تصدرت صورة جثة الطفلة فاليريا التي لم تتجاوز عامين الصفحات الأولى لصحف كبيرة حول العالم، بعدما غرقت في نهر على الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك خلال محاولة والدها الذي لقي مصرعه معها الوصول إلى ما يُعرف بالحلم الأمريكي.

 

مثلت تلك الصورة ما يواجهه المهاجرون من أمريكا الجنوبية والوسطى من مخاطر في محاولتهم الوصول إلى الولايات المتحدة، وفي ظل منعهم من دخول البلاد واضطرارهم للانتظار شهورًا على الحدود حتى يتم السماح لهم بتقديم طلب لجوء إلى أمريكا.
 
ذكّرت صورة فاليريا بأخرى بكى بسسبها العالم، حينما طفت جثة الطفل السوري إيلان كردي على سواحل البحر المتوسط بعد رحلة فاشلة إلى أوروبا، هربًا من الحرب السورية.
 
ومع التضييقات الكبيرة التي تمارسها إدارة دونالد ترامب على المهاجرين، وتعامل واشنطن مع المهاجرين غير الشرعيين بصورة قاسية ومنعهم لأشهر من محاولة التقديم على طلب اللجوء أو الحصول على الإقامة واحتجازهم بمراكز على الحدود، يعيشون في معاناة كبيرة بعد وصولهم إلى حدود حلمهم على أطراف شمالي المكسيك ليواجهوا الموت والجوع والمرض.
 
الموت
ان أوسكار ألبرتو مارتينيز وطفلته فاليريا يحاولان العبور من شمال المكسيك إلى ولاية تكساس الأمريكية، قبل أن يتم اكتشاف جثة الطفلة والأب يوم الإثنين.
 
ونشرت صحيفة "لا جورنادا" المكسيكة تلك الصورة ومعها عدد من المشاهد في موقع الحادث.
 
ووفقًا للصحيفة فإن مارتينيز راميريز من دولة السلفادور، ولم يكن قادرًا على تقديم طلب اللجوء إلى السلطات الأمريكية، فقرر السباحة عبر النهر حاملا طفلته على ظهره.
 
كما ذكرت أنه بالفعل وصل إلى داخل الولايات المتحدة، لكن حينما أراد العودة ليأتي بزوجته ألقت فاليريا بنفسها في المياه، لجرف التيار الأب والطفلة وغرقًا سويًا.
 
العائلة الصغيرة من السلفادور بأمريكا الوسطى، ضمت مارتينيز (25 سنة) وزوجته فانيسا آفلوس، والطفلة فاليريا. وصلت الأسرة نهاية الأسبوع الماضي إلى مدينة ماتاموروس الحدودية شمالي المكسيك، آملين في تقديم طلب لجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الجسر الدولي بين الولايات المتحدة والمكسيك سيكون مغلقًا لفترة، بحسب حديث مسئولين أمريكيين إلى الأسرة الصغير.
 
بدأت العائلة حينها السير على ضفاف نهر جراند ريو. وبحلول منتصف يوم الأحد، سبح مارتينيز بطفلته فاليريا ليوصلها إلى الولايات المتحدة حاملا إياها أسفل قميصه الأسود.
 
تبعته الزوجة وصديق للعائلة، لكنها مع اقتراب مارتينيز إلى الضفة الأخرى حاملا فاليريا، كانت آفالوس تعاني من حركة المياه القوية وعادت إلى الضفة المكسيكية من النهر.
 
بحسب حديثها للسلطات الحدودية، قالت إنها شاهدت بعينها زوجها وطفلتها يغرقان والمياه تذهب بهما بعيدًا.
ولقي رضيعان اثنان وطفل وسيدة مصرعهم خلال الأسبوع الماضي أثناء عبور نهر ريو جراند إلى الولايات المتحدة.
 
يذكر أن إدارة ترامب حاولت تجرين من يعبرون الحدود بشكل غير قانوني، وفصل الآباء عن أطفالهم على الحدود، وذلك في محاولات لتقليل حجم المهاجرين الذين يقدمون طلبات لجوء.
 
ومؤخرًا قدمت واشنطن خطة تفرض بعودة المهاجرين إلى المكسيك حتى تنظر المحاكم في مطالب اللجوء الخاصة بهم.
 
كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، فبراير الماضي، عن تلقي الحكومة الفيدرالية أكثر من 4500 شكوى خلال 4 سنوات، كلها تتعلق بانتهاكات جنسية يتعرض لها الأطفال المهاجرين في مراكز الاحتجاز الحكومية الأمريكية.
 
شمل ذلك أطفال دخلوا الولايات المتحدة وحدهم أو تم فصلهم عن عائلاتهم مع وصولهم إلى الحدود الجنوبية، وجاءت بعض الاتهامات ضد عمال بالغين في تلك المراكز.
 
وقالت بعض الشكاوى إن الاعتداءات شملت تقبيل القُصّر ومشاهدتهم أثناء الاستحمام والاغتصاب.
 
وبحسب التقرير، فإنه من أكتوبر 2014 إلى يوليو 2018، تلقى مركز إعادة توطين اللاجئين وهو تابع لوزارة الصحة الأمريكية يعتني بمن يطلق عليهم القُصّر غير المرافَقين، حوالي 4550 شكوى تتعلق بالاعتداءات الجنسية.
 
تم تحويل 1300 دعوى من بينهم إلى وزارة العدل الأمريكية، فيما كانت حوالي 178 من أكثر تلك الدعاوى خطورة تشمل اتهامات لموظفين بالغين بالاعتداء الجنسي على الأطفال المهاجرين.
 
احتجزت سلطات الحدود الأمريكية 133 ألف مهاجرًا بينهم حوالي 11 ألف طفل، وذلك خلال محاولات عبور غير قانونية للحدود الجنوبية للولايات المتحدة، بحسب أرقام رسمية حكومية.
 
ومع زيادة تلك الأعداد في مراكز احتجاز المهاجرين على الحدود، تحدث أطباء أمريكيون عن بدء انتشار الأمراض في تلك المراكز ما ينذر بكوارث صحية محتملة حال عدم حل تلك الأزمة.
 
وأوضح الطبيب هوارد ماركل، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن هناك مخاطر صحية كبيرة تواجه المحتجزين من المهاجرين على الحدود الجنوبية الغربية للولايات المتحدة.
 
وقال مدير مركز جامعة ميتشجان لتاريخ الدواء، في التقرير المنشور الإثنين، إن هناك خطر حقيق بسبب الأمراض سهلة الانتشار حينما يتشارك عدد كبير من الأشخاص في سرير واحد ومكان ضيق جدًا.
في حين صرح المحامي توبي جيالوكا لشبكة "سي إن إن" واصفًا ظروف الاحتجاز في مركز أورسالا في ماكالين بولاية تكساس على الحدود الجنوبية الغربية، وقال "تقريبًا كل شخص رأيته كان يعاني من المرض".
 
حذر هوارد ماركل من انتشار مرض التيفوس أو "الحمى النمشية"، حيث يتعرض جسد الإنسان بإتلاف جدران الأوعية الدموية مما يؤدي إلى النزف والطفح الجلدي، وكل ذلك بسبب عدم الاستحمام بشكل منتظم.
 
من الأمراض التي تظهر بسبب الحياة في مكان مزدحم تتراجع فيه الظروف الإنسانية، السُل، الإسهال المائي، التقيؤ والحمى. وبالطبع تكون فرص الإصابة أكبر بين الأطفال.