1762فى مثل هذا اليوم 17 يوليو م.
سامح جميل
تتويج كاترين الثانية إمبراطورة على الإمبراطورية الروسية بعد مقتل زوجها الإمبراطور بيتر الثالث في سجنه بقلعة روبشينسكي.
 
إمبراطورة كاترين الثانية ألكسيڤنا بنت كريستيان أغسطس أمير آنهالت الشهيرة باسم كاترين الكبيرة أو كاترين العظيمة ، هي إحدى أبرز وأهم وأكبر حُكَّام روسيا عبر التاريخ، وأعظم شخصيَّة حكمت البلاد الروسيَّة في التاريخ الحديث، ومن أطول النساء الحاكمات عهدًا، إذ امتدَّ عصرُها من سنة 1762م حتَّى وفاتها سنة 1796م عن عُمرٍ يُناهز 67 سنة، كما أنَّها من بين أشهر النساء الحاكمات عبر التاريخ ومن أعظمهنَّ شأنًا وتأثيرًا.
 
وُلدت في مدينة شتچين بِدُوقيَّة پوميرانيا في مملكة بروسيا، وكان اسمُها ولقبها عند الولادة صوفي فردريك أغسطس ڤون آنهالت زربست دورنبرگ وخِلال فترةٍ لاحقةٍ من حياتها تزوَّجت الإمبراطور الروسي بُطرس الثالث، ومن ثُمَّ تربَّعت على عرش الإمبراطوريَّة بِنفسها بعد الانقلاب الذي جرى ضدَّ حُكم زوجها والذي أفضى إلى اغتياله. انتعشت روسيا انتعاشًا كبيرًا في ظل الحُكم الكاتريني، فتوسَّعت أراضي الإمبراطوريَّة على حساب جيرانها، وازدادت قُوَّتها العسكريَّة حتَّى اضطرَّت الدُول الأوروپيَّة الغربيَّة إلى الاعتراف بها كقُوَّةٍ عُظمى إلى جانبها في العالم.
 
اعتمدت كاترين الثانية على طبقة النُبلاء في إدارة شؤون بلادها، ودانت لِبعضهم بِفضل وُصولها إلى سُدَّة العرش، ومن أبرز هؤلاء گريگوري أورلوڤ وگريگوري پوتمكين، كما اعتمدت على ثُلَّةٍ من القادة العسكريين الكفوئين مثل إسكندر سوڤوروڤ وبُطرس روميانتسيڤ، وأُمراء البحار مثل تُيودور أوشاكوڤ، لِتوسيع حُدود إمبراطوريَّتها والسيطرة على المزيد من الأراضي المُجاورة، بِالطُرق العسكريَّة تارةً وبِالدبلوماسيَّة تارةً أُخرى. ففي الحُدود الجنوبيَّة لِلإمبراطوريَّة، تمكَّنت كاترين الثانية من سحق خانيَّة القرم المُسلمة المُوالية لِلدولة العُثمانيَّة بعد أن حاربت الجُيُوش الروسيَّة الجُيُوش العُثمانيَّة ردحًا طويلًا من الزمن في سلسلةٍ من الحُرُوب والمعارك اشتهرت باسم الحُرُوب الروسيَّة العُثمانيَّة، وتمكنت من هزمها، كما شجَّعت الحركات الثوريَّة في البلقان ضدَّ العُثمانيين ودعمت بعض الوُلاة العاصين في المشرق مثل علي بك الكبير والي مصر وظاهر العمر والي صيدا، حتَّى حصلت على مرادها من السلطنة، التي تنازلت لها عن جميع المناطق الشاسعة شمال البحرين الأسود وآزوڤ.
 
وفي الغرب، تمكَّنت كاترين الثانية من تفتيت الاتحاد البولوني الليتواني الذي كان يحكمه عشيقها السابق الملك ستانيسواڤ أغسطس پونياتوڤسكي، وسيطرت على القسم الأكبر من بلاده.
 
أمَّا في الشرق، فقد شرع الروس باستعمار واستيطان آلاسكا، مُؤسسين بِذلك إقليم «أمريكا الروسيَّة».
 
أعادت كاترين الثانية تنظيم إدارة الغوبرنيهات (الولايات) في طول الإمبراطوريَّة وعرضها، وأمرت بِإنشاء الكثير من المُدن والبلدات الجديدة وتوطين الناس فيها.
 
ولمَّا كانت من أشد المُعجبين بِبُطرس الأكبر، فقد سارت على أثره وانتهجت نهجه في تحديث وتطوير الإمبراطوريَّة الروسيَّة على النسق الأوروپي الغربي، على أنَّ بعض جوانب الحياة استمرَّت مُختلفة أشد الاختلاف عن أوروپَّا، فالتجنيد العسكري وعجلة الاقتصاد استمرَّت تعتمدُ على القنانة، وقد أفضت مُتطلِّبات الدولة الاقتصاديَّة المُتزايدة ومُتطلبات كبار المُلَّاك والإقطاعيين التي تنامت مع نُمو واتساع حُدود الإمبراطوريَّة وارتفاع عدد سُكَّانها إلى ارتفاع نسبة
 
الاعتماد على الأقنان. كانت قضيَّة القنانة هذه وما رافقها من اضطهاداتٍ ومآسٍ السبب الرئيسي وراء قيام الكثير من الثورات ضدَّ حُكم كاترين الثانية، ومن تلك الثورات «ثورة پوگاچف» واسعة النطاق التي تمرَّد فيها آلاف الفلَّاحين والقوزاق على الإمبراطورة.
 
يُعرفُ العصر الذي حكمت فيه كاترين الثانية الإمبراطوريَّة الروسيَّة بِالعصر الكاتريني، ويعُدُّه المُؤرخون العصر الذهبي لِلإمبراطوريَّة والنبالة الروسيَّة. ففي هذا العصر صادقت كاترين الثانية على «ميثاق حُريَّة النُبلاء» الذي أصدره زوجها الإمبراطور السابق بُطرس الثالث، وأعفى بمقتضاه النُبلاء الروس من الخدمة العسكريَّة والمدنيَّة لِلدولة، كما دعمت تشييد وبناء الكثير من الدور والقُصُور المُخصصة لِسُكنى هذه الفئة، بِالطراز الكلاسيكي، مما غيَّر وجه البلاد.
 
ودعمت كاترين الثانية المُثُل التنويريَّة العُليا بِشغفٍ واضح، حتَّى عُرفت بأنها حاكمة مُطلقة مُستنيرة.وبِصفتها راعية لِلفُنون والثقافة، أقدمت على تأسيس معهد سمولني لِيكون أوَّل مُؤسسة دراسات عُليا مُخصصة لِتعليم النساء في أوروپَّا.!!