سليمان شفيق
اولا:
كثر الحديث في السنتين الماضيتين عن مسار العائلة المقدسة لمصر ، وبذلت جهود كبيرة ولذلك اثرت ان ابحث الامر من جوانبة الاقليمية والدولية ، وليس فقط علي الجانب المصري
 
زارت العائلة المقدسة مصر منذ أكثر من ألفى عام، ومنذ الميلاد، وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسى، حكم مصر «100» حاكم، ولم يتم تناول هذه الرحلة إلا منذ زيارة القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين فى القرن الرابع الميلادى للمواقع المقدسة، وبعد حوالى «16» قرنًا يؤخذ الأمر بجدية حاليًا.
 
استغرقت الرحلة حسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية «3 سنوات و6 شهور و10 أيام» من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق غرب العريش ومنها إلى الفرما القريبة، ثم إلى تل بسطا بالشرقية، وبعدها إلى مسطرد ومنها شمالًا إلى بلبيس بالشرقية، ومنها إلى سمنود بالغربية وسخا بكفر الشيخ، وعبرت النيل إلى غرب الدلتا وتحركت إلى وادى النطرون، ومنها اتجهت إلى المطرية وعين شمس، ثم سارت نحو مصر القديمة مرورًا بالزيتون، ولم تمضِ بمصر القديمة إلا أيام قلائل، واتجهت نحو الجنوب مرورًا بالمعادى ومن المعادى استقلت مركبًا شراعيًا إلى قرية دير الجرنوس بمغاغة، ومرت على قرية صندفا قرب البهنسا ببنى مزار، ثم جنوبا إلى سمالوط بجبل الطيرما يسمى الآن قرية دير العذراء، واتجهت إلى جوار جبل قسقام ما يسمى الآن دير المحرق، وكانت الفترة الأكبر قد قضتها العائلة المقدسة فى الجنوب ما بين جبل الطير بالمنيا والقوصية بأسيوط.
 
لكن كما كتب الزميل أسامة سلامة بروزاليوسف: «الأماكن التى مرت بها العائلة تعانى من إهمال جسيم، وتحتاج إلى إصلاح عاجل، كما أن كل المحافظات التى توجد بها المزارات تعانى من قلة الفنادق الملائمة لأذواق السائحين المختلفين وقدراتهم المالية، كما أننا نحتاج إلى طرق ممهدة».
 
لكن الرياح أتت بما لاتشتهى السفن، وبعد أن اعتمد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أيقونة العائلة المقدسة، والتى اعتمد الفاتيكان فى ديسمبر 2017 مسار العائلة المقدسة داخل مصر كأحد برامج الحج الفاتيكانى، كما بدأت مؤسسة «أوبرا روما» التابعة للفاتيكان فى تبنى الأمر، فوجئنا بكثير من اللغو نسمع حول رحلة العائلة المقدسة.
 
هذا الضجيج بلا طحن، لفت نظر النائب مجدى ملك، فتقدم بطلب إحاطة شهر يونيو 2018 الماضى، بشأن عدم اتخاذ خطوات جادة وعاجلة نحو تطوير الأماكن والمعالم الأثرية لرحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات خاصة المنيا وأسيوط ، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية لعدم استغلال الدفعة القوية، والجهود التى بذلت لتفعيل الحج إلى هذه المناطق. وبناءً على هذا الطلب استدعت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ممثلين لوزرات الثقافة والآثار والسياحة والتنمية المحلية والمالية، للوقوف على الخطوات التى اتخذتها الحكومة بشأن مسار رحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات، فضلًا عن رؤية الوزراء تجاه دعم قطاع السياحة والاقتصاد المصرى.
 
وقال النائب أسامة هيكل، رئيس اللجنة، فى اجتماعها: «إن اللجنة لا تشعر بجدية الحكومة تجاه تسويق مسار العائلة المقدسة بالشكل المطلوب، ومن ثم توصى بتشكيل لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة لوضع خطة زمنية فى هذا الصدد.
 
فى حين اختلف مع ذلك الخبير السياحى إلهامى الزيات، وقال فى تصريحات صحفية، الخميس 19 مايو الماضى: «إن رحلات الحج إلى مسار العائلة المقدسة «فقط» لن يكون لها أى مردود اقتصادى على الدولة حاليًا، وأن صرف أية مبالغ مالية على تجهيز كامل نقاط المسار سياحيًا يعتبر نوعًا من «إهدار المال العام»، حسب تعبيره، خصوصًا أن برنامج رحلة مسار العائلة المقدسة داخل مصر لن يزوره أكثر من «100» سائح سنويًا.
 
. وأوضح «الزيات» أن «السياح الدينيين أو الروحانيين باتت أعدادهم قليلة للغاية مقارنة بالسياح الذين يأتون من أجل السياحة الشاطئية أو الثقافية والأثرية، الأمر الذى دعا النائب مجدى ملك للقول: «على الرغم مما تملكه الدولة المصرية من مقومات وثروات سياحية لم ينجح المسؤولون ولا المعنيون بالسياحة عمومًا وفى هذا القطاع خاصة، فى الاستفادة منها واستثمارها بالشكل الأمثل الذى يمكن أن يحقق ثروة هائلة تدعم الاقتصاد المصرى، وتكون مخرجا حقيقيا للدولة للخروج من أزماتها الاقتصادية مقارنة بما يحدث لدول اخرى أقل فيما تملك سياحيًا مثل تونس التى زارها فى «2010» سياحًا أكثر ثلاث مرات مما زارنا فى نفس العام!!. ويعرب النائب مجدى ملك عن دهشته ويضيف: «أنه تم تقسيم الرحلة إلى مراحل: المرحلة الأولى من رحلة مسار العائلة المقدسة تضم خمسة مواقع فى كل من مناطق «مصر القديمة- المعادى- وادى النطرون» من بين 25 موقعًا يشملها المسار الذى يبلغ طوله 3500 كم، أى أن أهم مكانين للرحلة، وهما جبل الطير ودير المحرق بالقوصية لا تشملهما المرحلة الأولى؟!!
 
ووفق تقديرات خبراء تحتاج تلك الإصلاحات إلى مئات المليارات، لذلك أقترح على أن تقوم مصر بعقد مؤتمر دولى لدعم إصلاح مسار العائلة المقدسة بالاشتراك مع الفاتيكان واليونسكو، وندعو إليه الدول التى تهتم سياحيًا بالمسار، وأعتقد أن مصر سبق لها الاستعانة بالمجتمع الدولى فى إنقاذ معبد فيلا أثناء بناء السد العالى 1960، وأعتقد أن رؤية الخبير السياحى إلهامى الزيات تكاد تعكس رغم صحتها عدم إدراك خبراء السياحة الكبار للسياحة الدينية الأمر الذى عبر عنه الزميل أسامة سلامة فى مقالة بقوله نحتاج إلى: «مرشدين سياحيين وتدريبهم على كيفية التعامل مع السائح الدينى والذى يختلف عن سائح المزارات الفرعونية، وتعريف المواطنين بأهمية هذه السياحة لهم وللدولة وتثقيفهم وتعليمهم الحقبة القبطية، نحتاج لعمل سريع».
 
ومن ثم لابد من إنشاء هيئة لتلك المهمة، وهناك ضرورة ليس لمكاتبنا السياحية التقليدية بل لقيام وزارة السياحة ووزارة الخارجية بعقد اتفاقات تعاون مع الدول الكبرى التى تهتم بتلك الرحلات، مثل إسبانيا وفرنسا والبرازيل والولايات المتحدة، كما لابد من الاهتمام بالإعلام لتجسيد الاستقرار فى مصر عبر موالد السيدة العذراء فى جبل الطير والقوصية والتى تصل إلى خمسة ملايين سنويًا.