بقلم :د. مينا ملاك عازر

مرة أخرى أعود للكتابة بمواصلة ما بدأناه في المقال السابق بالحديث عن فرص فوتناها حتى وقفنا الآن منتظرين ما يعرف بصفقة القرن، وهنا يجدر بي الإشارة إلى أن الفلسطينيين قد احترفوا تفويت الفرص حتى في حقبة التسعينات، وتركوا السيد عمرو موسى وحده، وهو الذي حاول مساندتهم حتى وصل الحال إلى أن أعلن السيد ياسر عرفات بنفسه أن عمرو موسى لن يستمر وزير لخارجية مصر من كثرة ما أدركه هو من تباعد السيد عمرو موسى عن القيادة السياسية المصرية في مواقفهما من القضية الفلسطينية، ولم يحرك الفلسطينيين ساكن وهم يرون الأمر يصل بهم لحال مسدود وأن الإدارات الأمريكية تبيع وتشتري في قضيتهم وتتاجر بها ليس فقط في نهاية فترة الرئاسة والتواجد على سدة الحكم كما كان الحال في إدارة كلينتون في نهاية حقبة التسعينات بعد أن تركوا ثماني سنين دون تقدم.
 
دعوني يا ساداتي أن أعود لخسارة النكبة، ونحن بذكراها الآن حتى أقفز منها لكارثة أكبر وهي صفقة القرن، النكبة كانت ولم تزل وصمة عار في جبين القادة العرب آن ذاك ،الذين دفعوا بجيوشهم في شكل من أشكال الاستهتار بالأمر، ووصلوا بهم لأن يخسروا أمام جيوش نظامية مدربة دخلت حروب قوية كالحرب العالمية الأولى والثانية تحت مسمى خاطئ إعلامياً بالعصابات، فقد اعتبروا ما في فلسطين من جيوش يهودية قل إسرائيلية عصابات في استهتار غير مقبول مطلقاً فكانت الخسارة والمصطلح الإعلامي السياسي الذي ضلل الكثيرين عن قدرة الجيوش المحتلة لفلسطين هو سر عودتي الآن للنكبة، فطالما لعبت المصطلحات السياسية والإعلامية دورها في تضليل الشعوب من النكبة والنكسة والعصابات اليهودية، ما أوصلنا في النهاية إلى كارثة مفاداها أننا بانتظار ما يعرف إعلامياً صفقة القرن، ولا أعرف لماذا ذلك المصطلح؟ وعلى أي شاكلة وعلى أي أساس اسموه هكذا؟ ولذا نحن إيزاء معضلة أننا لا نعرف ماهية ما يخفيه هذا المصطلح، لماذا أطلق بهذا الشكل؟ هل هي الرغبة في التشويق وإشعارنا أنها فرصة لا تفوت؟ أم أنه شكل من أشكال الدعاية السوداء الي دأبت أمريكا على تنفيذها في مشاريعها لتشكيل شرق أوسط جديد مرتكزة على ما أسمته هيلاري كلينتون الفوضي الخلاقة.
 
أخيراً صديقي القارئ، إن كانت صفقة القرن بحاجة لأن نفرد لها المزيد من المقالات لتحليلها فهو أمر متروك للأيام القادمة، لكن ما يجعلني أقف هنا أني وددت فقط أن أضعك أمام حقيقة مفاداها أننا أمام جهاز دعاية قوي في العالم العربي وخارجه احترف تضليلنا من أكثر من ستين عاماً بإطلاق مصلحات لا تمت بأرض الواقع بشيء، وسرعان ما نتكشف بعدها بأننا كنا مخدوعين، فأرجو من الله ألا يستمر خداعنا سواء بمصطلح صفقة القرن أو بالتسريبات التي تستحق مقالات للنقاش، ولعلنا نعود بعدها لمناقشة الحقيقة إلي ستُكشف بعد شهر رمضان إذا كانت مخالفة عن التسريبات وهو ما أتمناه.
المختصر المفيد كفاكم تضليل ولعب بوعي الشعوب.