ألقى قرار الجيش الليبي باستهداف الوجود العسكري التركي في البلاد، الضوء على الدور الذي تلعبه أنقرة في تعقيد الأزمة الليبية عبر التدخل العسكري لحماية ميليشيات متطرفة تتبع تنظيم الإخوان في طرابلس، في تجاوز للخطوط الحمراء التي وضعها مجلس الأمن فيما يتعلق بتوريد السلاح لهذا البلد.

وقال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، الجمعة، إن القائد المشير خليفة حفتر أصدر أوامر باستهداف "السفن والقوارب التركية في المياه الإقليمية الليبية".
 
وأضاف المسماري: "أصبحت تركيا ضالعة بشكل مباشر في المعركة (من أجل طرابلس)، بجنودها وطائراتها وسفنها البحرية وجميع الإمدادات التي تصل الآن مباشرة إلى مصراتة وطرابلس وزوارة".
 
وأوضح أن تركيا ساعدت الميليشيات في الهحوم على مدينة غريان، التي تبعد 100 كيلومتر عن طرابلس، والتي تشكل طريقًا رئيسيًا للإمداد لقوات الجيش الوطني في طريقها نحو العاصمة.
 
وأشار إلى أن القوات التركية قصفت مواقع الجيش الوطني ووفرت غطاء للميليشيات المتحالفة مع الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها لاستعادة السيطرة على المدينة.
 
آخر معقل للإخوان
 
ويقول نائب رئيس المجلس الانتقالي السابق في ليبيا عبد الحفيظ غوقة إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستميت من أجل حماية الميليشيات الإسلامية المتطرفة في طرابلس ومنع تحرير المدينة".
 
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت إنه لا يعلم بأوامر الجيش الوطني الليبي. وأضاف انه"إذا أعطى حفتر مثل هذا الأمر، فسنقوم بتقييمه".
 
وأضاف أن تركيا اتخذت بالفعل الاحتياطات "الضرورية". وقال "من الآن فصاعدا، سنتخذ الاحتياطات بطريقة مختلفة كذلك".
 
وكان أردوغان قد أعلن دعمه لحكومة طرابلس التي تعتمد على ميليشيات متطرفة في التصدي للعملية العسكرية التي يشنها الجيش الليبي لتحرير المدينة من الميليشيات.
 
ويقول غوقة: "الآن أصبحت المسألة على المكشوف.. تركيا تريد للتيار الاسلامي أن يحكم الطوق على ليبيا، بعدما خسر في مصر وتونس وغيرها من الأماكن، الأتراك يستميتون لتمكين الإسلاميين".
 
والعاصمة طرابلس، التي أعلن الجيش الليبي بدء عملية تحريرها من الميليشيات قبل أسابيع، هي آخر معقل لتنظيم الإخوان في ليبيا، مما يعني نهاية هيمنتهم على القرار السياسي والمالي في ليبيا، فور تحريرها.
 
وكشفت صحيفة المرصد الليبية عن هويات فريق خبراء عسكريين أتراك بينهم جنرال رفيع المستوى يدعى عرفان أوزسيرت، الذي شغل منصب قائد فوج الأكاديمية العسكرية التركية كما شغل منصب المسؤول عن القطاع العسكري لمنطقة غازي عنتاب وتبوأ مناصب في الاستخبارات العسكرية.
 
وبحسب الصحيفة التي نشرت الهويات، يعمل هؤلاء الخبراء في غرفة عمليات بالعاصمة طرابلس لصالح الميليشيات المسلحة ويبلغ عددهم 16 شخص متعددي المهام.
 
خرق قرار مجلس الأمن
 
وتعد شحنات السلاح التركية خرقا واضحا لقرار مجلس الأمن الدولي 1970 الذي يحظر توريد السلاح إلى هذا البلد، بحسب أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة أيمن سلامة.
 
وطلب قرار مجلس الأمن من جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة "منع بيع أو توريد الأسلحة وما يتصل بها من عتاد إلى ليبيا، ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار"، وجرى تمديد القرار أكثر من مرة.
 
وقال سلامة لسكاي نيوز عربية إن "تركيا تستفيد من تراخي المجتمع الدولي في تنفيذ القرارات الدولية الرامية إلى نزع فتيل الحرب المستعرة منذ 8 اعوام في ليبيا".
 
وأشار إلى أن تركيا استغلت تعليق الدول الأوروبية للعملية البحرية "صوفيا" والتي كانت قد حصلت على تخويل من مجلس الأمن لإجراء عمليات ضبط السفن التي تخرق حظر السلاح في ليبيا وأيضا تلك التي تعمل على الاتجار في البشر.
 
إعلان حرب
 
واعتبر المحلل السياسي رضوان الفيتوري أن تركيا "أعلنت الحرب على الجيش الليبي ولا يمكن أن نصف ما تفعله بالتدخل أو التورط في ليبيا".
 
وقال الفيتوري لسكاي نيوز عربية إن نظام أردوغان أراد الهروب من مشاكله الداخلية كالاقتصاد المنهار والفشل الانتخابي في إسطنبول وأنقرة، محاولا استعادة بريقه المفقود في إنشاء العثمانية الجديدة في ليبيا".
 
ورأى الفيتوري أن قرار الجيش باستهداف الوجود العسكري التركي في البلاد هو قرار شرعي ضد دولة معتدية فاض الكيل من تدخلها لصالح مجموعة من الميليشيات الإرهابية.
 
مورد السلاح الأول للميليشيات
 
وجرى الكشف في أكثر من مناسبة عن شحنات سلاح تركية إلى ميليشيات طرابلس، كان أبرزها شحنة السلاح على متن السفين التركية أمازون التي نقلت آليات عسكرية وأسلحة إلى ميناء طرابلس، قادمة من ميناء سامسون التركي في منتصف مايو الماضي، إضافة إلى إسقاط الجيش الليبي العديد من الطائرات التركية المسيرة من طراز بيرقدار.
 
وفي سبتمبر 2015 ضبطت السلطات اليونانية سفينة تركية محملة بالأسلحة كانت تتجه إلى ليبيا، حين داهم زورق تابع لخفر السواحل السفينة التي أبحرت من ميناء الإسكندرونة التركي - إلى ميناء هيراكليون على جزيرة كريت اليونانية.
 
وفي يناير 2018 ضبط خفر السواحل اليونانية أيضا سفينة تركية محملة بالمتفجرات كانت متجهة إلى ليبيا. وأشارت بيانات تأمين السفينة إلى أنه جرى تحميل ما عليها من مواد في ميناءي مرسين والإسنكدرونة التركيين، وأن الربان تلقى أوامر من مالك السفينة بالإبحار إلى مدينة مصراتة الليبية، لتفريغ الحمولة بأكملها.
 
وفي شهر ديسمبر 2018 وصلت سفينة تركية إلى ميناء الخمس، محملة بالأسلحة والذخائر، وقالت خدمات الجمارك بمطار بنينا في بنغازي على حسابها الرسمي على فيسبوك، إن الشحنة التي أرسلت من تركيا شملت 3 آلاف مسدس تركي الصنع، إضافة إلى مسدسات أخرى وبنادق صيد وذخائر.