سليمان شفيق 
 
انفجار قوي وقع اليوم الخميس بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس استهدف حسب وسائل إعلام محلية قوى الأمن، وحسب معلومات أولية فإن الانفجار أوقع ضحايا، ضحاياويعرف الشارع الذي يتوسط العاصمة بفنادقه التي يرتادها السياح الأجانب بالإضافة إلى وجود السفارة الفرنسية.
 
وشهد الشارع في أكتوبر 2018 تفجيرا انتحاريا هو الأول من نوعه نفذته امرأة.
 
العنف وقوانين الانتخابات 
قبل خمسة أشهر من الاقتراع الرئاسي، أقر البرلمان التونسي اول امس الثلاثاء تعديلات على قانون الانتخابات. وأثار هذا القرار جدلا سياسيا واسعا في البلاد، فقد يؤدي إلى إقصاء مرشحين بارزين للرئاسة على غرار ألفة تراس رامبورغ ونبيل القروي.
 
وتطرح التعديلات شروطا جديدة على المرشح بينها عدم قيامه بتوزيع مساعدة مباشرة لمواطنين أو استفادته من دعاية سياسية، وبمقتضى هذه التغييرات لا يمكن أيضا للهيئة الانتخابية أن تقبل ترشح من تأكدت استفادته من الجمعيات الأهلية ومن تلقى تمويلا أجنبيا في الأشهر الاثني عشر التي تسبق الاقتراع.
 
فينص الفصل 42 مكرر من هذا القانون الانتخابي على ما يلي "لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة (الانتخابية) قيامه أو استفادته خلال الـ12 شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية"، أو "تبين قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي".
 
قال إياد الدهماني المتحدث باسم الحكومة إن الاحزاب السياسية ملزمة منذ 2014 بهذا القانون. لكن القرار الجديد سيشمل المستقلين بهدف تكافؤ الفرص بين المستقلين والأحزاب "التقليدية" وبهدف حماية الديمقراطية في تونس.
 
ومن المتوقع أن تجري الانتخابات البرلمانية في السادس من أكتوبر المقبل بينما تجري الانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر.
 
"قانون إقصائي"
وقال القروي الذي ينوي الترشح علي الرئاسة في فيديو نشره ليلة امس على صفحته الرسمية في فيس بوك "الائتلاف الحكومي المتكون من النهضة وتحيا تونس والمشروع قاموا بمحاولة لقبر الديمقراطية لأنهم مرروا قانونا إقصائيا ، وبتعلة حماية الديمقراطية يحمون أنفسهم وكراسيهم وأحزابهم الفاشلة". ووصفهم القروي بـ"أناس متحيلين" معتبرا أنهم "خانوا الشعب التونسي" وكذلك "أفقروا الناس وتونس لم تعد تستحمل"
 
ردود فعل الشارع التونسي على تعديل القانون الانتخابي
وقالت "عيش تونسي" أن الأحزاب "الكلاسيكية" عمدت إلى عرقلة منافسيها لأنها تأكدت بعد بروزهم "في نوايا التصويت" من نجاحهم المتوقع مقابل فشلها المفترض. وأضافت أن "هذا الإجراء مس من الديمقراطية واستهداف لفاعلين معينين والذين يمثلون تهديدا" على الأطراف الحزبية. وأكدت الجمعية أن "منع أصحاب المؤسسات الإعلامية وأصحاب الجمعيات من الترشح للانتخابات هو ليس فقط استهدافا مباشرا لعيش تونسي ، وإنما استهداف للمواطنين التونسيين بشكل عام وحد من حريتهم في اختيار من يمثلهم في الإستحقاق الانتخابي القادم.
 
ويستهدف تعديل آخر الذين يشيدون بـ"انتهاكات حقوق الإنسان"، وقد يطاول عبير موسي التي تدافع عن إرث الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وكان مقترحا في بادئ الأمر استهداف من "يشيدون بالديكتاتورية."
 
وقال نور الدين مباركي مراسل فرانس24 في تونس إن العديد قد فهموا هذه التنقيحات كإقصاء لبعض الأطراف التي برزت بقوة في الاستطلاعات الأخيرة على غرار القروي وتراس وموسي، بل وأكد أن القروي كان يتوقع هذه الخطوة وكان يعتبر نفسه "مستهدفا" حتى قبل إقرار التعديلات. وكان إيقاف إرسال تلفزيون نسمة لبضعة أيام عبر تدخل قوات الأمن في أبريل الفائت قد أثار زوبعة جدل. فالهيئة العليا المستقلة "للاتصال السمعي والبصري" أكدت أن الإجراء مجرد إنفاذ للقانون بحق قناة تخالفه منذ سنوات، لكن الكثيرين توجسوا من توقيت الإيقاف، في خضم الاستعداد لمعركة انتخابية حامية الوطيس
 
ردود الفعل المستنكرة للتعديلات تغلب على المشهد
انقسم الشارع التونسي بين معارضين لهذه التعديلات يرون أن للجميع الحق في الترشح وأن الحسم "يتم عبر الصندوق" وأن منع ذلك ناجم عن "أحزاب متخوفة على رصيدها الانتخابي" من جهة، وبين مؤيدين لها لغاية الحد مما رأوا فيه "النشاط السياسي تحت غطاء جمعياتي". كما تعرضت هذه التعديلات لانتقادات حادة سواء كان من قبل الأطراف المعنية، أو من قبل المراقبين وجهات فاعلة سياسية.
 
وأكد مراسل فرانس24 نور الدين المباركي أن أغلب ردود الفعل استنكرت هذه التعديلات لا سيما الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) نور الدين الطبوبي الذي قال إن الاتحاد ضد هذا القرار "سياسيا وأخلاقيا" معتبرا أن توقيته غير مناسب ويهدف إلى إقصاء بعض الأشخاص الذين برزوا في استطلاعات الرأي. كما أدان الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة حمادي عمامي هذه التعديلات في مؤتمر صحفي.
 
وتعتمد الأطراف المستقلة على تصويت عقابي ضد الأحزاب الرئيسية كما تبدى خلال الانتخابات البلدية في مايو 2018. وتعاني الطبقة الحاكمة، الملتهية بالصراع على السلطة صعوبات في تلبية التوقعات الاجتماعية للسكان، المتضررين من استمرار البطالة والتضخم.
 
بالنسبة للحكومة، فإن منظمات القروي أو رامبورغ "أحزاب فعلية" لكنها لا تحترم القانون الانتخابي. هذا يشوه التنافس بين مرشحي الأحزاب وأولئك الذين يستعدون للانتخابات بدعم من جمعية بسيطة. كما يحظر تعديل آخر مشاركة مرشحين في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية لديهم سجلات قضائية.
 
برلمانيون يدرسون سبل الطعن
نقل مراسل فرانس24 نور الدين مباركي عن النائب عن الكتلة الديمقراطية المعارضة غازي الشواشي قوله إن بعض البرلمانيين يدرسون تقديم طعن في هذا الشأن لكن "وإن كانت بعض التباينات مازالت قائمة حول كيفية تقديم هذه الطعون: فهل سيكون طعنا في التعديلات برمتها أم طعنا فقط في بعض الفصول المعينة" لكنه أوضح أنه إلى جانب هذه التباينات هناك "اتفاق على المضي في جمع توقيعات من البرلمانيين الذين سيتقدمون بهذا الطعن، وكان عددهم مساء الأربعاء أكثر من 30 ما يعني قانونيا أن بإمكانهم رسميا تقديم طعن للهيئة الوقتية لمراقبة القوانين الدستورية: وتابع "ربما بعد ساعات سيتم الحسم في طبيعة الطعن وسيظهر ذلك عند ظهور عريضة الطعن."
 
ووجه القروي من جانبه في رسالة إلى النواب الثلاثاء يؤكد فيها "لن أتخلى عن التزاماتي تجاه الفقراء وحقي الدستوري وحتى واجبي الأخلاقي في الترشح".
 
أما "عيش تونس" فدعت "جميع الأطراف إلى التخلي عن هذا المقترح الحكومي خاصة بعد موجة الرفض العام من قبل كافة مكونات المجتمع التونسي". وكان الرئيس السابق لمفوضية الانتخابات شفيق صرصار قد صرح إن التعديلات ترقى إلى "علاج الشر بالشر"، وذلك في مقابلة مع إذاعة آر تي سي آي التونسية الناطقة بالفرنسية.
 
وعلى الرغم من المصاعب الاقتصادية التي يشعر بها أغلب التونسيين منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011، فإن تونس تحظى بإشادة واسعة باعتبارها النموذج الديمقراطي الناجح الوحيد في المنطقة بعد صياغة دستور حديث وإجراء انتخابات حرة في 2011 و2014 وانتقال ديمقراطي سلس نسبيا