صليب مُعلق على جدار، وبجواره أيقونة تصوّر رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر، يعلوان منضدة موضوعاً عليها إنجيل مفتوح على سفر إشعياء 19 «مُبَارَكٌ شَعْبِى مِصْرُ»، فى منزل وُضعت على بابه لافتة دون عليها «المحبة لا تسقط أبداً».

هكذا هى معظم منازل أقباط مصر، الذين أوصى بهم رسول الله خيراً، فهم من ساروا فى طريق الآلام، حاملين صليب الوطنية على ظهورهم، قبل أن تسيل دماؤهم على مذبح الوطن، قابضين على جمر وحدة مصر، التى ما فرطوا يوماً فى ترابها.
كشف حساب 6 سنوات بعد "30 يونيو".. ما قدموه للوطن وما منحته لهم الدولة

رفضوا حماية روسيا فى عهد محمد على، وأفشلوا مخطط وصاية الإنجليز عليهم أثناء ثورة 1919، وفتحوا أبوابهم للضباط الأحرار فى 1952، واختلطت دماء «جرجس» و«محمد» فى حروب 1956، 1967، و1973، وتعانق الهلال مع الصليب فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو.

تعرضوا للمحن والشدائد.. أُحرقت كنائسهم، استهدفت منازلهم، كُسرت صلبانهم، وضعهم الإرهاب على قائمة أهدافه، لكنهم افترشوا أرض مصر والتحفوا بسمائها، موقنين بأن «الله ضابط الكل»، و«كل الأشياء تعمل معاً للخير». أفسد الأقباط ومن خلفهم الكنيسة المصرية، مخططات أهل الشر عقب ثورة 30 يونيو 2013، فلم يجد المتآمرون فى مصر سوى صف واحد يقدم قوافل الشهداء، وتتحطم على نصال رماحهم الفتن والمؤامرات.

وبعد سنوات الظلم، أشرقت الشمس على أقباط مصر الذين عمرت الدولة ما تهدم من دور عبادتهم، وشيدت على أرض مدن الجيل الرابع منارات كنائس جديدة بينها أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط، وانقلب تهميش الماضى إلى أكبر تمثيل قبطى تحت قبة البرلمان، وضمت حركة المحافظين الأخيرة، محافظين مسيحيين بينهما سيدة، لأول مرة.

عادت أجراس الكنائس تدق، والألحان تصدح، والشمامسة يرنّمون، وبخور القداسات يتسلل من نوافذها، والأقباط يتراصون داخل جدرانها، والكهنة على المذبح يصلون مطمئنين آمنين: «.. نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ».

احتفاء بالأقباط، ووطنية كنيستهم التى لم تغب شمسها يوماً عن مصر، ترصد «الوطن»، ما قدمه الأقباط للوطن، وما نالوه من الدولة خلال السنوات الست الماضية.