كتب :د. مينا ملاك عازر
إسقاط الطائرة الأمريكية بدفاعات الجو الإيرانية يشعرني بأنه ثمة حرب قادمة في المنطقة برغم أنني على ثقة بصعوبة دخول أمريكي مباشر لتلك الحرب المزمع اندلاعها، لكن إجبار أمريكا على عدم دخول الحرب يرجع إلى أن الطائرة اللي سقطت مش مجرد طيارة تجسس عادية، لا، دي من طراز Global Hwak وتمنها يتجاوز المئة وعشرون مليون دولار، ما يعني أنها متفوقة جداً ومتطورة لأبعد مدى، وده يعني أنها سقطت بشيء أكثر تطور منها، وهو الصاروخ الإيراني الصنع المسمى سوم خرداد، مزود برادار يجعله قادر على متابعة أربع أهداف في آن واحد، وضرب هدف بارتفاع خمسة وعشرين كيلو متر وعلى بعد خمسين كيلو متر، المشكلة في أن من الواضح أن الأمريكان خاصة والغرب عامة، لم يكن لديهم علم بتلك الإمكانية الموجودة في سلاح الدفاع الجوي الإيراني ما يعني أنهم قد يرتبكوا في أثناء حربهم على إيران، ما يعني صعوبة دخول الحرب من جانب أمريكا، دعوني أشير هنا إلى أمر هام، أن إيران تصنع سلاحها بنفسها ما يعني أنها ليست بحاجة لمن يحارب لها حربها، ولا لمن تدفع له مال ليعطيها السلاح مقابل أن يحلبها.
 
دعني أذكر سيادتك، بأنه في فبراير قبل الماضي اعترفت إسرائيل بأن سقطت لها طائرة مقاتلة من طراز إف 16 المتطورة جداً المسماة F16 Block 52 وثمنها حينها كان يتجاوز الخمسون مليون دولار، وسقطت بأيادي إيرانية صحيح بسلاح الدفاع الجو السوري لكن إيران كانت وراء الموضوع من أوله لآخره. 
 
في شهر ديسمبر من عام 2011، أرسل أوباما طائرة للتجسس على الإيرانيين فهاكروها، وفكوها قطع وأرسلوا صورها لوزارة الدفاع الأمريكية، ولما طالبهم بها أوباما قالوا ليس لدينا شيء لك، والمفاجأة القصوى أنهم بعدها أرسلوا لإسرائيل طائرة حاولت إسرائيل أن تسيطر عليها وتنزلها ففشلت فأسقطتها بعد نصف ساعة بطائرة مقاتلة بعد أن كانت صورت الطائرة الإيرانية صوراً وأرسلتها لإيران، الرسالة كانت قاسية لأنها كانت بعد شهرين بالتحديد من محاولة أوباما هذه، ما يعني أننا نفعل هذا ونعرف قدراتنا لكنكم لا تعرفون لا قدراتكم ولا قدراتنا إذا تواجهنا.
 
المفاجأة بقى التي تجعلني أتأكد بصعوبة دخول أمريكا للحرب لكنني لم أزل أشتم راحة البارود، أن الكونجرس اليوم سحب من ترامب حق التفاوض بإشعال حرب، وهذا طبعاً لاختلاف الرؤى السياسية بين الحزبين الأول الذي ينتمي لأغلبيته الكونجرس والاخرالذي ينتمي له ترامب، ناهيك عن تزايد قلق الأمريكان من تورطهم في حرب، هذا بالرغم من أن الجميع يعرف من تصريحات ترامب أن اداء الحرب على السعودية والتسليح عليهم، والأموال على السعودية، وكله يصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي، لكن الأهم هنا، أن ترامب قد يضع في اعتباراته أنه داخل على عام انتخابات وبحاجة لضربة قوية قد ترفع أسهمه بعد أن تراجعت في الآونة الأخيرة، فقد يقدم على فعل متهور -لا قدر الله- أو يدفع زبانيته في المنطقة لفعلها.
 
المختصر المفيد يا رب عقلهم، واكفينا شر المتهورين والحمقى.