سهولة الطلاق فى الزواج المدنى ساهم بشكل كبير فى التفكك الأسرى فى الغرب 
الزواج الكنسى فى مصر يحتاج للعمل على تطويره ليواكب الزمان الذى نعيش فيه 
حوار أجراه –  ايهاب رشدى 
يرى الكثيرون من الأقباط فى مصر ومنهم  أصحاب المشاكل الشخصية أن الزواج المدنى هو طوق النجاة الذى يمكن أن يخلصهم من مشكلاتهم  أو يجنبهم  الوقوع فيها ، بعيدا عن الكنيسة وقوانينها الخاصة بالأحوال الشخصية والتى يرون فيها قيودا ، لا تسمح بالطلاق إلا فى حالات وبنود معينة وليس لأى سبب  ، وعندما تستحيل العشرة بين الزوجين وتؤدى أحيانا إلى الضرب والايذاء وربما القتل فهم يُحملون الكنيسة مسئولية تلك النفوس ويرون انه لو كان هناك زواج مدنى بين المسيحيين فى مصر ، لصار من السهل الانفصال بين الازواج  ، ولكان المجتمع المصرى قد تجنب العديد من المآسى . 
القس ميلاد جرجس هو راعى الكنيسة العربية المعمدانية فى "نوكسفيل" بولاية تينيسي الأمريكية يحكى للاقباط متحدون بعد انتقاله للعيش فى أمريكا ، كيف يرى الزواج المدنى من خلال خبرة السنوات التى قضاها فى أمريكا ، والتى جعلته يقارن بين عيوب ومميزات كلا من الزواج الكنسى والزواج المدنى ، حيث كانت تراوده العديد من الاسئلة : هل البيئة الإجتماعية والثقافية والقانونية السائدة فى مصر الآن تعمل 
 
على نجاح الزواج المدنى ؟
هل استطاع الزواج المدنى فى الغرب أن يمنع حوادث ضرب أو قتل الازواج ؟ 
أيهما يحمى الأسرة من التفكك هل هو الزواج المدنى ام الكنسى ؟

، وعندما حسم القس ميلاد أمره وتحولت اجابات تلك الاسئلة إلى حقائق يؤمن بها ويدعو اليها كان معه هذا الحوار : 
بداية هل أنت من مؤيدى الزواج المدنى أم الكنسى  
 
قبل إنتقالى إلى أمريكا كنت من مؤيدى الزواج المدنى الإختيارى وأيضاً 
 
الزواج الكنسى الإختيارى. فوجود الإختيارين أمراً إيجابياً وعلى الإنسان 
 
أن يتحمل نتيجة إختياره، لأنه حقيقة ليس كل من تزوج هو جمعه الله
 
أو كل من تزوج بنى بيته على الصخر الذى هو المسيح ،لكن عندما 
 
أتيت وعشت فى امريكا وتعرفت عن قرب على الزواج المدنى، وجدت إنه نظام وضعه الإنسان، له إيجابياته وسلبياته كأى نظام آخر، و بالطبع لم يمنع الزواج المدنى حوادث قتل الزوج للزوجة أو العكس، أو ضرب 
 
الزوج للزوجة مثلاً لكنه سهل الإنفصال. 
 
لماذا الحديث عن هذا الموضوع الآن  
بعد الحادثة المؤسفة لقتل زوج قبطى مصرى - مدمن  لزوجته فى 
 
أستراليا، تعالت أصوات البعض فى مصرنا الحبيبة بإلغاء الزواج الكنسى الذى لا يسمح بالطلاق بسهولة إلا فى حالات محددة  مثل علة الزنا 
 
أو الجنون ، وهذا على سبيل المثال ، وقد نادى البعض بإحلال الزواج 
 
المدنى محل الزواج الكنسى الذى لا يحفظ للشريك حقوقه  أو سلامته 
بحسب ما أشاروا إليه بعد فاجعة أستراليا .
 
كيف ترى الزواج الكنسى فى مصر 
حقيقة أن الزواج الكنسى فى مصر يحتاج للعمل على تطويره ليواكب 
 
الزمان الذى نعيش فيه ليكون أكثر مرونة ووضوحاً وحسماً فى تقسيم 
 
الحقوق والواجبات أثناء الزواج ، أو حتى بعد الإنفصال أو الطلاق 
 
وعلى رجال الدين ان يراعوا الظروف الثقافية و الإجتماعية للأجيال 
 
الجديدة ؛ للمولود منهم فى الغرب و للمقيمين فى بلادنا فى الشرق ،  وأن يُراعى الإختلاف الكبير بين الشرق والغرب،  فالبعض فى مصر 
 
يتزوج وكأنه امتلك شيئاً دفع فيه ثمناً وله الحق فى إذلاله،  ففى مصر 
 
نعيش فى مجتمع ذكورى بالكامل يعطى حقوق للذكر أكثر على حساب 
 
الأنثى بعكس المجتمعات الغربية التى تساوى تماماً فيما بينهما. 
 
إذا كان الزواج المدنى لم يوقف الضرب والقتل ، فما الذى يمنع هذه الحوادث فى الغرب 
 
الزواج المدنى هو عقد بين طرفين يتم توثيقه فى المحكمة ويخضع  
 
لقوانين الدولة أوالولاية التى وثقت هذا العقد بغض النظر عن خلفيتهم
 
الدينية، لكن مايمنع الضرب أو الإيذاء أو القتل هو وجود قانون حازم 
 
يزج بالزوج فى السجن فوراً فى حالة ضربه للزوجة أو الأولاد، 
 
 
و بالتالى الزواج المدنى فى أمريكا يحفظ الحقوق والواجبات 
 
للزوجين لوجود قوانين صارمة وليس لسهولة أو لحرية الطلاق، والذى يعتبر مكلفاً للغاية فى أمريكا، فالقانون فى أمريكا يعطى الطرفين الحق فى إقتسام كل ما يملكونه، وهذا مكلف جداً لأحد الطرفين
 
وخصوصاً للأغنياء، و أيضاً الطلاق مكلف للفقراء ، فالرسوم التى 
 
يدفعها الزوجان فى المحكمة لينالوا الطلاق مكلفة على البعض منهم ، وأنا شخصياً أعرف زوجين إنفصلا ولم يبدأ بإتخاذ إجراءات الطلاق 
إلى أن استطاعا  توفير رسوم المحامى والمحكمة  ليتم الطلاق رسمياً. 
 
فالزواج المدنى ليس حلاً يمنع الإيذاء أو القتل أو الإهانة كما ادعى 
 
البعض، لكنه القانون الذى يحمى النظام أو الزواج، وعلى سبيل المثال فى حالة الزوجة المغدور بها فى أستراليا كان من الممكن أن تطلق 
من زوجها مدنياً إن أرادت ذلك،  لأن دور الكنيسة فى الغرب هو قاصر 
على العمل الروحى فقط.
 
ماذا تريد ان تقول للمطالبين بالزواج المدنى فى مصر 
أطالبهم بأن يعرفوا الاتى لكى يدركوا تبعاته التى قد تكون مدمرة للأسرة المصرية    
 
١ --لم يمنع الزواج المدنى فى أمريكا القتل أو الضرب بل كثير من 
الأزواج قتلوا شريك حياتهم، طمعاً فى بوليصة التأمين على الحياة أو 
هربا من التنازل عن نصف الثروة فى حالة الطلاق، ولم نسمع فى 
أمريكا صوتاً يطالب بإلغاء بوالص التأمين على الحياة المسببة للقتل 
أو إلغاء الزواج المدنى. 
 
٢- فى حالة الطلاق فى أمريكا تصير المطلقة single mom 
أى أم وحيدة فيعمل المجتمع على إحترامها و مساعدتها مادياً و أيضاً 
يعطيها الأولوية فى الحصول على وظيفة لتعول بيتها، والقانون أيضاً 
يلزم الزوج أن يعول الأبناء القصر مادياً بلا تهاون، وهو الشئ الذى 
يحدث عكسه تماماً فى مجتمعنا المصرى للمطلقات حيث يتم تحميل 
المطلقة المسئولية على تركها  لزوجها حتى لو كان يؤذيها بدنياً.
 
٣- فى أمريكا يوجد قانون صارم وقاسى يحفظ للجميع حقوقه ولا يوجد 
به تهاون أو فساد يهدر الحقوق. فلأجل أن لسع أب يد طفلته بسكين 
ساخن لتأديبها، أخذت الحكومة أولادهما الثلاثة ولن يروهما أبداً، 
وتفككت هذه الأسرة بسبب إيذاء قد يعتبره البعض عادياً جداً فى بلادنا 
 
٤-  الثقافة الغربية الغنية توفر لمواطنيها نوع من المساواة و الأمان 
 
الإجتماعى والمادى والثقافى غير موجود فى بلادنا، والزواج المدنى فى أمريكا هو جزء أصيل من هذه المنظومة التى تقع تحت مسمى الدولة 
العلمانية التى لا تفرق بين مواطنيها فى اللون أو العرق أو الدين. 
 
هل ترى فى الزواج الكنسى حماية من التفكك الأسرى 
لكل نظام سلبياته وإيجابياته و علينا أن نعرف أن سهولة الطلاق فى 
 
الزواج المدنى فى الغرب ساهم بشكل كبير جداً فى التفكك الأسرى. لم 
 
يرالإنسان الغربى فى الزواج المدنى حلاً لمشاكله بل عزف عن الزواج 
 
وإلتزاماته، وعاشوا سوياً بدون قيود الزواج المدنى وبدون أسرة سوية مترابطة وهو ما يعانى منه الغرب إلى الأن، و نتج عنه أيضاً زيادة نسبة 
 
المنتحرين بين المراهقين نتيجة للتفكك الأسرى، فالكثير منهم يعانى من 
 
إضطرابات نفسية و يلجأ معظمهم نتيجة للعلاقات الجنسية فى سن 
 
مبكرة إلى الإجهاض فضاع مشروع الأسرة السوية المترابطة.
 
أنا أرى أن وجود زواج كنسى فى بلادنا الحبيبة حالياً يحمى الأسرة 
 
بنسبة كبيرة لكنه يحتاج إلى العمل على تطويره كما أشرت ليصير أفضل ولكى تتلاشى الكنيسة الكثير من المشاكل. 
 
كما ان  معظم المسيحيين فى مصر يفضلون الزواج الكنسى وليس المدنى و لابد ان نأخذ رغبة الأغلبية فى الاعتبار ، ولذلك نبقى عليه مع التعديل و التطوير و فى المستقبل نعمل على وجود زواج مدنى مواز للكنسي لمن يرغب ، لو تحولت مصر فعلاً لدولة علمانية. -
 
نخلص من تحليلك لعواقب الزواج المدنى أنك ترفض تطبيقه فى مصر 
مصر تفتقد إلى البيئة الإجتماعية والثقافية والقانونية اللازمة لنجاح الزواج المدنى ، وأعتقد أن رجال الدين القائمين على الكنيسة فى مصر 
يعلمون ذلك جيداً. فالزواج المدنى فى الدولة الغنية العلمانية له سلبيات 
 
أيضاً، فماذا أذاً لو تم تطبيقه فى دولة دينية نامية كبلدنا ؟   
 
أنا ضد الزواج المدنى فى مصر بسبب ظروف بلادنا و بسبب غياب تفعيل القانون فيها ، وثانياً بسبب عنصرية بعض القائمين على تنفيذ القانون والذى سيعمل على تفكك الأسرة ، الزواج المدنى فى مصر سينتج عنه عدد هائل من المطلقات ليس لهم مأوى ولا دخل ، وأبناء أسر مفككة فى دولة فقيرة لا يوجد بها سكن متوفر ولا دخول مادية قادرة على اعاشتهم 
 
هناك حديث الان عن مناقشات بين الكنائس المصرية حول مشروع قانون الاحوال الشخصية وانت كرجل دين . ما الذى تطالب الكنائس بالانتباه اليه 
نطالب الكنيسة بالعمل على وجود قانون يحمى الأسرة ويحمى الزوجة (وهى الطرف الضعيف) من الإيذاء أو الاهانة وتفعيل إجراءات الطلاق 
 
فى الحالات التى تنطبق عليها الشروط الكنسية الكتابية، مطلوب قانون أحوال شخصية للمسيحيين عامة يضم كل الطوائف ونتفادى موضوع تغيير الملة كوسيلة للطلاق فأنا ذكرت ان لكل نظام سلبياته وايجابياته لكن الزواج الكنسى فى مصر مع وجود قانون محترم له ايجابياته وسلبياته على المدى البعيد أفضل بكثير من المدنى ، كما نطالب الكنيسة سرعة الفصل فى طلبات الطلاق لكى لا يلجأ البعض لتغيير الملة أو التحول عن المسيحية .
 
وصدقنى - أنا ارى ان كنيستنا فى مصر بكل طوائفها تبذل اقصى جهد فى وسط ظروف صعبة وربنا يرشدهم ويقودهم، و أتمنى فى القانون الجديد أن يراعى بوضوح الارث المساوى بين الأناث والذكور والنفقة أو إعالة الزوجة والاولاد فى حالة الطلاق وسهولة الزواج الثانى بعد اقرار الطلاق وتوفير لجان متخصصة فى كل ايبارشية لمعالجة مثل هذه الأمور لنتلاشى مشاكل كتير نتيجة لبطء الأجراءات . 
وكيف ترى الدور الروحى للكنيسة نحو ابنائها 
 
يجب علينا جميعاً أن ننتبه لروح العالم الشرير الذى يضرب الأسرة فى 
 
كل مكان لينتج أجيالاً مشوهة نفسياً وروحياً وحتى جنسياً. 
 
على الكنيسة أن توفر للشباب دورات تثقيفية عن الزواج وعن الأدوار 
 
التى أشار إليها الكتاب المقدس للزوجين ،وأن يتعلم الشباب عن الفروق 
 
النفسية والجسدية و الجنسية بين الذكر والأنثى ،وأن تلزم الكنيسة 
 
المقبلين على الزواج بحضور دورات تدريبية  يقدمها المتخصصون 
 
فى هذا المجال ولا يقدمها رجال الدين بل المؤهلين للعمل فى مجال 
 
الزواج والأسرة، وأن يتم الكشف المبكر على القدرةالجنسية و الإنجابية 
 
للمقبلين على الزواج   حتى نتفادى المشكلات التى تقع فيها الأسرة 
 
فى المستقبل و ليصير زواجنا الكنسى فى مصر ناجحاً مفيداً بقدر الامكان
 
هناك دورات بالفعل تعقدها حاليا الكنيسة الارثوذكسية فى مصر وتعتبرها شرطا لاتمام الزواج فى الكنيسة وفى بعض الايبارشيات هناك الزاما ايضا بالكشف الطبى للمقبلين على الزواج 
 
فى الحقيقة لم اكن أعلم بذلك ، ولكنه شئ رائع ان تقوم  الكنيسة الأرثوذكسية بتنظيم تلك الدورات .