مدحت بشاي
بينما يعانى الناس محليًا وعربيًا من ويلات عصابات الإرهاب، وانعكاساتها السوداوية على أحوال مجتمعاتنا الإنسانية، وعلى مسيرة إنجاز خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تنشغل مراكز البحوث والدراسات الاجتماعية والنفسية وتعكف على دراسة التبعات السلبية لمتابعة أطفالنا تفاصيل مشاهد معارك مكافحة الإرهاب على تكوينهم النفسى وسلامة وأمن التنشئة الصحيحة لتلك الأجيال الطالعة، وكيف باتت مشاهد الدماء وطرطشاتها على جثث الشهداء ضحايا عمليات الغدر الإرهابى وعلى جدران الكنائس والمساجد تمثل تحديًا تربويًا مخيفًا، فخشية اعتياد فلذات أكبادنا على متابعة تلك المشاهد الدامية أمر محزن ومخيف، وينبغى أن تحتشد كل الجهود للتخفيف من وقعها والبحث عن سبل مواجهة ومداواة للتقليل من وجودها، ومن تنامى تأثيرها عليهم.

ويضاف إلى وقوع الأحداث الإرهابية وما تخلفه من آثار مدمرة، يشهد الواقع ممارسات عنف وجرائم جنائية يومية بشكل غير مسبوق تتابعه وسائط الميديا المختلفة، ويزيد عليه عرض دراما البلطجة والسيوف ودماء الجدعان تراق على أسفلت شوارع الكراهية وحارات الانتقام المدمر!!!

ولكن، ولا يهمك عزيزى المواطن فقد تم إنشاء المجلس العالمى للسعادة الذى يُعد شبكة عالمية جديدة تضم نخبة من المختصين الأكاديميين فى علم «السعادة» من أصحاب الدراية والدربة فى مجالات متنوعة متخصصة، من أجل تحديد وتوصيف أفضل الممارسات لدفع مسببات السعادة وجودة الحياة. ويرى أهل ذلك المجلس العالمى أن المدارس هى المكان الرئيسى الذى تُغرس فيه قيم الثقافة فى صغار السن، وبقدر ما ستكون نظرة الطلاب إلى العالم مصطنعة وفق ما ينقل المعلمون إليهم التشاؤم وعدم الثقة والنظرة المأساوية تجاه الحياة، وبقدر ما ينقل المعلمون التفاؤل والثقة والشعور بالارتياح للمستقبل، فإن ذلك سيؤثر إيجابًا على تصور طلابهم للعالم.. والسعادة والشعور بها تمكن طلابنا من معايشة جودة الحياة.. وتقول الفرضية التوجيهية للتعليم الإيجابى بأن المدارس الإيجابية والمعلمين الإيجابيين هم نقاط الارتكاز لإنتاج جودة الحياة.

ويتم ذلك عبر التقييم المتواصل والصارم وتحليل أحجام التأثير ومدة التدخل والتكيف الثقافى للتدخلات القائمة على الأدلة، وإجراءات دقة العلاج وتعزيز تمكين المعلمين وإبداعهم بهدف تحسين التدخلات المحلية وعبر تداخلات برامج يتم تخصيصها كتطبيقات يتم التالى:

يقوم الطلاب بتسجيل ثلاثة أحداث تمت على ما يرام خلال اليوم وسبب جعلها تكتمل على ما يرام.

يكتب الطلاب «رسالة امتنان» ويذكرون فيها أفضل أحوالهم وعن أكثر اللحظات التى افتخروا فيها بأنفسهم.

يتعلم الطلاب كيفية الاستجابة البناءة لإنجازات شخص آخر.. وفهم وإدارة عواطفهم، وخاصة العواطف الإيجابية.. وتصور وتجميع وتطبيق وتقييم المعلومات كدليل للمعتقدات والأفعال. فى زمن ولاية د. حسين كامل بهاء الدين وزارة التربية والتعليم، قرر أن تقوم إدارة مدارسنا الحكومية بإعداد لافتات توضع على الأبواب يكتب عليها «مدرستى جميلة نظيفة منتجة متطورة»، ولكنهم نسوا (بالمرة) كتابة أنها مدارس جاهزة لتقديم السعادة.

لكن هتيجى منين السعادة فى مدارس كانت إلى وقت قريب يتم فيها تهديد الطفل بعقاب حبسه فى غرفة الفيران!!

وحتى عام 2015 كان فى كتاب اللغة العربية (أولى إعدادى) كذبة أن هناك مكوك فضاء تأخرت رحلته لقيام طائر «نقار الخشب» بنقر خزان الوقود، وإحداث 75 ثقبًا!! وفى كتاب علم النفس (ثانية ثانوى) أن ابن خلدون ليس هو المؤسس لعلم الاجتماع، وكمان مركز المناهج أورد بكل ثقة أن تاريخ صياغة علم الاجتماع تم عام 1938، فى حين أن الصواب هو عام 1838 على يد «أوجست كونت». وأن معركة اليرموك وقعت فى العام 13 هـ الموافق العام 634 م، والصواب هو العام 15 هـ الموافق 636 م.. مجرد أمثلة!!

فهل تحقق منظومة التعليم الجديدة حلم تعليق لافتة «مدرسة السعادة الابتدائية المشتركة» خالية من غرف الفئران؟!
نقلا عن المصرى اليوم