حمدي رزق
لن نقول فى رحيله ما يقوله الإخوان فى رحيلنا: «فعليك من الله ما تستحق وعند الله تجتمع الخصوم»، لا تجوز على «مرسى» إلا الرحمة، ولكن الإخوان لم يرحموا ولم يترحَّموا على موتانا يومًا، ولم يُشيِّعوهم فى نعوشهم إلا بأحَطّ النعوت والألفاظ التى تستبطنها نفوس مريضة بالشماتة.. وليس أشَرَّ من الشماتة فى الموت.

الإخوان قوم كارهون، لا يرحمون مَن فى القبور، يدْعون عليهم بالعذاب ويستكثرون عليهم الرحمة، ويتمنون لهم ولذويهم آخرة الكافرين، ويُحشِرونهم مع المنافقين، ويطلقون فى أعقابهم كلابهم العقورة تستبيح مرقدهم، وتُقبِّح سيرتهم، وتتهمهم بما ليس فيهم كذبًا بواحًا، والله يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله تُرجع الأمور، سبحانه وتعالى.

لم يرحمونا فى مصابنا الأليم، لم يرحموا شيخًا أو شابًا، سياسيًا أو جنديًا، فنانًا أو أديبًا، فقيهًا أو شاعرًا، لم يرحموا زويل أو الأبنودى أو فاتن حمامة، مَن مات موتة ربه أو جنديًا استُشهد فى سبيل الله، صنَّفوا الموتى، هذا إخوانى تجوز عليه الرحمة، وهذا علمانى مصيره جهنم، وهذا وذاك وهلم جرا من تصنيفاتهم «المكارثية».

نترحَّم لأن هذه أخلاقنا، دلُّونى على مصرى واحد ترحَّموا عليه، مصرى واحد ذرفوا عليه دمعة، وألقوا على قبره سلامًا، هؤلاء طعموا الكراهية طعام الأثيم كالمهل يغلى فى البطون، استبطنوا شماتة، وولَّفوا على الاغتيالات الجسدية والمعنوية، ولَوْك سيرة الموتى فى القبور.

ترحّمنا على «مرسى» إنسانية لا يعرفها أمثال هؤلاء الجاحدين، قاموسنا فى قلوبنا لا يزال نقيًا لم يخالطه سواد، ولكنهم أشرار، إذا خاصَم فَجَر، لم يرحموا حتى العاديين ضحايا إرهابهم الأسود، لم يرحموا مصريًا كونه مصريًا يستمطرونه لعنًا.

ادَّخروا الرحمة للإخوان، ومنعوها عن الخلق جميعًا، احتكروا رحمة ربنا بضاعة يوزعونها على أمواتهم فحسب حسب درجته فى الجماعة، وموقعه فى التنظيم، وحرموا منها جل المصريين، لا يرون فى الديار سوى خصوم حتى فى القبور.

استباحة الموتى أصلًا بضاعة إخوانية، النبش فى القبور صناعة إخوانية، المتاجرة بالجثث طريقة إخوانية متبعة منذ رحيل المرشد المؤسِّس للجماعة، لا يترحَّمون على «مرسى»، بل يُشيِّعونه بضاعة فى حملة كذب وافتراء واجتراء على جلال الموت، يجولون بجثمانه على بوتيكات حقوق الإنسان العالمية، يتسولون بيانًا أو مطالبة، أو إدانة، أو إحالة، بضاعة رخيصة، لا يَرْعَوون لجلال الموت، الاستحلال الإخوانى بلغ حد استحلال موت «مرسى» مكايدة سياسية.

ذوقوا فتنتكم، أنتم مَن بدأتم بالشماتة والصدود والجحود، تحصدون شوكًا، تطعمون حسكًا، وتذوقون حنظلًا، حوائطكم مُلطَّخة بسخامكم، وحساباتكم ثقيلة من أحقادكم، بضاعتكم رُدّت إليكم.. للأسف الموت مابقالوش جلال عند الإخوان والتابعين وتبع التابعين!.
نقلا عن المصرى اليوم