جيلنا تربى على مبدأ أن الشاطر يقول (حاضر ونعم) وأن من يقولها ينجو من العقاب.. ولما نضجنا عرفنا أن الشاطر هو من يعرف أن يقول (لا) ومتى يقولها ولمن؟

 
جيلنا تربى على أن القادم أفضل ولما كبرنا عرفنا أن القادم سيكون نتيجة لما نفعله اليوم.. فلا أفضل سيأتينا إن لم يكن اليوم مختلفا.. وأن لا كنز سنجده فى الرحلة إلا إذا استثمرنا فى أيامنا المبكرة فى علاقات صحية وجديرة بالاستمرار..
 
جيلنا تربى على أنه يمكن أن يغير الواقع.. لكننا كبرنا وتعلمنا أن نصف البطولة فى تغيير حياتنا ودائرة تأثيرنا...
 
جيلنا تربى على أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة.. ولما كبرنا وجدنا آخرين يقطعونه عدوًا فى لحظات !!!، وأن خطواتنا المرسومة بطيئة جدا... فكان اختيارنا للاستمرار مرهقا ومحبطا.
 
جيلنا سمع تلك الجملة كثيرا «ساعد نفسك بنفسك» واعتقدنا أن فيها كل الحلول لكل مشكلات الخذلان والترك فى منتصف الطريق ممن سبقونا.. لكننا كبرنا واكتشفنا أن كلنا «غلابة» وكلنا الآتين بعدنا فى الطريق يحتاجون للكثير من المساعدة والدعم.
 
جيلنا تربى على أن «الكبار» يعرفون أكثر.. لكن لما صرنا مثلهم كباراً.. وجدنا أنفسنا محاطين بالأسئلة من كل جانب! واكتشفنا أننا لا نعرف أكثر!!!
 
جيلنا مرهق جدا.. فبعضهم يقولون عنا «شباب» وبعضهم يقولون عنا «ولاد إمبارح» بينما نحن نعتبر أنفسنا كباراً جدا ومتعبين جدا لأننا اختبرنا فى أفضل سنوات عمرنا - تلك التى بدأت مع الثورة وما تلاها - كم من المخاوف والصراعات والبكاء والصدمات مما أضاف سنين لأعمارنا...
 
أكتب هذا لأننى أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة، يجب على الكبار فيها أن يقدموا اعتذارًا عن كل ما أساؤوا فيه إلينا...
 
عن كل السنين التى مضت، عن كل المشروعات التى لم تنفذ، وعن كل الوعود التى لم توف... نريد اعتذارا صريحا عن كل الذى انتظرناه منكم ولم يأت.. وأعرف أن كثيرًا من الأمور التى «خرجت عن السيطرة» كانت «بدون قصد منكم!!»
 
وأذكركم.. أننا عندما كنا صغارًا كنتم تكرهون جدا كلمة «ماكانش قصدى!!» وكنا نستحق عقابًا عن كل خطأ فعلناه دون قصد!!!
 
كل من أخطأ فى حقنا بشكل مباشر أو غير مباشر هو مجرم هارب من العقاب..
 
ما كنتم تقصدون شيئا مما حدث... ربما!
 
ما كنتم تتمنون ما وصلنا إليه من إحباطات... ربما!
 
لكننا نستحق اعتذارا...
 
وبخصوص السؤال الذى بدأت به مقالى.. «تيجى معايا وأنا باغير الواقع؟» تلك الجملة العبقرية التى قيلت على لسان البطل (الأنانى) فى فيلم آسف على الإزعاج.. الواقع يتغير فعلا.. فور أن نخرج من إشفاقنا على ذواتنا ومن الإغراق فى الاهتمام بها.. الواقع يتغير فعلا فور أن نعرف أننا لسنا محور الكون.. وليس كل ما تعلمناه صغارًا.. كان صحيحًا!!
نقلا عن المصرى اليوم