نختتم ردود وتعليقات والمهتمين بتعليق الباحث في القبطيات تادرس القمص سلوانس، ونشكر كل من تقدم لنا بتعليق حول تلك القضية .

سليمان شفيق

يقول الباحث تادرس القمص :
محطات رحلة العائلة المقدسة فى مصر ،ليست تمثل بركة من زيارة السيد المسييح والعائلة المقدسة فحسب , فالله جا متجسداً لكى يبارك العالم المادى كله " فللرب الارض وملؤها " .

فهى وإن كانت تحمل بركة حضور الرب الذى سكن ارضنا  ولكنها ايضاً تحمل كل الزخم الروحى والتاريخى لمصر خاصة أننا نؤمن ان التاريخ هو عمل الله فى الزمن مع الانسان , وتفاعل الانسان فى الزمن مع الله والحياة

فجاء الرب تاريخياً الى مصر هارباً ولكن فى الحقيقة مباركاً فالارض التى ضُربت ايام فرعون باركها الرب بمجيئه فقال فى ذلك القديس كيرلس عمود الدين [ لقد تراءف الله الاب على الارض التى كانت فى خدمة الطاغية والفاجر .. وُدعى بواسطة الايمان اولئك الذين كانوا يسجدون للاصنام .. وهكذا فان الشعب قد عرف الفادى ]

والرب نفسه قال عنها " مبارك شعبى مصر " لان " يكون فى ذلك اليوم مذبح للرب فى وسط ارض مصر  وعمود عند تخمها " اش 19 : 19
ومذبح وسط ارض مصر هو مذبح كنيسة الدير المحرق وعمود تخمها هو كرسى مار مرقس بمدينة الاسكندرية

وسنأخذ الدير المحرق فقط كنموذج ليشهد على عمل الله فى التاريخ وعلى عمل الانسان مع الله فى التاريخ والزمن مُشكلين معاً الهوية والتراث والزخم الروحى والانسانى عموماً

+ فحمل الدير المحرق بمدينة القوصية ( مسقط رأسى ) حضور المسيح مع مريم ويوسف النجار ومكوثه بها اطول فترة بلغت ستة اشهر وعشرة ايام
وبعد دخول المسيحية مصر على يد ما مرقس ووصولها الى الصعيد صارت كنيسة الدير المحرق الاثرية هى اول كنيسة انشئت بالوجه القبلى – كما ذكر ابو المكارم -

وصارت مركز روحى مسيحى فى العصور الاولى

فنجد ان القديس باخوميوس اب الشركة بنى ديراً حول الكنيسة الاثرية حوالى عام 342 م ،فيحمل المكان عبق الرهبنة وعمقها
 
وزاره البابا ثاؤفيلس الـ 23 واراد تدشين كنيسته وتوسعتها فظهرت له السيدة العذراء واخبرته ان الرب نفسه ةيريد بقاء المكان على بساطته شاهداً على تواضع الرب , واخبرته تفاصيل رحلتها داخل ارض مصر حتى عودتها سالمة الى ارض فلسطين .

وبنى حصن الدير الامبراطور زينون (474 – 491 م ) وعامل الاشمونين فى الخلافة الفاطمية جدده الشيخ ابوذكري ، وصار الدير ملاذاً للمسيحيين فى كل الصعيد بل فى كل مصر.

فها نجد اهل القوصية عندما خربت مدينتهم فى القرن السادس ينقلون الى الدير المحرق جسد اسقف مدينتهم انبا هيلياس الذى استشهد  منذ ايام دقلديانوس الى الدير المحرق .
 
وليس ملاذاً للمسيحيين المصرين فقط بل ملاذاً مُريحاً للرهبان الاحباش الذين يحجون اليه باستمرار , فزارته الملكة " منتواب " امبراطورة اثيوبيا ( 1730 – 1755 م ) .

وعاش فيه كثير من الرهبان الاحباش الى الان , وبنيت لهم كنيسة الانبا تكلا هيمانوت الحبشى ىفوق الكنيسة الاثرية ولكن هُدمت فيما بعد خوفاً على تصدع الكنيسة الاثرية .

وليس المسيحيون مصريين واجانب فقط بل كل المصريين مسيحيين ومسلمين

فانشأ الدير اول مدرسة لمحو الامية سنة 1930 م .

وتحولت الى مدرسة ابتدائية سنة 1947 م واُخضعت لاشراف وزارة التربية والتعليم فى العام الدراسى 1948 – 1949 م .

وانشأ الدير مدرسة الدير المحرق الاعدادية عام 1951 م .

وانشأ مدرسة اخرى بقرية المنشاة الكبرى .

وجدد مدرستى السراقنا والتمساحية وكل هذه المدارس تخرج منهم اجيال من عظماء بلدى مسلمين ومسيحين .

وما زال الدير الذى تضمه مصر على ارضها يضم مصر بين اسواره بكل الوان مصر الجميلة فتجد فى موسم زيارته مصر بالوانه الزاهية داخل اسواره ليس فقفط يجمعه بل شاهد على تاريخهم المشترك الطويل وعنصر فعّال مساهم فى تكوين هويتهم .

فمصر النيل هى مصر الدير والشعب الاصيل

تادرس القمص سلوانس