جمال رشدي يكتب
 أحدثت تصريحات الأنبا دانيال سكرتير المجمع المقدس حالة من الغليان في الشارع القبطي، بسبب قسوتها وعدم لياقتها الثقافية أو الروحية، كانت الكلمات صادمة وعنيفة لنفوس الكثيرين لأنها خرجت من قامة كنسية كبيرة، وكانت الفاجعة في تبرير تلك الكلمات بأنها ليست ضد بعض الأساقفة بل ضد  جماعة حماة الإيمان.

أولاً لا يصح أن تكون كلمات سكرتير المجمع المقدس بذلك الضعف الثقافي أو الروحي، ثانياً حالة الغليان في الشارع ليست بسبب من توجهت الكلمات ضدهم بل بسبب قسوة تلك الكلمات وخروجها من فم اعلي سلطة كنسية بعد البابا، والأخطر من ذلك من يتخذون موقف تأييد الكلمات ويبررونها بأنها ضد حماة الوطن وهم يستحقون تلك الكلمات.

تصارع وتلاطم  دخلت الكنيسة فيها علي يد بعض رجالها، الذين من المفترض أن يكونوا مرسي سلام لها ولأولادها نعم مرحلة ضعف كبيرة تمر بها الكنيسة بسبب الفجوة الموجودة بين عمقها التاريخي والروحي وبين قدرات بعض رجالها من النواحي الإدارية والثقافية.

أيها الآباء الإجلاء رجال الكنيسة بدءً من قداسة البابا ومرور بآبائي المطارنة والأساقفة وكل رجال الكنيسة،  لابد أن تتوافر فيكم الصفات والسمات الإدارية لإدارة الأحداث والكلمات التي تخرج من أفواهكم، لأنكم تتكلمون باسم الكنيسة القبطية العظيمة وليس باسم أشخاصكم.

ومن يجد نفسه لا يمتلك مهارة الحديث وتسلسل الكلمات والمعلومة الصحيحة الكافية، فليصمت أفضل لابد أن تعلموا أن الكنيسة جزء من المجتمع وان وتيرة الأحداث المتصارعة التي تقودها التقنية والتكنولوجيا تتطلب سرعة مجابهة، فيما من يتعامل مع الشأن العام سواء كان من منظور روحي أو اجتماعي أو أي شئ يمثله.

لان بعض الكلمات والتصريحات تسبب عثرة لدي بسطاء الشعب القبطي، الذي استلم ثقافة الثوب المقدس النقي الذي لا يخطئ كل من يلبسه من رجال الدين فرفقاً بقلوب وعقول هؤلاء البسطاء.

نيافة الأنبا دانيال عليك الاعتذار علني للشعب القبطي باسم الكنيسة أو عليك الاعتزال النهائي من منصبك حفاظا علي اسم الكنيسة فطبقاً  لتعاليم يسوع من قال لاخية رقا يستوجب المجمع ومن قال يا أحمق يستوجب نار جهنم .

وكلمة رقاً آرامية في أصولها اللغوية الأولى تعني: يا صاحب العقل المقفل أو المغلق أو فارغ الرأس بمعنى تافه، وهي لفظة استنكار واحتقار للآخر وتسخيفه، وكأنه شخص بلا وزن أو قيمه، فباختصار تعني: [ من هو خالي أو فارغ الرأس أو بدون عقل – أي من هو بلا قيمة]، وهي تُعبِّر عن ازدراء موجع ساخر، وقد وردت في القواميس السريانية بمعنى ( حقير – أبله – سخيف )

•    المقصود هنا، مجمع السنهدرين بأورشليم وهو يعتبر المجلس الأعلى عند اليهود، أي هيئة القضاء العالي أو السلطة الداخلية العُليا والمؤلف من 71 عضواً من الكتبة والشيوخ ورؤساء الكهنة ويرأسه رئيس الكهنة، والذي كان تُعقد جلساته في أورشليم فقط،

 ومن قال يا أحمق يستوجب نار جهنم وهي أتت في الكتاب المقدس في هذا الموضع كصفة للمذكر المفرد في حالة المنادى بمعنى [ أحمق في حماقة شريرة ] وهي عادة تُشير في من يتصرف ضد إلهه (أنظر مزمور98: 😎. وأتت في السريانية بمعنى [ جاهل – أحمق – أرعن – مجنون ]. وهي تعتبر في درجة أسوأ من كلمة رقا ومن الغضب الباطل، لذلك فهي تستوجب عقوبة شديدة، لأنه تعني الغباوة لا كمجرد وصف عتابي أو الاستخدام العادي للكلمة إنما تحمل معنى بلا شعور، وترتبط هذه الكلمة بالكفر أي تكفير الآخر وإفراغه من كل قيمة أو النظر إليه كأنه ليس له عهد أو صدق في إيمان، فالمعنى هنا المقصود به احتقار الأخ لأخيه والازدراء بمشاعره واعتباره الأقل وأنه مرفوض حتى من الله نفسه، أي في النهاية التقليل من شأن الآخرين واحتقارهم والازدراء والتنكيل بهم في اشد الصور من الاحتقار والازدراء المبالغ فيه، لأن الحنق عليهم من داخل القلب الذي فيه مرارة

هنا تأتي كلمات الأنبا دانيال التي قال فيها ( معقد نفسياً ) فهو طبقا لتعاليم يسوع وكلمات الكتاب المقدس يستوجب حكم المجمع علي اقل تقدير واعتقد حكم المجمع في تلك الحالة هو عزله من منصب سكرتير المجمع المقدس وتنصيب اخر يمتلك القدرات التي تؤهله لشغل هذا المنصب.

ولكن كمواطن قبطي لا أطالب بالتطبيق الحرفي لتلك التعاليم، بل أطالب بروح تلك التعاليم وهي أن اخطأ أخيك سبع مرات سبعين مرة فأغفر له، وعليها أطالب نيافة الأنبا دانيال بالاعتذار رسميا للشعب باسم الكنيسة لأنه لا يمثل نفسه في تلك الكلمات بل يمثل الكنيسة القبطية

وان لم يعتذر فلا تلمون العامة من البسطاء الذين يهاجمون قداسة البابا ورجال الكنيسة بسبب عثرات مثل تلك التصريحات التي خرجت من نيافة الأنبا دانيال.

كمواطن قبطي علي قدر من الثقافة والعلم  قد تأثرت نفسياً وللغاية من صياغة ومضمون الكلمات الصادمة، فما بالك بملايين البسطاء الذين بالطبع ستتسبب تلك الكلمات في عثرات روحية لهم وعلى أثرها سيكون المردود سلبي علي علاقتهم بالكنيسة ورجالها.

لان هناك صورة تتسع رقعتها في الذهنية القبطية، كانت بدايتها في أحداث دير أبو مقار والذي رفضت الذهنية الروحية القبطية استقبالها وبعدها عديد من الأحداث والأخطاء الخاصة ببعض رجال الدين وأخرها مقتل أب كاهن في شبرا الخيمة، وأخيراً جاءت تصريحات الأنبا دانيال لتكون صادمة للذهنية القبطية.

علي قداسة البابا والمجمع المقدس أن يضعوا ضوابط إدارية محكمة لمن يتناول الحديث في وسائل الأعلام من رجال الكنيسة حتي لا تكون نتائجها سلبية علي مجري حياة الكنيسة والأقباط.

لان الحديث مهارة يمتلكها بعض الأشخاص ويستطيعون إدارة كلماتهم للخروج بنتائج ايجابية، ومن لا يمتلك تلك المهارة لابد أن يستعين بأشخاص متخصصين يديرون تلك المقابلات الإعلامية،  وكيفية الإجابة علي الأسئلة.

كان قداسة البابا شنودة عالم وشاعر وكاتب ومفكر وكانت لديه مهارة استثنائية في إدارة الحديث والخروج بنتائج ايجابية علي الكنيسة وعلى مكانة البابا، وأنا هنا لا ألوم احد من رجال الكنيسة لان لكل منا مهارات مختلفة في الموهبة الممنوحة له من الله ..... وأخير بروح النعمة التي مسح بها الأنبا دانيال أسقفاً ليكون خادم لغاسل الأرجل والكلمة الحقيقية يسوع المسيح أن يعتذر بكل تواضع لأبنائه وشعب الكنيسة ليرسل رسالة محبة للجميع .