هاني لبيب
أصبح الهجوم بشكل عشوائى على ثورة 23 يوليو 52 عادة سنوية، وهذا الهجوم لا يعبّر عن نقد حقيقى للثورة، وتحول الأمر إلى مواجهة حادة بين المؤيدين والموالين لها من جهة، والمعارضين والكارهين لها من جهة أخرى، فضلًا عن اختزال تلك الثورة فى شخص جمال عبدالناصر وحده، وتحميله تبعات ما حدث فى مصر والمنطقة العربية.

فى ثورة يوليو تحرك شباب من الجيش المصرى بسبب حالة الاحتقان السياسى فى البلاد نتيجة الاحتلال البريطانى بالدرجة الأولى، وكذلك رفضهم بعض سياسات الملك فاروق، وما تبع ذلك من التخلى عن النظام الملكى وتأسيس الجمهورية، وقد ساند الشعب المصرى الثورة بسبب الضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى عانى منها، ووقتها لم يكن هناك وجود للفضائيات وبرامج الـ«توك شو» أو «فيسبوك»، واعتمدت الثورة حينذاك على الإذاعة ثم على الصحف والمجلات المطبوعة فى الوصول إلى الشارع المصرى.

أما ثورة 30 يونيو 2013 فقد تحرك الشعب المصرى ضد سيطرة الفاشية الدينية على السلطة فى مصر، واستجابت القوات المسلحة لطلبه بالمساندة لاستعادة الهوية المصرية وتأكيد مدنية الدولة المصرية، وقد لعبت وسائل الإعلام دورًا مهمًا فى كشف كوارث الجماعة الإرهابية وتجاوزاتها، التى وصلت إلى حد القتل والحرق والتفجير والعمليات الإرهابية، كما لعب «فيسبوك» دورًا كبيرًا فى حشد المواطنين للتمرد واللجوء إلى الشارع تعبيرًا عن حالة الغضب والرفض لتلك الجماعة الإرهابية. وكان للمرأة والشباب دور ملحوظ وحضور مميز فيها.

فى تقديرى، لا أعتقد فى صحة المقارنات بين الثورتين وزعمائهما ليس فقط بسبب الأجواء السياسية المختلفة، ولكن بسبب التحديات التى انحصرت داخليًا فى ثورة 52، وتنوعت بين الداخلى والخارجى فى ثورة 30 يونيو، تبعًا لخريطة المصالح الدولية وتصورات شكل المنطقة العربية بعد صعود الإسلام السياسى للحكم.

مَن يكتب بحسن نية أو غير ذلك عن أن ثورة 30 يونيو ورمزها عبدالفتاح السيسى هما استكمال لثورة 23 يوليو ورمزها جمال عبدالناصر فى شكل من أشكال المقارنة أو التكامل يجانبه الصواب، إذ إنه ينطلق من أمر غير دقيق، ويحتاج إلى مراجعة سياسية، فلكل زعيم سماته الشخصية المميزة ورؤيته الخاصة لمصر بين دول العالم، ولكل ثورة أسبابها ومرتكزاتها التى لا يمكن أن نختزلها بهذا الشكل متجاهلين التاريخ.

لا يمكن الحكم على ثورة يوليو 52 بأدوات الحاضر، وهذا لا يمنع السلبيات والملاحظات عليها. كما لا يمكننا أن نحكم على ما يحدث فى الحاضر استنادًا إلى استنتاجات مسبقة وموجهة للهجوم على ثورة 30 يونيو.

نقطة ومن أول السطر..
ثورة 23 يوليو 52 وثورة 30 يونيو 2013 وجهان مختلفان لعملة واحدة، معدنهما الحقيقى هو ذلك التكامل والتطابق فى وحدة هذا الوطن واستقراره بين القوات المسلحة المصرية والشعب المصرى.
نقلا عن المصرى اليوم