كتب : مدحت بشاي
Medhatbe9@gmail.com
تأخذ مقاومة التغيير أشكال مختلفة، بعضها يكون ظاهراً مثل تكوين تجمعات، المصارحة برفض التغيير أو ترك العمل، والبعض الآخر ضمني أو غير ظاهر كاستغراق فترات أطول في تنفيذ الأعمال، زيادة عدد الأخطاء المرتكبة، تمارض العاملين وزيادة عدد الغيابات, كما تنجم مقاومةعن التغيير قلة الفهم وعدم الثقـة- قد يكون السبب في المقاومـة هو نقص المعلومات اللازمة، فعدم معرفة الأفراد لطبيعة التغيير  وأهدافه، نطاقه، أو طرق تطبيقه، وأهم من ذلك نتائج التطبيق وتأثيره عليهم سيؤدي غالباً إلى رفض هذا التغيير وظهور ردود فعل تدل على هذا الرفض, كما أنّ نقص ثقة الأفراد في دوافع من ينادون بالتغيير تعد سبباً للمقاومة.
 
عبر رسائل بديعة ورائعة حررها " نهرو "الزعيم الهندي الكبير إلى " أنديرا " في كتاب للكاتب " أحمد بهاء الدين " حدثا فيه عن مقاومة التغير عبر تلك الرسائل .. منها تلك السطور حول ما حفظه التاريخ لما كان يحدث في انجلترا وأوروبا بشكل عام ، كتب "  لقد كانت الأحوال في المصانع مرعبة ، وبيوت العمال أو جحورهم رديئة جدًا ، كان البؤس ضاربًا أطنابه بينهم ، والأطفال الصغار والنساء يضطرون إلى العمل ساعات طويلة بلا شفقة ، ومع ذلك فقد كانت كل المحاولات التي تبذل لتحسين حالة هذه المصانع والبيوت عن طريق التشريع ، تقاوم بشدة من أصحاب المصانع ، وكانوا يقولون أن مثل هذه التشريعات تعتبر اعتداء مخجلاً على حقوق الملكية ! حتى محاولة إدخال الشروط الصحية في البيوت التي يسكنها العمال ، كان أصحاب المصانع والبيوت يقاومونها على هذا الأساس ذاته ! ..
 
كان العمال الإنجليز التعساء يموتون موتًا بطيئًا من الجوع وإرهاق العمل ، وبعد الحروب النابليونية كانت انجلترا نفسها مرهقة ، واقتصادها محطمًا والعمال يقاسون أكثر من سواهم ، وفكر العمال في إنشاء هيئات تدافع عنهم وتكافح من أجل تحسين حالتهم ، وفي الزمن القديم كانت هناك هيئات للصناع والعمال المهرة ، ولكنها كانت شيئًا يختلف عن هذه المنظمات الجديدة تمام الاختلاف ، ومع ذلك فربما كانت ذكرى هذه الهيئات القديمة هي التي أوحت إلى عمال المصانع فكرة تكوين منظمات منهم ، ولكنهم منعوا من ذلك ، فقد كانت الطبقات الإنجليزية الحاكمة ترتعد من الثورة الفرنسية ، حتى أنها سنت قوانين تحرم على العمال حتى مجرد الاجتماع لمناقشة آلامهم الرهيبة ..كان القانون والنظام في انجلترا .. كما هو الآن في الهند هو السبب الوجيه الذي يبديه أولئك القابضون على السلطان للاحتفاظ بسلطانهم ، وبأرواحهم ! ..