في مثل هذا اليوم 29 يونيو1939م..

لواء الإسكندرونة، وتعرف سابقا باسم جمهورية هتاي، هي كيان سياسي إنتقالي سابق تأسس في 7 سبتمبر 1938 إلى 29 يونيو 1939 في منطقة سنجق إسكندرون أثناء الانتداب الفرنسي على سوريا. لواء الإسكندرونة، ويسميه بعض المؤرخين أمثال ستيفن لونگريج "الألزاس واللورين السورية". كانت منطقة إسكندرون تابعة لولاية حلب ضمن سوريا في العهد العثماني، مشكلة مرفأها على البحر؛ ومثلت في المؤتمر السوري العام، ورغم اعتبارها دولة مستقلة في أعقاب صدور مراسيم التقسيم، غير أنه أعيد ربطها بالدولة السورية عام 1926 بجهود الرئيس أحمد نامي، وعاصرت إطلاق الجمهورية السورية الأولى عام 1938 قامت فرنسا بخطوة غير مسبوقة واستفزازية إذ أعادت منح اللواء حكماً ذاتياً مع بقائه مرتبط من ناحية شكلية بالجمهورية السورية، ثم أعادت إلغاء هذا الرباط الشكلي؛ وفي العام التالي 1939، انسحبت فرنسا بشكل نهائي، في حين دخلت اللواء قوات تركية، وقامت بضمه وإعلانه جزءاً من الجمهورية التركية تحت اسم محافظة هاتاي؛ وهو ما يعتبر مخالفة لصك الانتداب الذي يلزم الدولة المنتدبة (فرنسا) بالحفاظ على أراضي الدولة المنتدب عليها.

خلفية تاريخية
وصل العرب المسلمون بزحفهم العسكري عام 16 هـ إلى جنوب جبال طوروس وضموا المنطقة الجنوبية من اللواء لحكمهم.
في العهد العثماني كان اللواء ولاية مركزها مدينة أنطاكية.

عام 1915 احتوت مراسلات الشريف حسين - مكماهون على إشارات واضحة بتبعية المناطق الواقعة جنوب جبال طوروس إلى الدولة العربية الموعودة (تعيين للحدود الشمالية للدولة على خط يقع شمال مرسين ـ أضنة الموازي لخط 37 شمالاً الذي تقع عليه المدن والقرى بيره جوق، أورفة، ماردين، فديان، جزيرة ابن عمر، عمادية، حتى حدود إيران).

مع بدء الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان تبع اللواء ولاية حلب.
كان لواء إسكندرون في اتفاقية سايكس بيكو داخل المنطقة الزرقاء التابعة للانتداب الفرنسي بمعنى أن المعاهدة اعتبرته إذاً سورياً وهذا يدل على أن هذه المنطقة هي جزء لا يتجزأ من أرض الوطن الغالي.

في معاهدة سيڤر عام 1920 اعترفت الدولة العثمانية المنهارة بعروبة منطقتي الاسكندرون وقيليقية (أضنة ومرسين) وارتباطهما بالبلاد العربية (المادة 27).
كان اللواء جزءا من المملكة السورية العربية التي قامت عقب نهاية الحرب العالمية الأولى وسقطت بيد الاحتلال الفرنسي في معركة ميسلون.
بعد توحيد الدويلات السورية التي شكلها الانتداب الفرنسي، ضُم لواء الاسكندرون إلى السلطة السورية المركزية.

في 9 سبتمبر عام 1936 وقعت في جميع المدن السورية مظاهرات وإضرابات ضد فرنسا دامت أربعين يوماً، طالب فيها الشعب بالاستقلال وإنهاء الانتداب على سورية. وقد أذعنت فرنسا لهذه المطالب وعقدت مع سورية في 9 سبتمبر عام 1936 معاهدة نصت في المادة 3 على نقل جميع الحقوق والواجبات الناجمة عن المعاهدات والاتفاقيات وجميع الاتفاقيات الدولية التي عقدتها الحكومة الفرنسية فيما يخص سورية أو باسمها، إلى الحكومة السورية بعد انتهاء الانتداب عنها. وهذه المادة تضمن لأتراك اللواء في الوقت نفسه حق استعمال لغتهم في التعليم وإدارات الدولة، وإنماء ثقافتهم القومية، على النحو الذي نصت عليه المادة 7 من اتفاقية أنقرة (1921). ولكن تركيا رفضت إبقاء لواء الاسكندرون ضمن الدولة السورية، واعتبرت النص الوارد في المعاهدة السورية الفرنسية غير كاف لضمان حقوق الأتراك فيه، وطلبت تحويل هذه المنطقة إلى دولة مستقلة شأن دولتي سورية ولبنان، وإنشاء اتحاد فيدرالي بين الدول الثلاث. وقد رفضت فرنسا هذا الطلب، استناداً إلى صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الأراضي المنتدبة عليها، دون موافقة عصبة الأمم، وترك لتركيا حق رفع هذه القضية إلى عصبة الأمم، صاحبة الشأن للنظر في تقرير مصير اللواء بعد استقلال سورية.

في 8 ديسمبر عام 1936 أرسلت الحكومة التركية إلى السكرتير العام لعصبة الأمم مذكرة تطلب فيها تسجيل الخلاف بين فرنسا وتركيا على مصير لواء الاسكندرونة بعد استقلال سورية لبحثه في الجلسة القادمة لمجلس العصبة، استناداً إلى المادة 11 من ميثاق العصبة، التي تقضي بوجوب اتخاذ المساعي الودية في جميع الظروف التي من شأنها أن تؤثر في العلاقات الدولية.

نظر مجلس العصبة في الخلاف التركي-الفرنسي على مصير لواء الاسكندرونة بعد استقلال سورية. وعرضت تركيا اقتراحها بإنشاء دولة مستقلة فيه شأن دولتي سورية ولبنان، وإنشاء اتحاد فيدرالي بينها. وصرح وزير خارجية تركيا في هذه الجلسة بأن ليس لتركيا أي مطمع سياسي في بسط سيادتها على لواء الاسكندرون، وهي لا تقصد من وراء إثارة هذه القضية سوى حماية حقوق أبناء جنسها والمحافظة على حياتهم وحرياتهم.

وكانت الحكومة التركية قد ادعت في المذكرة التي قدمتها إلى مجلس عصبة الأمم، أن الأتراك في اللواء مضطهدون من قبل السلطة المحلية، وطلبت سحب القوات الفرنسية منه. وقد كذّب مندوب فرنسا هذا الادعاء، واقترح مقرر المجلس السيد ساندلر إرسال مراقبين دوليين إلى اللواء لمراقبة الحالة فيه. وقد عارض مندوب تركيا هذا الاقتراح. ولكن المجلس وافق عليه بعد أن استنكف المندوب التركي عن التصويت.

وعين رئيس المجلس ثلاثة مراقبين أحدهم هولندي، والثاني نرويجي، والثالث سويسري، وطلب إليهم السفر فوراً إلى اللواء للاطلاع على الحالة القائمة فيه.

في 28 ديسمبر 1936 وصلت اللجنة إلى أنطاكية، وطافت في مختلف المناطق والنواحي، وتعرفت على فئات السكان، واجتمعت مع وجهاء الطوائف، وزعماء الهيئات السياسية والدينية واستمعت إلى مطالبهم، وعبرت كل فئة عن أمانيها ورغباتها.

في 12 يناير 1936 وقام عرب أنطاكية والقرى المجاورة بمسيرة شعبية أمام اللجنة الدولية، مشى فيها ما يقارب الأربعين ألفاً من العرب والأرمن، حملوا فيها الأعلام السورية، واليافطات التي تعبر عن أمانيهم ومطالبهم، بالمحافظة على ارتباط اللواء بالوطن السوري.

وكذلك زارت اللجنة مدن الريحانية والاسكندرونة والسويدية وفي جميع القرى العربية التي زارتها تم استقبالها بمظاهرات عبر فيها العرب عن تمسكهم بعروبتهم وبوطنهم سورية.

عادت اللجنة إلى جنيف وهي تحمل عدة انطباعات منها أن الأتراك لا يشكلون أكثرية السكان في لواء الاسكندرونة، وأن الغالبية العظمى من سكان اللواء بما فيهم نسبة كبيرة من الأتراك تعارض ضم اللواء إلى تركيا، وأن الأتراك في اللواء ليسوا مضطهدين من جانب السلطة المحلية.

وفي أثناء وجود لجنة المراقبين الدوليين في اللواء، جرت محادثات ثنائية بين فرنسا وتركيا، انتهت في 24 يناير عام 1937 إلى اتفاق بين الدولتين على جعل اللواء منطقة مستقلة ذاتياً في نطاق الوحدة السورية، على أن تكون مجردة السلاح، وأن تضمن عصبة الأمم استقلال كل منهما.

وقد اتخذ مقرر المجلس السيد «ساندلر» هذا الاتفاق أساساً في وضع تقريره الذي رفعه إلى مجلس العصبة، متضمناً مقترحاته الأساسية التي يجب أن يبنى عليها نظام اللواء وقانونه الأساسي. فأقره المجلس في جلسة 29 يناير 1937.

في 20 فبراير 1937 عهد إلى لجنة خبراء لصياغة النظام والقانون الأساسي. وقد شكل رئيس المجلس هذه اللجنة من ست خبراء، ينتسبون إلى الدول التالية: بلجيكا، هولندا، بريطانيا، السويد، فرنسا، تركيا. وتقدمت هذه اللجنة إلى مجلس العصبة بنظام عام وقانون أساسي.
نظام اللواء
يتألف نظام اللواء من 55 مادة تلخص فيما يلي:

1- يشكل اللواء منطقة مستقلة، تتمتع بكامل استقلالها في أمورها الداخلية، وتدار أمورها الخارجية من قبل سورية.

2- يكون اللواء منطقة مجردة من السلاح، ويمنع فرض التجنيد الإجباري فيه، أو تشكيل قوات عسكرية، ما عدا قوات الشرطة اللازمة لحفظ الأمن والنظام.

3- يقوم الممثلون الدبلوماسيون والقناصل السوريون في الخارج برعاية مصالح للواء ومصالح سكانه.

4- تكون اللغتان العربية والتركية لغتين رسميتين.

5- تقوم إدارة جمركية موحدة بين سورية واللواء ويكون لهما نظام نقدي واحد، وخدمة بريدية موحدة.

6- تسري المعاهدات والاتفاقيات التي تعقدها سورية مع الدول الأخرى على اللواء إذا لم تتعارض مع نظامه الأساسي.

7- تقوم كل من الحكومتين التركية والسورية بتعيين مفوض لها في اللواء.

8- يتمتع جميع سكان اللواء بحماية حياتهم وحرياتهم دون تمييز في المولد والجنس واللغة والدين. ويكون جميع المواطنين فيه متساوين أمام القانون في الحقوق السياسية والمدنية.

9- لمجلس عصبة الأمم سلطة الإشراف على شؤون اللواء، عن طريق تعيين مندوب له يقيم في اللواء، ويكون من الجنسية الفرنسية. وله حق الاعتراض على كل قانون أو نظام أو إجراء يتعارض مع نظام اللواء وقانونه الأساسي.

10- يحق لتركيا استخدام مرفأ مدينة الاسكندرونة في أعمال الترانزيت.

قانون الدستور:
ويتألف القانون الأساسي للدستور من 37 مادة تلخص بما يلي:

1- تمارس السلطة التشريعية من قبل مجلس نيابي يتألف من أربعين عضواً، ينتخبون لمدة أربع سنوات.

2- يجري تسجيل الناخبين، في أول انتخابات تجري في اللواء، من قبل لجنة دولية، يشكلها مجلس عصبة الأمم.

3- يكون التسجيل في الجداول الانتخابية على أساس طائفي وعلى كل شخص ذكر، بلغ العشرين من عمره أن يسجل نفسه أمام الجنة الدولية في إحدى الطوائف التي ينتسب إليها.

4- تمارس السلطة التنفيذية من قبل رئيس اللواء المنتخب من قبل المجلس النيابي لمدة أربع سنوات، ومن قبل هيئة تنفيذية مؤلفة من رئيس، يختاره رئيس اللواء، وأربعة أعضاء مسؤولين أمام المجلس النيابي.

5- يضمن القانون الأساسي للمواطنين جميع الحقوق الأساسية والحريات العامة مثل: حق الملكية، وحرمة المساكن، وحرية التعبير، وحرية الاعتقاد، وحرية الصحافة. وبعد أن أقر مجلس العصبة نظام اللواء وقانونه الأساسي في جلسة 29 أيار 1937، أدلى كل من وزير خارجية فرنسا «إيفون» «دلبوس» ووزير خارجية تركيا «توفيق رشدي آراس» بتصريح أمام المجلس، يتضمن قبول دولتيهما بالتسوية التي أقرها المجلس كحل نهائي لمشكلة لواء الاسكندرونة (مجلة عصبة الأمم، عدد أيار وحزيران 1937). كما أبرمت الدولتان: فرنسا وتركيا، في اليوم نفسه اتفاقيتين: الأولى تضمن استقلال وسلامة أراضي اللواء. والثانية تضمن سلامة الحدود السورية التركية.

في 29 مايو 1937 مجلس عصبة الأمم يتبنى قانوناً أساسياً للواء اسكندرونة يقضي بجعله منطقة منزوعة السلاح، مع منحه حكماً ذاتياً وحقوقاً خاصة للسكان الأتراك. نص القانون على أن يكون اللواء وحدة منفصلة مستقلة في الشؤون الداخلية، وأن تتولى الحكومة السورية شؤونه الخارجية بشرط أن توافق عصبة الأمم مسبقاً على أي اتفاقية تعقدها إذا كانت تتعلق باستقلال اللواء، وأن تعقد اتفاقيات بين سوريا وفرنسا وتركيا تضمن أمن اللواء وتمنح تسهيلات لتركيا في ميناء الاسكندرونة. رفض المجلس النيابي السوري هذا القرار في 31 مايو. وعُين للواء حاكم فرنسي.

في 15 يوليو 1938 دخلت القوات التركية بشكل مفاجئ (أي غدرا) للرأي العام السوري إلى مدن اللواء ((واحتلتها))، وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية وكانت مؤامرة حيكت بين فرنسا وتركيا، أخذت بموجبها فرنسا ضمان دخول تركيا إلى صف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
كانت هتاي جزء من محافظة حلب أثناء حكم الإمبراطورية العثمانية، وقامت فرنسا باحتلال سنجق الإسكندرون في نهاية الحرب العالمية الأولى وضمتها تحت الانتداب الفرنسي على سوريا.

في 29 نوفمبر 1937، وهو اليوم الذي حدد نظام اللواء للبدء بتنفيذه، أقيمت حفلة صغيرة في دار الحكومة في أنطاكية، تلى فيها ممثل الحكومة بياناً باسم المفوض السامي الفرنسي «الكونت دو مارتيل»، أعلن فيه أنه استلم جميع السلطات في اللواء خلال المدة التي تنقضي من تاريخ هذا اليوم وحتى استلام حكومة اللواء مهامها. ثم جرى إنزال العلم السوري عن دار الحكومة، إيذاناً ببدء تطبيق نظام اللواء. وقد قوبل هذا العمل الذي أقدمت عليه فرنسا بطلب من تركيا، بالاستنكار الشديد من جانب سورية وعرب اللواء، وقامت الإضرابات والمظاهرات ضده في جميع المدن السورية، كما اعتبرته المراجع القانونية عملاً مخالفاً لنظام اللواء الذي نص على أن اللواء هو جزء من سورية، وهي التي تدير شؤونه الخارجية، وهو رمز ارتباط اللواء بسورية، ولا يجوز إزالته إلا إذا قرر مجلس اللواء علماً بديلاً له.

في 10 ديسمبر 1937 انتهت اللجنة التي شكلها مجلس العصبة من وضع قانون الانتخابات. وهو يقضي في جملة مواده، على كل ناخب أن يسجل نفسه أمام لجنة الانتخابات الدولية في الطائفة التي ينتسب إليها، وليس له أن يسجل نفسه في غير طائفته. وقد اعترضت تركيا على هذه المادة، وطلبت أن يسمح لكل ناخب أن يسجل نفسه في الطائفة التي يختارها، فاستجاب المجلس لهذا الطلب. وتم تعديل هذه المادة على النحو الذي طلبته تركيا. وكانت تبغي من وراء هذا التعديل التمكن من استمالة عدد كبير من الطوائف غير التركية وتسجيلهم في قائمة الطائفة التركية عن طريق الرشوة والإغراء والضغط على الناخبين بالاتفاق مع السلطة الفرنسية. وقد لبت فرنسا جميع المطالب التركية التي من شأنها تسهيل الدعاية التركية، وقيام الموظفين الفرنسيين، وضباط الاستخبارات بنشاط واسع في الأوساط غير التركية لضمها إلى الحركة الكمالية.

وقد سمحت فرنسا لتركيا بفتح قنصلية عامة لها في أنطاكية. وقنصلية ثانية في مدينة الاسكندرونة. وأصبح القنصل العام في أنطاكية هو الذي يسير دفة الأمور في كل ما يتعلق بشؤون الانتخابات. كما سمحت فرنسا لتركيا بإدخال أكثر من خمسة وعشرين ألف ناخب من تركيا إلى اللواء، وقامت السلطة المنتدبة بتزويدهم بتذاكر هوية لوائية سورية، يستطيعون بموجبها ممارسة حق الانتخاب.

انتخابات 1938:
وصلت اللجنة الدولية التي شكلها مجلس العصبة في 21 أبريل 1938 إلى اللواء لإجراء الانتخابات فيه. ويبلغ عدد أعضائها 26 عضواً، ينتمي جميعهم إلى دول أوروبية محايدة، ليس بينهم فرنسيون ولا أتراك. ويقضي قانون الانتخابات بأن تقوم اللجنة الدولية في المرحلة الأولى بتسجيل الناخبين الذكور الذين بلغوا العشرين من عمرهم. فإذا انتهت من إعداد الجداول الانتخابية تباشر بعدها بإجراء العمليات الانتخابية.

افتتحت اللجنة الدولية عمليات تسجيل الناخبين في قضائي الاسكندرونة وفرق خان في 3 مايو 1938، وانتهت منها في 30 مايو، وأغلقت مراكزها باستثناء مركز واحد في كل قضاء يبقى مفتوحاً لقيد المتخلفين.

لقد حقق العرب في قضائي الاسكندرونة وقرق خان، تفوقاً على الأتراك في عدد الناخبين المسجلين من قبل اللجان الانتخابية الدولية. إذ حصل العرب والأرمن على 11364 ناخباً، بينما حصل الأتراك على 9914 ناخباً ( من تقرير اللجنة الدولية المرفوع إلى مجلس عصبة الأمم).

تبعا للانتخابات البرلمانية الرسمية في 22 يوليو 1938، صوت 57.008 من السنجق، الذين يتبعون العرقيات التالي:

أتراك: 35,847
علوين عرب: 11,319
أرمن: 5,504
مسيحيون عرب (يونانيون أرثوذكس): 2,098
عرب (سنة): 1,845
"آخرون": 395
وبعد إعلان نتائج عمليات تسجيل الناخبين في قضائي الاسكندرونة وقرق خان، وانتقالها إلى أنطاكية، أصبحت نتائج التسجيل في اللواء مضمونة لمصلحة العرب، وإن فشل الأتراك بالحصول على الأغلبية، أصبح مؤكداً لاشك فيه.

وشغل 40 مقعد في البرلمان كالتالي:

أنطاكية: 14 ترك، 7 علويون عرب، 2 أرمن، 2 سنة عرب، 1 مسيحيون أرثوذكس عرب.
إسكندرون: 3 ترك، 2 علويون عرب، 1 أرمن، 1 مسيحيون أرثوذكس عرب.
كيريخان: 5 ترك، 2 أرمن.
الإجمالي: 22 ترك، 9 علويون عرب، 5 أرمن، 2 سنة عرب، 2 مسيحيون أرثوذكس عرب.

الاستقلال:
وبعد الوصول إلى هذه المرحلة الحرجة بالنسبة لتركيا أذاع راديو إسطنبول في 28 مايو 1938 نبأ عن اتفاق سري بين فرنسا وتركيا، عقد في جنيف في 10 مارس 1938 تعهدت فرنسا بموجبه ضمان أغلبية تركية في مجلس اللواء المقبل، وبما أن هذا التعهد لم ينفذ فقد قامت تركيا بحشد قواتها على حدود اللواء، وأنذرت فرنسا باحتلاله إن لم تف بتعهداتها. وقامت فرنسا بسرعة فائقة، إثر هذه التحركات بإجراءات لتنفيذ تعهدها هذا. فأعلنته صراحة على لسان السيد غارو مندوبها في اللواء في اجتماع عقده في دار بلدية أنطاكية لزعماء الطوائف العربية والأرمنية أنهم يرفضون طلبه، ما دامت مراكز التسجيل مفتوحة أمامهم، قامت فرنسا بإعلان الأحكام العرفية والطلب إلى اللجنة الدولية لوقف عمليات تسجيل الناخبين لمدة خمسة أيام بحجة اضطراب حبل الأمن، فاستجابت اللجنة لطلبها ثم مددت هذه المدة لثلاثة أيام أخرى. وقد اتخذت فرنسا خلال مدة وقف عمليات تسجيل الناخبين عدة إجراءات تعسفية تضمن غلبة العنصر التركي.

تقدم المندوب الفرنسي السيد روجيه گارو باستقالته من منصبه في 9 يونيو وغادر المنطقة، وقد أسر إلى أصحابه أن ضميره لا يسمح له بتنفيذ سياسة دولته. فأسندت فرنسا وظيفته إلى الكولونيل كوله. وعندما استأنفت اللجنة الدولية أعمال التسجيل بعد توقف دام تسعة أيام، قامت المليشيات التركية بتطويق مراكز التسجيل في الأحياء والقرى العربية، ومنعت الناخبين من الوصول إليها، واعتقال كل من يحاول كسر الطوق الذي ضربته حولها. فاحتجت اللجنة الدولية على هذا الإجراء وأذاعت البلاغ رقم 14 تاريخ 9 يونيو 1938، جاء فيه أن اللجنة أوقفت أعمال التسجيل بقصد السماح باستتباب الأمن، ولكنها تحققت أن قسماً من الأهالي كان خلال مدة التعليق موضع اعتقال وإرهاب وتخويف من جانب السلطة، وأنها احتجت بأقصى الشدة لدى المراجع المسؤولة على هذه الأعمال. وأن اللجنة تذكر أصحاب العلاقة أن نظام الانتخاب يعطي الحق لكل ناخب أن يقرر بملء حريته الطائفة التي يرغب الانتماء إلينا.

كما قامت اللجنة بإرسال برقية إلى السكرتير العام لمجلس العصبة في 13 يونيو 1938، أبلغت فيها عن أعمال الضغط التي مارستها السلطة ضد العرب، والتي ترمي إلى إرغامهم على التسجيل في القائمة التركية أو التخلي عنه. وقد عمم السكرتير العام هذه البرقية في 13 يونيو 1938 على أعضاء المجلس. وعلى أثر هذا الموقف الذي وقفته اللجنة، والذي يفضح تآمر فرنسا وتركيا على حرية الانتخابات، وتزويرها لمصلحة الأتراك، فقد أعلنت فرنسا وتركيا قطع علاقاتهما مع اللجنة وطلبتا من مجلس العصبة استدعاءها، وأخذت الصحافة والإذاعة التركية تنتحل الأكاذيب ضدها، وتتهمها بالتحيز للعرب ضد الأتراك.

وفي مثل هذه الظروف، وتحت وطأة الأحكام العرفية المطبقة على العرب دون الأتراك، استمرت اللجنة في أعمال تسجيل الناخبين. فأقدمت السلطة على توقيف مخاتير القرى وممثلي الطوائف العربية لدى مكاتب التسجيل، كما أوقفت الزعماء والشباب العرب، وملأت السجون بالمعتقلين، فاضطرت اللجنة الدولية إلى إغلاق مراكز التسجيل.

- أرسلت اللجنة الدولية تقريراً مفصلاً إلى السكرتير العام لعصبة الأمم جاء فيه:

1- وجه المندوب الفرنسي الكولونيل «كوله» دعوات إلى رؤساء الطوائف، يطلب منهم أن ينصحوا أبناء طوائفهم بالامتناع عن التسجيل، أو التسجيل بالقائمة التركية.

2- عين في المناصب الإدارية أشخاصاً ينتمون إلى الحزب التركي.

3- أوقف أعضاء المكاتب الانتخابية من ممثلي الطوائف وزعماء الأحزاب غير التركية.

4- خلافاً لقرار فرض الأحكام العرفية تركت حرية التنقل بين القرى لدعاة الحزب التركي.

5- أوقفت الصحف العربية عن الصدور دون الصحف التركية.

و بتاريخ 23 يونيو 1938 اتفقت فرنسا وتركيا على إدخال 2500 جندي تركي إلى اللواء للمشاركة في حفظ الأمن مع القوات الفرنسية.

غادرت اللجنة الدولية اللواء إلى لبنان ومكثت فيه ثلاثة أسابيع، أعدت فيه تقريرها النهائي الذي يقع في 150 صفحة ذكرت فيه جميع الأعمال التي قامت بها، والنتائج التي حققتها في التسجيل، والتي أظهرت تفوق العرب عددياً على الأتراك، كما ذكرت فيه أعمال الضغط والإرهاب التي مارستها السلطة ضد العرب. ورفعت تقريرها إلى السكرتير العام لعصبة الأمم في 30 يوليو 1938.

بعد رحيل اللجنة الدولية عن اللواء جرت مباحثات بين فرنسا وتركيا، انتهت بالتوقيع على معاهدة صداقة بينهما في 4 يوليو 1938، تضمنت تعهد الطرفين بأن لا يدخل أحدهما في حلف ضد الآخر، وأن يعترف باستقلال لواء الاسكندرونة، ويطبق النظام الموضوع له من قبل عصبة الأمم بمفردها على أن يضمنا تفوق العنصر التركي فيه.

شُكلت لجنة عليا مشتركة في 18 يوليو 1938، فرنسية تركية، للإشراف على الانتخابات، فقامت هذه اللجنة بإعادة النظر في الجداول الانتخابية التي نظمتها لجنة عصبة الأمم، فألغت قيد 2080 ناخباً عربياً، وأضافت 947 ناخباً إلى القائمة التركية وسمحت لـ 500 ناخب بالتصويت للقائمة التركية.

ولم تجر انتخابات لأن القائمة التي رشحها الأتراك أعلن فوزها بالتركية.وقد نال الأتراك بموجبها 22 مقعداً في المجلس النيابي. وأعطي لبقية عناصر اللواء 18 مقعداً.

عقد مجلس اللواء (المزور) جلسته الأولى في 2 سبتمبر 1938 ، انتخب فيها عبد الغني تركمان رئيساً للمجلس، وطيفور سوكمن لرئاسة الدولة، وتشكلت الوزارة برئاسة عبد الرحمن ملك وأربعة وزراء جميعهم من الأتراك ليس بينهم عربي واحد، وأطلق على اللواء اسم "هاتاي".

وفي 6 سبتمبر 1938، تم وضع الدستور الذي تشابه كثيرا مع الدستور الذي وضعته عصبة الأمم لسنجق الإسكندرونة. وعرف الدستور هذه الأراضي بأنها دولة مستقلة سميت دولة هتاي "Hatay Devleti". وأعلنت اللغة التركية كلغة رسمية للدولة، بينما الفرنسية لغة ثانية. ودرست المدارس اللغة العربية أيضا.

في 7 سبتمبر 1938، قام مصطفى كمال أتاتورك بوضع علم لهتاي. في 6 فبراير 1939 عملت هتاي طبقا للقوانين والتشريعات التركية، وفي 13 مارس 1939 إتخذت من الليرة التركية عملة رسمية لها.

في عام 1939، أشرفت الإدارة الفرنسية على استفتاء حول الانضمام إلى تركيا فاز فيه الأتراك وشكك العرب بنتائجه وخصوصا ان الاتراك لعبوا بالاصوات لصالحهم، وكانت تلك المؤامرة حيكت علينا، وابتدأت سياسة تتريك اللواء وتهجير السكان (العرب) سكان الأرض الاصليين إلى بقية الوطن السوري، ونشأت مشكلة الاراضي، حيث انه سرقت كل ارضي السوريين الزراعية في تلك المنطقة دون أن تدقع تركيا اموالاً للعرب المتضررين ثم قامت تركيا بتغيير كافة الأسماء من (عربية) وهي اللغة الاصلية إلى(تركية) وهي لغة الدولة المحتلة، وظل هذا الأمر مصدراً للتوتر الشديد في العلاقات بين تركيا وسوريا طيلة سبعة عقود وإلى يومنا هذا. واليوم يشكل العرب الأغلبية في أغلب محافظات الاسكندرون (من أصل اثنتي عشرة قطعة قسمتها تركيا كي يصبح أصعب عودتها إلى سوريا) في (هاتاي وهو الاسم التركي واسم المنطقة الحقيقي هو (لواء الاسكندرون أو (الاسكندرونة) أو الاسكندرون)).

المتظاهرات في دمشق أثناء الاحتجاجات على ضم سنجق الإسكندرونة لتركيا عام 1939 باسم محافظة هتاي. إحدى اللافتات مكتوب عليها: "دمائها فداء للسنجق السوري العربي.

كان الإجراء الفرنسي بإعطاء اللواء إلى تركيا وكان ذلك مخالفاً لصك الانتداب نفسه، حيث نصت المادة الرابعة من صك الانتداب على إلزام الدولة المنتدبة باحترام وحدة البلاد الموكلة إليها والحفاظ على سلامة أراضيها، وهو ما لم يتقيد به الفرنسيون.

وما زالت سوريا تعتبر لواء الاسكندرون جزءا من ترابها الوطني، مع أن بعض الأطراف والهيئات مثل قناة بلدنا تضع الخارطة السورية بدون لواء الاسكندرون، وموقع سانا يضع يظهر اللواء على الخريطة باللون الرمادي.

بعد سلخ اللواء عن سوريا، نزحت إلى دمشق، وحلب، وحمص، واللاذقية، أعداد كبيرة من عرب اللواء وأرمنه، مع استثناء صغير لبلدة كسب الأرمنية التي كانت تابعة للواء، فعدّلت المفوضية الفرنسية الحدود، بحيث تتبع كسب محافظة اللاذقية. أفضى سلخ اللواء لانطلاق احتجاجات 1939 التي أفضت للإطاحة بحكومة جميل مردم، ثم استقالة الرئيس هاشم الأتاسي؛ في السنوات التالية اعتبر اللواء أرضاً محتلة.

المطالبة السورية به:
ما زالت بعض الخرائط السورية تظهر لواء اسكندرون (هاتاي) على أنه منطقة سورية محتلة. عام 1998 وبعد ازمة سورية تركية كادت تتفجر صراعاً عسكرياً، تم التوصل إلى تسوية سياسية في اتفاقية أضنة تخلت على أثرها سوريا عن دعمها لحزب العمال الكردستاني، كما تخلت فيه عن المطالبة بلواء الاسكندرون دون أن تعترف به كأرض تركية، فأوقفت الحملات الإعلامية المطالبة به. المصادر السورية نفت أي تخل عن لواء الاسكندرون، إلا أنها أعلنت أن المصلحة السورية تقضي بتأجيل القضايا الخلافية والتطلع إلى التعاون الاقتصادي السياسي مع تركيا في المرحلة الراهنة، وبالرغم من ذلك ظلت الاواسط الشعبية تطالب به.

الجغرافيا:
تبلغ مساحة اللواء 4800 كيلو متر مربع، يطل على خليجي اسكندرون والسويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ويتوسط شريطه الساحلي رأس الخنزير الذي يفصل بين الخليجين المذكورين. أهم مدنه أنطاكية وإسكندرونة وأوردو والريحانية والسويدية وأرسوز. اللواء ذو طبيعة جبلية، وأكبر جباله أربعة: جبال الأمانوس وجبل الأقرع وجبل موسى وجبل النفاخ، وبين هذه الجبال يقع سهل العمق. أما أهم أنهاره فهي: نهر العاصي الذي يصب في خليج السويدية ونهر الأسود الذي يصب في بحيرات سهل العمق،) ونهر عفرين (يصب في بحيرات سهل العمق أيضاً.

الديموغرافيا:
التركيبة العرقية لسكان هتاي (1936)
غالبية سكان اللواء كانت من عرب سوريا الموزعين بين السنة، والعلويين، والمسيحيين العرب، والأرمن، ولم تتجاوز نسبة تركمان سوريا فيه 39.4% حسب إحصاءات 1939...!!
الصورة دخول الجيش التركي لأراضي لواء الإسكندرونة.