ݘاكلين جرجس
ونحن نعيش العديد من التحديات بعد ثورة 30يونيو ، لإعادة بناء الدولة ، ومواجهات شرسة وصعبة مع ميلشيات الإرهاب الفكري والمسلح ، تواجهنا تبعات مشاكل وتحديات إهمال وعجز إدارات نظم سابقة ، مثل إهمال الإصلاح الاقتصادي والإداري ، والزيادة السكانية ، والأمية الهجائية والثقافية ، والإدمان والبطالة وغيرها .. نواجه تحدي انتشار الفكر الإلحادي ، والتطرف الديني .. و لم ينقطع العمل المخلص والجاد من قبل كل أجهزة الدولة لمجابهة تلك التحديات.
 
نعم ، المتطرف و الملحد يمثل وجودهما العديد من المخاطر الإنسانية و المجتمعية ، فالأول يضر ذاته ، و يستهدف آخرين يعبدون ربهم في سلام وأمن بمختلف دياناتهم ومذاهبهم ، و يصل به الحال لأذية بلده و دينه بإلصاق الفكر السودوى و الإرهابى دون وعى وإدراك لفعله ظنًا منه أنه يحمى دينه وربه ، و أنه يفعل ما هو حسن فى عين الله من وجهة نظره ليفوز بالأخرة و يستمتع بملاذها ، أما الثانى يؤذى نفسه بكل تأكيد ببعده عن الله متجاهلاً وجوده من الأساس فيحرم نفسه من لقاء ربه فى تواصل روحي وممارسة شعائر وعبادات تقربه من الخالق العظيم و تعينه على أعباء الحياة وصدماتها المتتالية .
 
لذلك ، قيل في وصف المتطرفين بأنهم كالثعالب التى تنهش فى جسد المؤمنين باستحلال القتل و التفجير ؛ أما الملحد لا يضر أحد غير نفسة أو بالأكثر من حوله ويتأثرون به لأنه ينشر أفكاره ومفاهيمه المغلوطة ، و التى تنال من عقول بسطاء الإيمان والفكر و الثقافة فبالتالى هو يضرب بجهل فى العقائد الإيمانية الثابتة لمختلف الأديان.. بالاضافة لسهولة التواصل مع الشباب عبر الانترنت و التأثير عليهم ، فيتزعزع إيمانهم ومفاهيمهم بكل سهولة ، حتى بتنا نتابع زيادة أعداد الملحدين بشكل ملحوظ فى الأونة الأخيرة ؛ بينما يصل معظمهم إلى درجات علمية عالية ومناصب رفعية ونتيجة التبحر بشكل سلبي فى مستحدثات العلم والنظريات يندفع بغرور إلى رفض وجود الله العظيم خاصة بعدما قرر الابتعاد عن المؤسسات الدينية حين لم يجد من يناقشه الحجة بالحجة و بالمنطق فلم يجد من يساعده على استخدام عقله لإثبات صحة أو خطأ أفكاره أو حتى مناقشتهم والرد علي إدعاءاتهم بالحقائق العلمية و الإيمانية الثابتة.
 
وهنا لابد أن نتسأل أيهما أخطر وأسوأ.. الملحد أم المتطرف دينيآ أو أيهما أقل ضررآ على المجتمع ؟
 
فى البداية يجب أن نوضح أن ظاهرة الإلحاد من الظواهر المعقدة التي قد تتداخل فيها العوامل الفكرية والنفسية والاجتماعية؛ و هناك أنواع من الملحدين :الملحدون المثقفون، وهم يستندون على المعلومات والدلائل التي يجمعونها حول الديانات ويقتنعون بها لتكون أساسا لجدالهم ومناظراتهم،
 
النوع الثانى :الملحدون النشطاء، وهم أشخاص ينشطون بالدعوة إلى الإلحاد ويؤكدون أن العالم سيكون مكانا أفضل إذا كان العالم كله ملحد.
 
النوع الثالث: الملحدون الطلاب، وهم مجموعة لا تتمسك بمعتقدها الإلحادي بشكل كامل ولا يملكون موقفا محددا من قضية وجود الله
 
النوع الرابع :لملحدون المعادون للمؤمنين، وهم مجموعة تحارب الإيمان وتصنف الاعتقاد بوجود الأديان جهل، ويرون أنفسهم أكثر الناس فهما بخطورة الأديان على العالم .
 
. النوع الخامس: مجموعة من الملحدين تعتبر أقلية بالنسبة لأنواع الملحدين الستة، وهم ببساطة لا يخوضون بأمور وجود الدين من عدمه

النوع السادس: الملحدون المتتبعون لبعض طقوس الديانات، وهم مجموعة لا تؤمن بالديانات أو وجود حياة بعد الموت ، إلا أنهم يتتبعون بعض العادات التي لها أصول دينية مثل التأمل أو ممارسة اليوغا إلى جانب احتفالهم بالأعياد الدينية..
 
ولكن كل ما أرغب في قوله أن الملحد الحقيقي هو شخص مفكر ومثقف ويتمتع بقدرات ومواهب خاصة جدا ولكن للاسف لم يجد المؤمن المثقف المفكر ( سواء رجل دين او علماني ) الذي يجيب علي أسئلته التي تعد بمثابة فهم عميق لقضية الإيمان وليس عقائد ، وهنا أرى أن المسؤولية تقع بأكملها علي المؤسسات الدينية لعدم الاهتمام بالحوار و احتواء هؤلاء الشباب قبل أن يتحولوا إلى قنابل موقوتة تضر المؤمنين و ضعاف النفوس . 
 
أما الجهاد الأكبر و الخطر الداهم يكمن فى التطرف الفكرى أو الدينى فمسئولية مواجهة الإرهاب، لا تقف عند دين أو مؤسسة، بل تشترك فيها كافة الأديان السماوية، للحد من خطر انتشاره و الحد من ما نجم عنه من أفكارٍ، ومذاهبٍ، وجماعاتٍ متطرفةٍ، باتت تهدد آمنَ البشريةِ وسلامَها.
 
نحتاج إلى تطهير المجتمع من الدعوات و الفتاوى الشاذة و محرضيها ، و ضرورة تفعيل دور الإعلام فى نشر البرامج التوعوية الهادفة و الدينية السليمة ، و مواجهة التيارات التي تبث العنف وتعمل على إثارة القلاقل بكشف مصادرها ومقاصدها ولنقف بحزم ضد مروجى التطرف الفكرى بقاعدة كبيرة من العلماء و المثقفين جنباً إلى جنب مع قوانا الناعمة لتفعيل لغة الحوار الهادف و المثمر والمناقشات البناءة .
 
علينا أن نفتح قنوات الحوار من خلال بعض مواقع الانترنت والتى يسكنها معظم شبابنا فليتسع صدر المسؤولين بالمؤسسات الدينية لمناقشة و مقارعة الحجة بالحجة مع الملحد .
 
أما الارهاب و المتطرفين يجب أن تتكاتف كل مؤسسات الدولة المعنية للقضاء عليه لأنه سيظل شوكة فى ظهر التقدم و الحضارة الإنسانية فى البلاد .
.