محفوظ ناثان يكتب
لا يمكن أن ينكر جاحد ما قامت به مصر من تنظيم رائع لبطولة الأمم الأفريقية في نسختها الـ32 بما يليق بمكانتها الإقليمية والدولية. وقد شهد الأشقاء الأفارقة والعرب لهذا التنظيم والاحتفاء الدافي والاستقبال الحار لك من وطئت قدماه أرض الكنانة، ولكن ما مُنيَ به المنتخب من خسارة في دور الـ16 أمام منتخب جنوب أفريقيا كان وصمة عار في جبين تاريخ الكرة المصرية. فكل من تابع المبارة على شاشات العرض، أو ذهب لإستاد القاهرة كان جل اهتمامه وعظيم مبتغاه هو ظهور مصر بصورة مشرقة تقديرًا لمكانتها، الأمر الذي أخفق المنتخب في تحقيقه. فلم يفلح المنتخب في المرور من دور الـ16 والتقدم لأدوار الـ8 ونصف النهائي والنهائي. كانت دموع الأطفال والنساء حتى الرجال تنصر القلوب. فقد خرج الجميع يجرون وارءهم أذيال الخيبة بعد أن كان يعلوهم الأمل وتملؤهم السعادة، ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح.


منتخب الساجدين كما صنف نفسه أو صنفه البعض. ولماذا تلك التسمية غير أنها نوع من الفرز والتمييز؟ تقوم الآن الأجهزة الرقابية بالتحقيق في ملف فساد اتحاد الكرة، وهناك طلبات إحاطة لوزير الشباب والرياضة من قبل نواب البرلمان. ويبقى السؤال لماذا لم يتم محاسبة اتحاد الكرة بعد الخروج المخزي من مونديال روسيا 2018؟! هل تنظر للأجهزة الرقابية وهي تنظر في فساد اتحاد الكرة ترى أيضًا فسادًا في عدم وجود لاعبين أقباط في المنتخب ولا في أي نادي مصري؟! أليس هذا نوع أيضًا من الفرز والتمييز؟! لماذا تصفون عن الباعوضة وتبتلعون الجمل؟! لماذا تكيلون بمكيالين؟!


تتصارع الأندية في وطننا العزيز لشراء لاعبين من دول أفريقيا بملايين الدولارات، وهؤلاء الاعبين في مجملهم مسيحيون. وعندما يأتي لاعب مسيحي من بني وطننا تقوم تلك الأندية باضطهاده وطرده لأسباب واهية، ولدينا العشرات من النماذج. ما الحكمة في ذلك؟! هل هذه الملفات سيتطرق إليها مجلس النواب باعتباره يمثل كل أطياف الشعب، وأكبر جهة تشريعية ورقابية في الدولة؟! هل الأقباط فاشلون لذلك يتم إقصاؤهم من جميع المناصب القيادية والهيئات الهامة؟! إن كانوا كذلك فلنغلق هذا الملف إلى الأبد، أما إذا لم يكونوا فإن هناك مؤامرة مكتملة الأركان لإقصائهم، وذلك لخلق بلبلة ومجتمع لا يعلوه التسامح ولا المواطنة، وإنما يملؤه الجهل والتطرف والتمييز والتعصب.