د.جهاد عودة
كانت عملية خان يونس الإسرائلية 11 نوفمبر 2018 مؤشرا عظيما لأزمة الردع التقليدى الاسرائيلى وخاصة فى مجال العلمليات الخاصة، حيث إن هذا المجال صار هو المجال الحيوى الباقى من عناصر الردع ضد العدو الذى لا يتطلب انفاقا عاليا منظما ومستمرا ومعقدا لمدة زمنية طويلة.

هنا نوضح وجها هاما من عجز القوة الإسرائلية الشاملة، العمليات الخاصة الإسرائلية الآن بسبب عمليات التطبيع العربى صارت أكثر خطورة ومفتوحة على عمليات مشتركة وعدم وضوح لنهاية العمليات.

النزاعات المنخفضة الكثافة (منخفضة الحدة) هي صراعات عسكرية تقع عادة بين اثنين أو أكثر من الدول أو الجماعات من غير الدول Non-state groups، وتتميز بأنها أقل كثافة من الحرب التقليدية، وعادة ما ينطوي ذلك على استخدام الدولة لقواتها المسلحة بشكل انتقائي مع ضبط النفس، وذلك بغرض إنفاذ الامتثال لسياساتها أو أهدافها. ويمكن استعمال هذا المصطلح لوصف الصراعات التي يعمل فيها طرف واحد على الأقل - أو كل من الأطراف المتنازعة - على هذا النحو، تتألف العمليات منخفضة الكثافة من نشر الجنود واستخدامهم في حالات أخرى غير الحرب. وبالنسبة للدول، تجرى هذه العمليات عادة ضد جهات الفاعلة من غير الدول Non-state actors، ويطلق عليها مصطلحات مثل مكافحة التمرد، ومكافحة التخريب، وحفظ السلام، وغالبًا ما تقوم جماعات العنف Non-state actors بإجراء عمليات منخفضة الكثافة ضد الدول من خلال تمرد.

الخصم الرئيسي للحرب منخفضة الكثافة هي حرب العصابات، أي المقاتلون غير النظاميين، وقد يحظى هذا الخصم برعاية من الدولة أو جهات فاعلة من غير الدول تقودها أيديولوجية دينية أو غيرها، وذلك في المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية، وتوصف حرب العصابات الحديثة بأنها عملية متكاملة، تكتمل بعقيدة متطورة، وبالتنظيم، والمهارات المتخصصة، علاوة على القدرات الدعائية، ويمكن للمقاتلين أن يعملوا كمجموعات صغيرة ومتناثرة من المهاجمين، ولكن يمكنهم أيضا العمل جنبا إلى جنب مع القوات النظامية، أو الشراكة معها في العمليات بعيدة المدى في حجم فصيل، أو سربة أو كتيبة، أو حتى تشكل منفردة وحدات تقليدية، وطبقًا لمستوى تطورها وتنظيمها، يمكنها أن تتحول بين كل هذه الأوضاع حسب ما يتطلب الموقف، كما تمتاز حرب العصابات بكونها مرنة، وليست جامدة، وتستند تكتيكات حرب العصابات على المعلومات الاستخباراتية، ونصب الأكمنة، والخداع، والتخريب، والتجسس، وضعضعة سلطة ما من خلال مواجهة طويلة، ومنخفضة الكثافة.

ويمكن أن تكون حرب العصابات ناجحة تماما ضد نظام أجنبي أو محلي لا يحظى بشعبية، كما يتضح من تاريخ الصراع في فيتنام، وجيش العصابات قد يُزيد من تكلفة الحفاظ على احتلال أو وجود استعماري بقدر يفوق ما قد تستطيع القوة الأجنبية تحمله، أما في حالة أن تكون حرب العصابات ضد نظام محلي، فقد تجعل الميليشيات الحكم مستحيلا مع الضربات الإرهابية والتخريب، وحتى مزيج من القوات لوقف أعدائهم المحليين في المعركة التقليدية. هذه التكتيكات مفيدة في إضعاف معنويات العدو، مع رفع الروح المعنوية للمقاتلين.وتسمح تكتيكات حرب العصابات -في كثير من الحالات - لقوة صغيرة بوقف عدو أكبر بكثير وأفضل تجهيزا منها، لفترة طويلة، كما هو الحال في الحرب الشيشانية الثانية في روسيا.

وقد تطور هذا النمط من الصراع الى ما يطلق عليه جيل الرابع من الحروب (بالإنجليزية: Fourth-Generation Warfare) أو اختصارًا (بالإنجليزية: 4GW) أو "الحرب اللا متماثلة" هو الصراع الذي يتميز بعدم المركزية بين أسس أو عناصر الدول المتحارَبة من قِبل دول أخرى، استخدم هذا المصطلح لأول مرة في عام 1989 من قبل فريق من المحللين الأمريكيين، من بينهم المحلل الأمريكي ويليام ستِرگِس ليند لوصف الحروب التي تعتمد على مبدأ اللا مركزية .أطلق اسم حرب الجيل الرابع (4GW) على الحرب على المنظمات الإرهابية حسب المفهوم الأمريكي والتي يكون طرفي الحرب فيها جيش نظامي لدولة ما مقابل لا دولة أو عدو أو خلايا خفية منتشرة في أنحاء العالم .واختلف المحللون الاستراتيجيون والعسكريون في تعريف أجيال الحروب فبعضهم من يعرفها بـ :

حرب الجيل الأول: هي الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين ،الخبير العسكري والكاتب الأمريكي ويليام ليند يعرفها أنها حروب الحقبة من 1648 حتى 1860 حيث عرفت بالحروب التقليدية (بالإنجليزية: Conventional War) بين جيوش نظامية وأرض معارك محددة بين جيشين يمثلون دول في حرب ومواجهة مباشرة .

حرب الجيل الثاني: يعرفها البعض بحرب العصابات (بالإنجليزية: Guerilla War) والتي كانت تدور في دول أمريكا اللاتينية، الخبير الأمريكي ويليام ليند يعرفها بالحرب الشبيهة بالجيل الأول من الحروب التقليدية ولكن تم استخدام النيران والدبابات والطائرات بين العصابات والأطراف المتنازعة.

حرب الجيل الثالث: يعرفه البعض بالحروب الوقائية أو الاستباقية (بالإنجليزية: Preventive War) كالحرب على العراق مثلًا، ويعرفها الخبير الأمريكي ويليام ليند ويوصفها بأنها طوُرَت من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية وسميت بحرب المناورات وتميزت بالمرونة والسرعة في الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة وأيضًا الحرب وراء خطوط العدو.

حرب الجيل الرابع: اتفق الخبراء العسكريون بأن حرب الجيل الرابع هي حرب أمريكية صرفة طورت من قبل الجيش الأمريكي وعرفوها بـ"الحرب اللا متماثلة" (بالإنجليزية: Asymmetric Warfare) حيث وجد الجيش الأمريكي نفسه يحارب لا دولة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بمعنى آخر محاربة تنظيمات منتشرة حول العالم وهذه التنظيمات محترفة وتملك إمكانيات ممتازة ولها خلايا خفية تنشط لضرب مصالح الدول الأخرى الحيوية كالمرافق الإقتصادية وخطوط المواصلات لمحاولة إضعافها أمام الرأي العام الداخلي بحجة إرغامها على الانسحاب من التدخل في مناطق نفوذها ومثال على هذه التنظيمات: القاعدة .. الخ، وتستخدم فيها وسائل الأعلام الجديد والتقليدي ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة والعمليات الاستخبارية والنفوذ الأمريكي في أي بلد لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وسياسات البنتاغون.

الحرب الجديدة حسب تعريف أول من أطلقها في محاضرة علنية وهو البروفيسور الأمريكي "ماكس مايوراينگ" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي حيث عرفها بنقاط مختصرة كالآتي:

الجيل الرابع من الحروب هي الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية. وعناصرها هى:

1- الإرهاب.
2- قاعدة إرهابية غير وطنية أو متعددة الجنسيات.
3- حرب نفسية متطورة للغاية من خلال الإعلام والتلاعب النفسي.
4- تستخدم كل الضغوط المتاحة - السياسية والأقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
5- استخدام تكتيكات حروب العصابات والتمرد.

كتب اليكس فيشمان المعلق العسكري في صحيفة يديعوت العبرية، أن العملية التي قُتل فيها المقدم م. كشفت عن إخفاقات في واحدة من أكثر الهيئات سرية في الجيش الإسرائيلي، لكنها أظهرت أيضًا تطوّر وجرأة القوة: "إذا كان ادعاء حماس صحيحًا، بإن القوة الإسرائيلية تصرفت تحت ستار منظمة إغاثة دولية، فهناك شك بأنها دخلت قطاع غزة في ذلك اليوم، أوصت لجنتان حققتا في الحدث بسلسلة من الاستنتاجات: أولًا وقبل كل شيء: لن يكون القادة في الميدان مستقلين تمامًا، دروس إضافية: تقليل عدد الشركاء في السر، وأخيرًا: تركيز جميع عناصر التحكم في غرفة حرب واحدة ، وتحسين تدريب المقاتلين الذين يعملون في بيئات معادية.إذا كان ادعاء حماس قريب من الواقع، وأفراد القوة الذين تم كشفهم في خان يونس في نوفمبر الماضي كانوا يعملون بالفعل تحت ستار منظمة إغاثة دولية، فإن أمامنا قصة منظمة متطورة وجريئة، تتعدى القصة البطولية لمعركة الإنقاذ التي شنها الجنود بعد كشف القوة. قدمت حماس حتى الوثائق والصور للأشخاص الذين تزعم أنهم يعملون على الأرض، مما قد يدفعنا إلى الشك في أن هذه المجموعة من المقاتلين دخلت قطاع غزة فقط في 11 نوفمبر 2018، وهو اليوم الذي قُتل فيه م.

إذا كانت الوثائق المنشورة لها أي صلة بالواقع، فإن هذه المؤسسة الخيرية كانت معروفة لحماس.لأن المشاركون في تشغيل الجمعيات الخيرية في قطاع غزة هم مكتب حكومة حماس، المسؤول عنها الدعوة - جميع الأنشطة المدنية في مجالات التعليم والرعاية الاجتماعية والصحة، إلخ.تسعون في المائة من المؤسسات الخيرية في قطاع غزة محلية وترتبط بحركة حماس أو الجهاد الإسلامي أو أسر غزة.البقية هي منظمات دولية، خاصة تلك المرتبطة بالأمم المتحدة، لكن معظم نشطاءها هم من الفلسطينيين المقيمين في غزة.حساسية حماس للأجانب الذين يدخلون إلى قطاع غزة عالية بشكل خاص. لذلك، إذا كان وصف حماس صحيحًا أن أعضاء القوة المكشوفة كانوا يختبئون تحت غطاء جمعية خيرية، فإن كل واحد منهم يستحق ميدالية.

إن تشغيل مثل هذه الشبكة من قبل منظمة الاستخبارات - كل منظمة استخباراتية - يتطلب الهدوء والجرأة والحيلة والارتجال التي هي نتيجة لسنوات من الخبرة. يجب أن يخضع المقاتلون العاملون في مثل هذه الوحدات لتدريب متخصص وتجربة عميقة في اللغة والثقافة والخبرة في المنطقة التي يعملون فيها. كلما زاد الوقت الذي تبقى فيه القوة في منطقة معينة، زادت ثقتها بنفسها، وكلما زاد اعتمادها على الحدس والقدرات الشخصية لرجالها في الوحدات التشغيلية لوكالات التجسس في العالم، هناك عادة تخصصات مهنية. على سبيل المثال - بين عناصر البنية التحتية اللوجستية وبين عناصر الهيئات التنفيذية.تعتمد البنية التحتية التشغيلية على المقاتلين المتخصصين في قدرات الاستيعاب الفريدة في هذا المجال. يرتدون الزي المحلي، ليسوا مسلحين ولا يُسمح له بمواصلة حمل أي علامة قد تُسلِّمهم، لأنه في أي لحظة قد يتسبب هذا الرمز في الشك، وأن يتم القبض عليه واستجوابه. ولكن كلما مر الوقت، زادت فرصة كشف هذه البنى التحتية.
نقلا عن صدى البلد