سحر الجعارة
لا أعتقد أن الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» كان يبكى وفاة المعزول «محمد مرسى»، وهو ينتحب ويقول لرئيس مصر «عبدالفتاح السيسى»: (أنا ارتديت كفنى فى انتظارك)!.

«أردوغان» كان يبكى انهيار أحلامه التوسعية ودولة «الخلافة الإسلامية» التى بذل كل ما فى جهده لتحقيقها، فآوى فلول الإخوان الهاربة وسخّر قنوات الإخوان التى تبث من تركيا لمهاجمة النظام المصرى والتحريض على قتل جنودنا من الجيش والشرطة والأبرياء أيضًا، وموّل التنظيمات الإرهابية ودعمها سياسيًّا ولوجيستيًّا.. لدرجة نعجز عن توصيفها وتحليلها، إلا أن الشعب المصرى الذى اعتاد أن يحارب خصومه بـ«النكتة» لخص سخريته من دموع «خليفة المسلمين» المزعوم قائلا: (أردوغان أغلق بيوت الدعارة بتركيا ثلاثة أيام حدادًا على روح المعزول مرسى)!.

وقبل أن يفيق «أردوغان» من صدمته، جاء فوز المعارض التركى «أكرم إمام أوغلو» برئاسة بلدية إسطنبول، مما يعد شهادة وفاة سياسية لـ «أردوغان» و«حزب العدالة والتنمية»، بعدما كان الرئيس التركى يتهم «أوغلو» بأنه «مرشح السيسى»، فجاءت هزيمة «على يلدريم»، الذى سماه «مرسى»، وهو ممثل «أردوغان» القوى وحزبه فى الانتخابات التركية بمثابة صفعة جديدة على رأس «أردوغان» ورجاله.

لقد قام «أردوغان» بكل الممارسات الفاشية خلال فترة حكمه.. وبعد الانقلاب الفاشل عليه من قطاع من الجيش، أيقن الشعب التركى أن رئيسه مصاب بالشيزوفرينيا، مثل «دكتور جيكل ومستر هايد»: (نصفه علمانى يحلم بالانضمام للاتحاد الأوروبى والنصف الآخر إسلامى يحلم باستعادة دولة الخلافة العثمانية)، وأن عليه أن يعيش فى مسافة ما بين الحلمين بـ «مسلسلات» مناهضة للفوارق الطبقية، لتُبرز التناقض الفج بين سكان القصور «أقلية» وخدامهم «الأغلبية»!.. خاصة بعد أن تغلبت الميليشيات الإرهابية على قوات الجيش، (ثانى أكبر جيش فى الناتو بعد الجيش الأمريكى، يحتل المرتبة 15 عالميًا فى الإنفاق العسكرى)، وذلك فى الانقلاب المدبر، الذى كانت نتيجته اعتقال آلاف الضباط وقيادات الجيش التركى، وآلاف القضاة والإعلاميين وغيرهم.. ثم بكل بجاحة يخرج «أردوغان» ليحدث الرأى العام عن «الديمقراطية»!.

لقد رأينا جنود الجيش التركى وهم «شبه عراة» معصوبو الأعين، عراة الصدور، وكأنهم فى معتقل «جوانتانامو»، ورأينا «أردوغان» يقوم بتصفية رموز الجيش وإخضاعه، لنرى فى «سابقة تاريخية» الشرطة تسيطر على الجيش.. وإذا بهذا «الديكتاتور» يتوعد مصر بمحاكمة دولية، زاعمًا أن: (مرسى لم يمت بل أُغتيل)!!.

«أردوغان» هو آخر شخص يمكن أن يتكلم عن العدالة والقانون، لأنه اغتال القانون والدستور فى بلاده، لقد تمكن «أردوغان»، بموجب مسرحية الانقلاب الفاشل، من إخضاع القضاء وتمرير التعديلات الدستورية التى منحته صلاحيات شبه إلهية، وأغلق ملف الفساد والرشوة الذى طال أعضاء فى حكومته فى وقائع فساد عام 2013، (لايزال ملف فساد أولاده مفتوحا)، وصادر الحريات، فأغلق 3 وكالات أنباء تركية و16 قناة تليفزيونية و23 إذاعة و29 صحيفة (حسب آخر إحصاء متاح)، وسجن مئات الصحفيين غير إقصاء الآلاف من وظائفهم.. ليتفرغ لأوهام الزعامة!.

ولايزال «أردوغان» يرقص على السلم، لا طال عضوية «الاتحاد الأوروبى» ولا زعامة «الدول الإسلامية»، وأصبح عدوًا لدول الجوار وانتهكت الطائرات التركية المجال الجوى الوطنى اليونانى 99 مرة، بالتزامن مع رغبة «أنقرة» فى مواصلة التنقيب بشكل غير شرعى عن النفط والغاز الطبيعى فى مياه قبرص الإقليمية، مما اضطر الاتحاد الأوروبى لإطلاق تحذيرات لتركيا!.

«أردوغان» صفّى قيادات شعبه وقمع المعارضة، معتمدًا على أنه الحليف الأول فى التعامل الاقتصادى مع إسرائيل.. ولكن حين يصل الهذيان به إلى التطاول على مصر، لا نقول له «ليس على المريض حرج».. بل نقول: «احذروا الغضب المصرى»، فقد يتجاوز المقاطعة الشعبية للبضائع التركية إلى المقاطعة الدبلوماسية.

اطردوا السفير التركى ليشارك رئيسه الندب على المعزول، وربما يكتفيان بكفن واحد.
نقلا عن المصرى اليوم