هاني لبيب
خلال افتتاح مشروع «الصوب الزراعية» فى 17 أغسطس الماضى بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى.. قال خوسيه أنطونيو مورالس «مدير شركة روفيبا تكنو أجرو» الإسبانية للصوب الزراعية: «مصر ستصبح مصدرًا لإمداد العديد من البلدان بالمحاصيل»، و«مشروع الصوب الزراعية فى مصر هو أهم مشروع، والأول عالميًا فى مجال صناعة الصوبات الزراعية». وكذلك قال خوسيه جيمينيز «مدير عام شركة ميريديان» الإسبانية: «إنهم يعملون الآن على إنتاج بذور الصوبات الزراعية المنشأة حاليًا، ويخططون لتحقيق أول إنتاج من البذور الهجين بداية من ربيع 2020 سواء البذور اللازمة للزراعة فى الحقول المفتوحة أو الزراعات المحمية، لإنتاج منتح عالى الجودة»، و«من أجل نقل المعرفة سيعملون على تشكيل وتكوين أول فريق علمى مصرى مع فريق آخر إسبانى لإنتاج وتطوير أصناف جديدة من البذور المصرية، خلال السنوات العشر القادمة، بهدف الحصول على أصناف مناسبة للظروف الزراعية المصرية، ومواجهة التغيرات المناخية العالمية والأمراض الجديدة وتحديات السوق العالمية».

أعتقد أن ما سبق هو نوع من التكريم لاسم الراحل د. أحمد مستجير «رائد علم الهندسة الوراثية» مصريًا وعربيًا، وصاحب الإسهامات البحثية فى علم تربية الحيوان والهندسة الوراثية والتحسين الوراثى، فقد حذر قبل أكثر من 20 عامًا، فى العديد من المقالات والأبحاث، من قيام شركات عالمية بإنتاج بذور عقيمة صالحة للإنتاج لمرة واحدة فقط، ولا تصلح للاستنبات، وهو ما أدى إلى عدم قدرة الفلاح المصرى على الاحتفاظ بكمية من البذور لزرعها فى المواسم التالية، وبالتالى تحكم هذه الشركات فى منظومة غذاء الشعوب ببيعها بملايين الدولارات وتحقيق أرباح مادية خيالية، فضلًا عما تمثله هذه السياسات من خطر على الزراعة المحلية والاقتصاد الوطنى الذى أصبح أصحاب رأس المال الأجنبى يتحكمون فيه.

أذكر هنا وصف العالم الجليل الراحل د. أحمد مستجير (1934 – 2006) لظاهرة احتكار الشركات العملاقة للبذور.. إذ أطلق عليها حينذاك «بذور الشيطان» محذرًا من خطورة ما تقوم به الشركات متعددة الجنسيات فى هذا الصدد، وهو ما جعله يتبنى فكرة مشروع البيوتكنولوجيا «التكنولوجيا الحيوية» لزراعة الأنسجة ودمج الخلايا بالهندسة الوراثية وإنتاج نبات يقاوم الأمراض والملوحة والجفاف لزراعة الصحراء بإنتاج محاصيل وفيرة ومتميزة، وكان القمح هو محل اهتمامه الأساسى للعمل على توفيره بعيدًا عن الاستيراد.

الآن، مشروع «الصوب الزراعية» يقوم على أساس الاستنباط والحفاظ على التقاوى والبذور، ومواجهة احتكار الشركات العملاقة للبذور بعد تراجع وتدنى العديد من محاصيلنا الوطنية، من أجل الوصول التدريجى للاكتفاء الذاتى، مع الحفاظ على الجودة الصحية والحد من استخدام الأسمدة الكيماوية وتوفير المياه، والتصدير فيما بعد. كما أنها فرصة حقيقية لاستعادة الدور الأصيل للبنك القومى للجينات والموارد الوراثية التابع لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة الذى تم تأسيسه منذ عام 2003.

نقطة ومن أول السطر..
الأمن الغذائى والسيطرة على مقدراتنا الوطنية بقرارات حقيقية واستخدام التكنولوجيا الحديثة هو إحدى بدايات نهضة مصر الحقيقية.

تحية تقدير لواحد من أهم علمائنا الراحل د. أحمد مستجير.
نقلا عن المصرى اليوم