بقلم – سليمان شفيق

في خضم التطرف والإرهاب الذي يطل علينا بالمنيا من وقت لآخر،  هناك جنود مجهولين يعملون في مساكن إيواء عزبة بدوي ، في صمت وبدون ضجيج  تعمل بدايات  كمؤسسة أهلية مشهرة بوزارة التضامن من 2009، وتساعد الأطفال السريحة الذين يعملون في الشوارع بحثا عن الربح والعيش الحلال ،  وتستمر بدايات من اجل تمكين الأطفال وتعزيز فرصهم وحقهم في الإبداع والتعلم، وتهدف المؤسسة إلي رعاية الفئات المهمشة من المجتمع خاصةً الأطفال والسيدات وتنمية النواحي الاجتماعية والاقتصادية من خلال التعليم والتدريب النظري والميداني ، وتقوم بتوعية السيدات  بالحقوق والواجبات الصحية والتغذية السليمة ومناهضة العنف ضد أطفالهم بغرض تنشئة الأطفال الذين يعيشون في أوضاع معيشية خطرة، وذلك عبر متخصصين في مجالات علم النفس والتغذية والمناهج التربوية بجانب التعليم والفنون  من أجل تنمية مواهب الطفل ورعايته من المخاطر المحيطة به وأسرته.
 
هناك في مساكن إيواء بدوي تنعدم الخدمات المرتبطة بالطفل والمرأة خاصة وذلك لبعدها الجغرافي عن المدينة، ولأسباب عمل الأسر في جمع وفرز الكرتون واعتماد الزوج على الأعمال الشاقة التي تقوم بها السيدة لسد احتياجات الأسرة وطلبات الزوج ؛وضعف السكن والمعيشة الغير أدمية، غرفة واحدة إيواء، لأسرة يصل لثمانية أفراد وأكثر.
 
 وتعمل بدايات من أجل تعزيز فرص الأطفال والنشء الذين يعيشون في أوضاع معيشية خطرة وذلك من خلال أنشطة المؤسسة من تعليم وفنون وأنشطة اجتماعية وفاعليات ثقافية لأسرهم وإقامة الحفلات الغنائية والمسرحية والشعبية والندوات التثقيفية واللقاءات لتوعية الأطفال وأسرهم بالتغذية الصحية  والرحلات الداخلية وإقامة المعسكرات الخارجية لتقويم السلوكيات المجتمعية من خلال الممارسة العملية  في المعسكرات الكشفية ؛ من خلال تنسيق مع الطفل وأسرته من قبل المؤسسة ؛  ولا تنسي المؤسسة من تمكين هؤلاء عبر استخراج الأرقام القومية وساقط القيد للأطفال؛وتجديد البطاقات المنتهية واستخراج البطاقات الصحية للمتقدمين للمدارس؛وبالتعاون مع الأفراد المصريين واجهات شريكة في توزيع المساعدات المادية والعينة خاصة للطفل والمرأة .
 
وفي بدايات تقوم المؤسسة بدعم ومساندة أطفال مركز بدوي للتعبير عما بداخلهم من خلال الفنون والأنشطة الاجتماعية ليبتكر ويبدع ويتعلم ممارسات حياتية وعلميه بجانب دمجه بالمجتمع المحيط به بطريقة إيجابية وقبول الأخر دون عنف وتمكين أسرهم في المشاركة بالأنشطة وبناء مجتمع محلي قادر على اتخاذ القرار والمشاركة بالمجتمع ككل من منطلق الحكم الجيد؛ وتعلم السيدات لطرق وأساليب التنشئة لطفولة أولادهم المبكرة من خلال اللقاءات والندوات والمسارح التفاعلية التي تنمي الذات الداخلي للمرأة . هكذا و علي مدي عشر سنوات استطاعت بدايات أقامة روضة أطفال تعمل بمشاركة أسرهم بشكل منتظم  من أجل  حماية الطفولة المبكرة لتوعية بصحة الطفل ورعاية الأم.
 
كذلك  يتم تعليم الأمهات كيفية استثمار وإدارة الوقت وتدريبها على أقامة الحوار والمناقشة مع الطفل، وكذلك تدريبهن علي إقامة علاقات جيدة بين المجتمع مبنية على الاحترام المتبادل واحترام خصوصية الآخرين، لكن المشاكل التي تواجهها بدايات في تلك المهام  كثيرة وصعبة ومنها :
 
أن غالبية الأسر والأهالي الأطفال التي تخدمهم المؤسسة، من قاطني العشوائيات والمساكن الإيوائية التي تحتوي على غرفة معيشية واحدة، و من العاملين في جمع وفرز الكرتون، و من أصحاب الحرف والأعمال الغير مستدامة على سبيل المثال وليس الحصر سائق توك توك؛بائع متجول؛سائق موتوسيكل؛لديه أعاقة؛بائع بسوق الخضار؛او مسجون أو محبوس على ذمة قضية.
 
كما تعاني المؤسسة من إشكاليات أخرى مثل:
الزوج يتاجر بالمواد المخدرة أو مدمن لها ما يدفع الأب باستخدامهن في الأعمال الغير الأخلاقية.
 
تعرض الأب أو احد أفراد الأسرة لعقوبة ما يدفعهن للاتجاه والانحراف نحو سلوك جانح وغير أدمي للحصول على الكسب وإن تكون بطرق غير مشروعة كوسيلة لجمع وكسب المال للذهاب لزيارته داخل محبسه خوفًا من تعرضها للإهانة والتهديد والألفاظ الرديئة لهن.
 
يتعرضن السيدات للابتزاز والاستغلال من قبل أفراد مقابل اقتراض أو إستلاف مبلغ ما ما يدفع غالبهن للسجن والعقوبة.
 
غالبية السيدات والفتيات خاصة بالمجتمعات العشوائية بالمنيا  يتحملن مسئولية الصرف المالي على الأسرة وذلك لعدم تواجد العائل للأسرة  مما يجعل المرأة تتحمل  مصدر دخل الأسرة.
 
كما ان غالبية السيدات التي يسرحن لجمع وفرز الكرتون عرضه لأصابتهن بأمراض الكبد الوبائية وعدم تواجدهن بالمنزل وبالقرب من أولادهن يضع الطفل في حالة صحية تعيسة لسوء تغذيته.
 
و تتحمل الأمهات  مصاريف زواج بناتهن مما يجعلهن يتجهن لزواج بناتهن مبكراً لعدم قدرة تحمل الأسرة لمصاريفهن ما يدفع الأسرة.
 
كل تلك الظروف الصعبة تجعل السيدات بالمنطقة يقومن بفرض أنفسهم عن طريق الصوت العالي والاشتباك بالأيدي مع أقرانهم وجيرانهم كنوع من إثبات النفس والذات داخل المجتمع،معتبرين أنها الوسيلة الوحيدة للبقاء والعيش. 
 
 وهكذا تعاني سيدات مجتمع إيواء بدوي والمناطق الأكثر حرماناً والمماثلة لها بمدينة المنيا لخدمات المرأة وعدم معرفتها لحقوقها حيث تتعرض لإصابات وضرب مبرح من الزوج أو إهانة الزوج لها من ناحية،وضغوط أولادهن وحالاتهم الاقتصادية والموارد المادية المحيطة بها ظروف الغلاء من ناحية أخرى؛وتعرضها لانتهاكات لحقهن  ،وسب وقذف وتحرش مستمر لغرض طلبها زيارة زوجها بمحبسه ؛ أو ارتفاع ضحايا شيكات بدون رصيد أو اقتراض بدون رد لأصل الدين لتتعرض للحبس أو العقوبة ما عرض أسر بأكملها للتفكك  والانهيار.
 
تلك بدايات المؤسسة  التي تعطي بلا حدود ، وتعمل في صمت ،ويقودها سيدة تعطي كل حياتها لهؤلاء المنسيين ، سهير نجيب التي تفتح عينيها علي المحبة لهؤلاء الأطفال والمساندة لتلك الأمهات المنسيات ، وتقود في سخاء ودون إعلام أو صخب من أجل غدًا أفضل وكريم .