سليمان شفيق
في دراستي التي نشرتها في خمسة مقالات بأقباط متحدون استعنت اكثر من مرة بمقال ا اسامة سلامة رئيس تحرير روز اليوسف الاسبق والذي نشرة في روزا اليوسف ، ولذلك رايت ان اعيد نشرة هنا مرة اخري لكي يستبين للقراء والمهتمين أهمية هذا المقال سليمان شفيق .

وبعدما انصرف المجوس، إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم، قائلا قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك لأن هيردوس مزمع أن يقتل الصبى ليهلكه، فقام وأخذ الصبى وأمه ليلا وانصرف إلى مصر»، هذا ما جاء فى إنجيل متى.

هكذا بدأت رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، والتى استغرقت حسب الكنيسة الأرثوذوكسية القبطية 3 سنوات و6 شهور و10 أيام، جالت خلالها بالعديد من المدن والمحافظات المصرية، حيث بدأت العائلة المقدسة رحلتها من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق غرب العريش ومنها إلى الفرما القريبة من بورسعيد ثم إلى تل بسطا بالشرقية، وبعدها توجهت نحو الجنوب حتى وصلت مسطرد ومنها شمالاً إلى بلبيس بالشرقية، ومن هناك رحلت إلى سمنـود بالغربية، وواصلت سيرها إلى سخا بكفــر الشيخ، وبعدها عبرت نهر النيل إلى غرب الدلتا وتحركت تجاه وادى النطرون، ومنه اتجهت إلى المطرية وعين شمس، ثم سارت إلى ناحية

مصر القديمة مرورا بالزيتون ولم تمض بمصر القديمة سوى أياما قلائل، وتركتها متجهه ناحية الجنوب حيث وصلت إلى المعادى ومن هناك استقلت مركبًا شراعيًا بالنيل نحو الصعيد حيث وصلت إلى قرية دير الجرنوس بمغاغة، ومرت على قرية صندفا قرب البهنسا ببنى مزار، وبعدها جنوبا حتى سمالوط ومنها عبرت النيل ناحية الشرق حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير ببنى مزار، وعبرت النيل مرة أخرى من الشرق إلى الغرب متجهة إلى الأشمونيين ثم إلى قرية قسقام وتركتها إلى بلدة مير بالقوصية واستقرت بجوار جبل قسقام، حيث يوجد الآن الدير المحرق، ومكثت العائلة المقدسة هناك نحو حوالى ستة أشهر وعشرة أيام حتى جاءت البشارة ليوسف الشيخ فى حلم قائلا «قم وخذ الصبى وأمه واذهب أرض فلسطين لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبى»، وفى طريق العودة اتخذت طريقا آخر إلى الجنوب قليلا حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة حيث يوجد حاليا دير السيدة العذراء، ثم سلكت نفس الطريق الذى

جاءت منه خلال العودة، وفى كل هذه الأماكن التى تواجد بها المسيح وأمه مريم العذراء تركا آثارا يتبارك بزيارتها الأقباط. والمسلمون المصريون، الآن أصبحت هذه المزارات عالمية بعد إقرار الفاتيكان لها ووضعها على برامج الحج المقدس للمسيحيين، وهو ما يفتح الباب أمام مليار ونصف مليار كاثوليكى لزيارة هذه الأماكن المقدسة والسير على طريق العائلة المقدسة، حيث تقدر وزارة السياحة عدد السائحين المنتظر حضورهم للتبرك بمسار العائلة المقدسة بمليونى سائح سنويا ويمكن أن يزداد العدد إلى ثلاثة ملايين، فهل استعددنا لاستقبال كل هذه الأعداد؟ لقد وصف يحيى راشد وزير السياحة قرار الفاتيكان بالتاريخى، ووضع خطة للاستفادة منه مثل عمل فيلم دعائى ونشره فى كل دول العالم، وإعداد ملصقات بعدة لغات تتضمن الأهمية الدينية لهذه الأماكن، ولكن هل تكفى هذه الجهود للاستفادة من هدية الفاتيكان؟

الواقع يقول إن معظم الأماكن التى مرت بها العائلة المقدسة تعانى من إهمال جسيم، وتحتاج إلى إصلاح عاجل، مثلا شجرة مريم التى استظلت تحتها العائلة فى المطرية تصرخ من التجاهل وما حولها من مخلفات لن يجعل أى سائح يعود إليها مرة أخرى، أيضا كل المحافظات التى توجد بها المزارات تعانى من قلة الفنادق الملائمة لأذواق السائحين المختلفة وقدراتهم المالية المتباينة، كما أن الذهاب إليها يحتاج إلى طرق ممهدة، بجانب أن التقارير العالمية تضعنا ضمن قائمة أكبر

الدول فى حوادث السيارات، أيضا السكك الحديدية تعانى من الأعطال والتأخير فى المواعيد والحوادث من حين إلى آخر، كذلك نحتاج إلى إعداد المرشدين السياحيين وتدريبهم على كيفية التعامل مع السائح الدينى والذى يختلف عن سائح المزارات الفرعونية، وتعريف المواطنين بأهمية هذه السياحة لهم وللدولة وتثقيفهم وتعليمهم الحقبة القبطية، نحتاج للعمل سريعا، فحسب كلام الفاتيكان فإن أولى الرحلات ستبدأ فى مايو القادم، ومن الممكن إذا قمنا بدعاية مكثفة أن تبدأ الزيارات فى أواخر ديسمبر وأوائل يناير القادم مع أعياد الميلاد، وكذلك فى عيد القيامة أى فى شهر أبريل مما يعنى أن أمامنا شهورًا قليلة للغاية يجب خلالها أن نصلح كل السلبيات، حتى لا تضيع منا رحلة العائلة المقدسة ونتوه فيها، ولا نستفيد من هدية الفاتيكان.