بقلم : د. مجدى شحاته
غادرشاول أورشاليم راكضا بجواده قاصدا دمشق ، بعد الانتهاء من رجم اسطفانوس حيث كان مكلفا بحرسة ثياب الراجمين ، حاملا رسائل من رئيس الكهنة الى اليهود المتوطنين فى دمشق للقبض على المسيحيين وتسليمهم .وأذ بنور باهريسطع من السماء أكثر من ضوء الشمس ، وسمع صوتا يناديه : " شاول .. شاول " فسقط على الارض من فوق جواده ، وقال فى دهشة : " من أنت يا سيد ؟ "
 
 
وجاءه الرد " أنا يسوع الذى أنت تضطهده .. " وسأله شاول مرتعدا متحيرا : " يارب ماذا تريد أن أفعل ؟ " فقال له الرب : " قم وأدخل المدينة ، فيقال لك ، ماذا ينبغى أن تفعل .." أفاق شاول من الصدمة ، ويا لها من صدمة مباركة !! التى أحدثت التغيير الهائل فى حياته ، ليتحول ألد أعداء المسيحية ومضطهدها ، الى أعظم خدامها الابرار .
 
تجديد حياة بولس الرسول كانت نقطة فاصلة فى تاريخ الكنيسة الرسولية ، ومنها الى نقطة تحول فى تاريخ الانسانية كلها .
 
لقد احتاجت الامبراطورية الرومانية سبعة قرون كى تبنى مجدها العتيد ، وبولس الرسول جعلها تنحنى عند أقدام المسيح فى بضعة سنوات قليلة !! انها معجزة النعمة الألاهية القادرة على تغيير كثيرون من مضطهدى المسيحية الى خدام على مر العصور .
 
وفى عصر نايرون الملك تم القبض على بولس الرسول ، وتعذيبه ثم أمر الملك بقطع رقبته بالسيف لتزدهر رسالته وتنتشر كرازته أكثر وأكثرفى كافة ربوع الارض . سمعان ابن يونا ... هو نفسه بطرس .. اسمان لشخص واحد !! الاول أكتشفه يسوع ... والثانى صنعه يسوع .
 
كانت العناصرالمكونة لسمعان هى نفسها العناصر المكونة لبطرس، لكنها كانت مفككة فى سمعان مثل حبات الرمل ، التى تم دمجها وضغطها فى دائرة النعمة لتصبح صخرة قوية صلبة فى بطرس. " وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى " تماما كما يتحول الفحم الاسود ( ذرات من الكربون ) الهش والسهل التفكك ، الى قطعة من الماس الغالى الثمن وأقوى المواد صلابة وتماسكا ، (مع أنه يتكون من نفس ذرات الكربون الموجوده فى الفحم ) وذلك بفعل الحرارة والضغط الشديدين .
 
نعم فى دائرة النعمة ، حول الرب يسوع سمعان الشخصية الهشة الى بطرس الشخصية القوية الحديدية الفولازية من خلال وضع ثقة الكاملة فيه . القديس بطرس المحب الغيور الذى أحب دوما أن يكون محاكيا للرب يسوع ، فطلب من سيده أن يمشى على سطح المياه مثله ، وهو الذى كان معه حينما أقام يسوع ابنة يايروس من الموت وقال لها " طبيثا قومى " .. وتمر السنين ، ويتكرر المشهد فى يافا حينما أقام بطرس فتاة من الموت وقال لها نفس العبارة " يا طبيثا قومى " مع فارق وحيد أنه جثا على ركبتيه . نعم كانت محاكاة بطرس لسيده عظيمة .. ولكن عندما حكم عليه بالصلب لم يقلد سيده وطلب من صالبيه أن يجعلوا قدميه الى أعلى ورأسه الى أسفل لأنه وان كان يشرفه أن يصلب مثل يسوع ، لكنه يرى نفسه أقل وأصغر من أن يحاكى سيده فى صلبه . وعندما القى يسوع سؤاله العجيب الخالد " من يقول الناس أنى أنا ؟ " توقف التلاميذ أمام أعمق سؤال يمكن أن يواجهوه فى حياتهم ، وجاءت اجابة بطرس السريعة والعظيمة المثيرة للعجب .. والتى أعترف خلالها بلاهوت المسيح حيث أرتقى فوق العقل البشرى ولمع أمام عينيه الاعلان الالآهى معلنا " أنت هو المسيح ابن الله الحى !! " ... نعم ... انها الاجابة الشافية التى قامت عليها المسيحية كلها عبر كل الاجيال