بقلم : د. مينا ملاك عازر

وقت أن أعلن ناصر غلق مضيق العقبة بمدفعية بحرية مضادة للسفن في وجه الملاحة الإسرائيلية في مايو من عام 1967، ذلك الغلق الذي هلل له الشعب المصري، والذي لم ينتبه بأن معنى قرار كهذا أن المضيق كان مفتوحاً وبالفعل كان المضيق مفتوح امام الملاحة الإسرائيلية بحسب الاتفاق الذي أقره أيزنهاور في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر، والذي بمقتضاه انسحبت إسرائيل من سيناء، على أن يضمن لها الأمريكيون حرية الملاحة البريئة بمضيق العقبة، وبغض النظر عن تلك الظروف والملابسات، فنحن الآن بصدد سؤال، ماذا جرى عند اتخاذ ناصر مثل ذلك القرار؟

 

تداول رؤساء العالم الموقف فيما بينهم، وكانت من بين الحلول المقترحة استخدام قوة بحرية من شأنها فتح المضيق بإدخال سفينة إسرائيلية في حماية تلك القوة الدولية البحرية، وهنا تم طرح السؤال التالي، وماذا لو أطلقت المدفعية المصرية نيرانها على السفينة الإسرائيلية؟ هل ستدافع عنها القوة البحرية الدولية المرافقة أم ستصمت؟ طبعاً كان في وعي القادة المتداولين للأزمة فيما بينهم، أنه أمامهم أحد أمرين، إما أن تصمت القوة، وهنا يكون تشكيل القوة عديم النفع، فستؤكد مصر سيطرتها على المضيق، وتبقى مانعة لإسرائيل من الملاحة، وسيكون نصر سياسي وعسكري لناصر ونظامه على العالم بأجمع، أما ولو ردت القوة الدولية وتبادل إطلاق النار فماذا ستكون حدود الاشتباك؟ وهنا تأتي الأزمة الثانية، لو تطور الاشتباك للنهاية، فهل تتحول المسألة لحرب عالمية؟ وهل يقبل العالم الحر أن تكون حرب كبرى على ناصر؟ مجتمعة ضده خيرة جيوش العالم، ولو اقتصر الأمر على إطلاق نار بين القوتين البحرية والبرية المضادة، وهل ستمر السفينة الإسرائيلية أم لا تمر؟ وستبقى الأزمة كما هي إن مرت لن يكررها ناصر، وقد يُصعد الأمر، وإن لم تمر فيكون ناصر قد انتصر وكسر أنف العالم، الأمر الذي جعلهم يستبعدون تشكيل تلك القوة الدولية البحرية.

 

وهنا ونحن بصدد أمر السفينة البريطانية المحملة بالنفط والتي تعرضت لها الزوارق الإيرانية، التي حاولت سلطات جبل طارق استيقاف سفينتهم المحملة أيضاً بالبترول والموجهة لسوريا أو لخلق أزمة أو لتفجير الوضع، ولولا تدخل فرقاطة بريطانية كانت في دورية ملاحة بالمضيق -مضيق هرمز- وتوجيه مدافعها ضد الزوارق الإيرانية، هنا تراجعت الأخيرة، ولكن السؤال ماذا لو ردت الزوارق أو لم تبالي ولم تتراجع؟ هل كانت ستطلق مدافعها؟ وما هي نتائج هذه الفعلة؟ يقفز السؤال بنفس أساليبه وأدواته بامتداد خط على استقامته مع الفكرة الدائرة في الأوساط العالمية بأن تشكل قوة دولية بحرية لتأمين مجرى الملاحة في مضيق هرمز ضد التدخلات وال تطفل ات الإيرانية، وهنا ننقل نفس الأسئلة التي تم طرحها إبان أزمة النكسة -كما سميت إعلامياً- لحالنا الواقع، ماذا سيكون الأمر؟ باختصار ماذا لو اشتبكت إيران ولم تتراجع؟ ماذا هم فاعلون؟

 

المختصر المفيد لا أعرف لماذا أشعر أن القادة الجدد للعالم يفتقدون لنفس حكمة بعض قادة العالم قديماً برغم أن الجميع أخطأ وأوصل العالم للهاوية كثيراً أو كاد يوصل به لها.