كتب – رأفت إدوار
 
نظمت جمعية الهلال الاحمر المصري بالسويس ندوة لتخليد بطولات صيادو الكرامة أحياءا لذكري يوم الأسير مستضيفة الفدائي البطل "السيد محمد منصف" عضو منظمة سيناء و عضو جمعية مجاهدى سيناء
 
وتابع المشاركون في الندوة جملة من العروض والمداخلات تناولت حياة أبطال منظمة سيناء العربية وصفحات مشرقة من تاريخ المقاومة الوطنية والدروس المستفادة منها.
 
وقالت المهندسة فوزية عبد الله رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الاحمر المصري بالسويس إن الجمعية حرصت علي إحياء الذكرى التاريخية ليوم الأسير لبث روح الانتماء ، وحب الوطن والتعريف بدور أعضاء منظمة سيناء العربية وما قدموه من دماء طاهرة في الحفاظ علي الأرض والعِرض والهوية،  
 
حضر هذه الندوة شباب وشابات الهلال الاحمر المصري.
 
جلس الفدائي"السيد محمد منصف"  يتذكر العمليات الفدائية التى قام بها هو وزملائه فى حرب الاستنزاف خلف خطوط العدو. يبدأ سيل الذكريات مع بداية النكسة وقيام الصيادين الثلاثة بعبور قناة السويس، مع آخرين، لنقل مصابى القوات المسلحة إلى الضفة الغربية لإسعافهم ونقلهم إلى المستشفيات.
 
 
 
مع بداية هدوء حركة نقل المصابين التحقوا بـ"منظمة تحرير سيناء" التى أنشأها جمال عبدالناصر لتنظيم العمل الفدائى، ومن خلال المنظمة تشكلت مجموعتهم الخاصة التى ضمت إليهم الصياد "حسن على أحمد مغربى" الذى توفى بعد الحرب، وثلاثة من بدو سيناء هم "حسين كيلانى " من عيون موسى، و"عواد عودة سلمى " من أبوزنيبة، و"سلامة سالم" من الجسيمات. ونفذت المجموعة خمس عمليات فدائية أوقعت خسائر كبيرة بالعدو قبل أن يتم أسرهم فى عام 1969.
 
 
واوضح الفدائى السيد محمد  ان تكتيك عمليات المجموعة كان يعتمد على خبرة الصيادين فى عبور القناة بالقوارب ليلا ومعرفة البدو بدروب سيناء، ومع التدريب الشاق المناسب بواسطة المخابرات الحربية أضيفت خبرة زرع الألغام. 
 
كانت أهمية الفدائيين نابعة من كونهم يعملون تحت الغطاء المدنى، يعملون نهارا وينفذون العمليات ليلا، ولهذا كان الحفاظ على سرية هويتهم أمراً مهماً؛ اضطرهم إلى اتخاذ إجراءات أمنية أثناء إجراء الاتصال بينهم وبين المخابرات الحربية. كان مكتب المخابرات الحربية يعرف أماكن تجمعهم التى كانت تنحصر فى أحد المقاهى وشقة فى منطقة "الغريب". يقول "السيد": كانوا لما يحبوا يجيبونا إما يبعتولنا حد على الشقة أو يبعتوا عربية تمر من قدام القهوة، وكنا بمجرد ما نشوفها نعرف إن فيه عملية النهارده، ونتسحب ورا بعض عشان محدش يعرفنا لأن البلد كان فيها جواسيس
 
 
منعت العمليات الخمس، التى نفذتها المجموعة، القوات الإسرائيلية من المرور فى "جبل البنكية " تماما. وكانت آخر عملياتهم "كشرات"، فى الأول من يناير 1969، والتى زرعوا خلالها ألغاما على طريق ساحل البحر الأحمر، انفجرت وأدت إلى تفجير أتوبيس نقل أفراد وأربع مدرعات للجيش قبل أن يؤسروا فى مجرى القناة أثناء عودتهم.
 
 يقول "السيد": "بعدما زرعنا الألغام فى إحدى المناطق بسيناء عدنا بلنش الصيد، وشاهدنا مركب (كارجوا) للبضائع قادم من أبوزنيبة، وكان فيها يهود رفعوا علينا سلاح وضربوا نار. ناورناهم 3 ساعات وأخيرا ألقينا بالنظارات وأجهزة اللاسلكى ومعدات الألغام فى البحر وسلمنا أنفسنا. وأول ما اتقبض علينا كان عندنا عقيدة إننا هنموت، فموتة بموتة خلينا رجالة ومحدش يتكلم عن حاجة ومنعرفش أى حاجة وإحنا ناس صيادين ومنعرفش أى حاجة عن حد، زميلنا الرابع أصيب أول ما اتقبض عليه بطلقتين ونقلوه بالطيارة لمستشفى (اللد).
 
 
 
ذكريات الأسْر استدعت نظرات متناقضة على وجوه الثلاثة، من حزن وأسى بسبب التعذيب وما شاهدوه داخل السجون الإسرائيلية، وفخر بما فعلوه فى المقاومة الشعبية التى أدت إلى حصولهم على نوط الامتياز من الطبقة الأولى من الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1980. 
 
أربعة عشر شهرا قضتها المجموعة فى السجون المختلفة الواقعة تحت إمرة القوات الإسرائيلية فمروا على سجون "أبوزنبية" و"أبورديس" بعد أن قضوا ثلاثة أشهر فى سجن "سرفنت" الحربى بتل أبيب. تلك الشهور الثلاثة كانت هى الأصعب عليهم، بحسب قولهم، بسبب برودة الجو وتعرضهم للتعذيب داخل السجن. فى "سرفنت" كانوا محبوسين مع فدائيين من فلسطين ولبنان والأردن.
 
 يحكى الفدائي السيد محمد منصف كيف كانوا يواجهون ضباط السجن بكبريائهم وعواقب ذلك كانت إحداها أن أمر أحد الضباط بأن يربط "السيد" فى جذع نخلة بعد نزع ملابسه عنه، باستثناء ما يستر عورته، حتى يأكل النخل جلده.
 
عندما يئس الإسرائيليون من استجوابهم أحالوهم إلى المحاكمة، وأثناء نظر القضية كانت مصر تجرى اتفاقا لتبادل الأسرى مع إسرائيل خرجوا بمقتضاه فى صفقة استبدل فيها أربعة طيارين وأربعة عشر فدائيا مصريا بطيارين إسرائيليين فى عام 1970. وجاء موعد خروجهم من السجون قبل موعد النطق فى محاكمتهم بأربعة أيام، وعندما صدر الحكم عليهم وهم فى السويس كانت عقوبة الفرد الواحد منهم خمس "مؤبدات".
 
 
فرحتهم بخروجهم من السجن لم يعكرها سوى منعهم من العمل الفدائى مرة أخرى؛ نظرا لقواعد المخابرات الحربية التى تمنع الأسرى المصريين من العمل مع القوات المسلحة مرة أخرى بعد الإفراج عنهم؛ خوفا من أن يكون بعضهم قد تم تجنيده من قبل العدو.