ملامح لافتة لشخص نحيف داخل ملابس فضفاضة؛ غُترة وعباءة وعصا صغيرة، ملامح حادة، وذقن كثيف، وعينان تعلم إلى أين تنظر بخلاف نظرات بقية المحيطين، تلك كانت صورة بالأبيض والأسود يفترض أنها لمحمد بن عبدالوهاب، غير محددة المصدر، يحتفى بها محبوه، ويتداولها أيضاً كارهوه، دون يقين فعلى إن كانت بالفعل لمؤسس الوهابية أم لا.

 
الحركة المذهبية التى أعلن أصحابها «التوحيد» عقب مرور أكثر من ألف ومائتى عام على بعثة الرسول، بدت للكثيرين أقرب لـ«الدين الجديد»، أصبح المذهب رائجاً للغاية فى المملكة العربية السعودية، ويراه الكثيرون السبب وراء كل الممارسات المثيرة للجدل، بداية من منع السيدات من قيادة السيارات، مروراً بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والتطبيق الصارم للشريعة، وقد انطلق الرجل وتلاميذه بمن فيهم أبناؤه وأحفاده فى الخلط بين الدين والسياسة معتبرين أن الاثنين سيان.
 
بن عبدالوهاب الذى توفى مريضاً، عام 1791 ميلادياً، دون أن يترك لأبنائه مالاً يورث بحسب سيرته، خلّف لهم ولأحفادهم ميراثاً طويلاً من الكراهية والغضب لكل ما هو «وهابى» حيث نسب له ولمذهبه الكثير من التطرف والمغالاة التى جاءت باسم «الدين» بداية من تحريم زيارة قبور أولياء الله الصالحين، وانتهاء بالمغالاة التى وصلت ببعض الأتباع لتكفير من يخالفهم واستباحة أموالهم ودمائهم وأعراضهم.
 
225 عاماً مرت على وفاته لم يخفت خلالها ذكره ولو قليلاً، تارة بالذم وتارة بالمدح، لكن الأكيد أن بالأمرين معاً يواصل حياته برغم الوفاة، فمحبوه، خاصة هؤلاء الذين يلقبون أنفسهم بـ«الوهابية السلفية» يواصلون نشر أفكاره بكل الطرق الممكنة، تارة بطباعة كتبه على نفقاتهم الخاصة، وتارة بنشر كلماته وأفكاره. وكارهوه يلاحقونه بالسب والإساءة كما فى كتاب «الدرر السنية فى الرد على الوهابية» لأحمد بن زينى دحلان، و«الصواعق الإلهية فى الرد على الوهابية»، بقلم سليمان شقيق محمد بن عبدالوهاب نفسه. وبالرغم من كل شىء ما زال الغموض يلف الرجل لدى الأجيال الجديدة، التى تقرأ موضوعات عنه يبدأ أغلبها بعناوين تحمل كلمات من عينة «كشف» و«حقيقة» و«قصة».