى، فضلا عن أن فتحى سرور كان وزيرا لدى السادات وأستاذ قانون أيام عبد الناصر، والدكتور على عبد العال يحتاج مزيدا من الوقت لاكتساب "خبرات سرور"، ولدينا وعد منه بأنه سيبدأ في محاسبة السلطة التنفيذية، ومن جانبى أقول "أفلح إن صدق".
 
الأسابيع القليلة الماضية شهدت تحركًا مصريًا في ملف "المصالحة" بين حركتى فتح وحماس.. كيف تقييم هذا التحرك؟
بالطبع.. خطوة جيدة من جانب مصر، وإن كنت أرى أنه لابد أن تكون لها أبعاد إقليمية ولا نكتفى بـ"المصالحة بين فتح وحماس"، فهذه المصالحة من الواجب أن تترتب عليها أبعاد تنموية، كما أنها متعلقة بملفات أخرى، والقاهرة بهذه الخطوة أثبتت تمسكها بفكرة الدولة الفلسطنية المستقلة، وأكدت أن ما تردد بأننا لا نهتم بالشأن الفلسطينى كلام عار تماما من الصحة.
 
ماذا عن الأزمة القطرية.. كيف ترى أبعادها؟ 
الأزمة مع قطر حتى هذه اللحظة لو تعاملنا معها بحساب المكسب والخسارة، سنجد أنها رغم الضغوط الشديدة استطاعت أن تنجو بنفسها، وتكتسب حلفاء إستراتيجيين لها مثل تركيا وإيران وأوروبا كلها، بدليل انتخابات اليونسكو، وبالتالى عندما نكون في صراع مع دولة لابد أن نجعل لدينا تصميم على كيف ننتصر، وهذا ما لم يتم فعله لعمل تصميم ممتد للانتصار في المسألة القطرية، والبعض يقول إن هناك خلافات في التحالف الرباعى، وهذا كان يقتضى عمل هيكل لإدارة هذا الملف، لأن الأمور لا تتخذ بشجاعة دون الوضع في الاعتبار المجتمع الدولى، لأن قطر لديها استثمارات كبيرة في أوروبا سواء في الغاز أو البترول، والدبلوماسية العربية لم تكن مستعدة لهزيمة قطر.
 
إيران وتركيا وانفصال كردستان أسئلة تبحث عن إجابة ومدى تأثيرها فى مصر؟
لا بد أن نفرق بين تركيا وإيران وكردستان، فهى ليس بها انفصال، وإنما استقلال ذاتى خاص بالأمم المتحدة، في نفس اللحظة فإن الاستفتاء تم بسهولة دون اضطرابات، وهذا يعود لوجود قرار استراتيجي بعدم الانفصال، ولكن إعادة هيكلة العلاقة مع السلطة العراقية بالدخول في كونفيدرالية بين المكون الكردى والمكون العربى، ونحن قادمون على هذا المسار، أما تركيا وإيران وتأثيرهما على مصر فمن جانبى كنت لا أفضل التحالف التركى- الإيرانى بهذه السرعة، رغم أنه لم يظهر ضد مصر بشكل مباشر، وهذا التحالف من الأستانة، وكان على مصر أن تتدخل في هذا الأمر بطريقة إبداعية دبلوماسية فمساندتهم للإخوان لا يعنى وقف علاقتنا الدبلوماسية معهم، لأن لدينا أدوات أخرى للضغط عليهم، ووقف العلاقات الدبلوماسية معهم سيجعلهم خطرا علينا.
 
أخيرا.. كيف ترى الدور المصرى في الأزمة الليبية؟
دور رائع، لأنه تم الدمج الإقليمى على ما يطلق عليه شرعية ليبيا مع العلمين مع قاعدة محمد نجيب، وهذا تأمين للحدود وفتح مسار للتنمية، وهذا جاء في إطار الهلال النفطى، وما حدث في الملف يعد إنجازا للرئيس السيسي، وللآسف لا يتحدث عنه أحد.