مفيد فوزي
زوجها، حسب أوصاف على لسانها: يتمتع بطلة ساحرة، له قامة رشدى أباظة وملامحه تقترب من عمر الشريف بعد بعض الشيب الذى دأب على غزو شعره وله خفة دم عادل إمام، وإذا كشر عن أنيابه فهو محمود مرسى! لم تره صديقة لها إلا وشهقت «ده يجنن»! مشكلتها أنها تشعر دائما بالخوف من أن يهرب الطير إلى أغصان أخرى. هى مهددة دائماً من الأخريات الفاتنات الأنيقات! نقطة ضعفه جمال امرأة، وأناقتها وعطرها الهادئ. تقول إنها كثيرة الشبه بالممثلة هند صبرى، وقد تعارفا فى مزاد قصر من القصور الفاخرة. رسا المزاد عليه فى ثلاثة كراسى عتيقة ورسا المزاد عليها فى صينية فضة كبيرة. يجمعهما حب رياضة المزادات. تقريباً، لا تفارقه خوفاً من أن يتعرض لحادث خطف ليس من داعش، إنما من امرأة جميلة أنيقة معطرة! هو «سى السيد» فى حياتها ولا ترفض له طلباً حتى لا يغضب فتزوغ عيناه! قال لها مرة «أنت معارضة مستأنسة» ولم تفهم مقصده! سمعته مرة يقول فى التليفون بغضب: لا وألف لا! فاقتربت منه وربما عانقته وقالت له- وهى معطرة «سايس الأمور يا حبيبى»! فانفجر فيها «من هنا بيولد الديكتاتور لما ميلقاش حد يقول لا..» ثم هدأ قليلاً واقترح عليها السفر فاقترح عليها أن تقود السيارة النصف الأول من الرحلة للعلمين والنصف الباقى يتولى هو القيادة. لم تعترض بل رحبت وقالت: ممكن أكمل طوالى، لكنه رفض حتى لا ترهق. وانحنت تقبل يده امتناناً. لكنها لاحظت أن زوجها يرد على تليفوناته ردودا مقتضبة غير مفهومة. يقول مثلاً: كلامى أسىء فهمه! ويقول فى مكالمة أخرى: لا تصلح المناقشة فى التليفون، المواجهة أفضل! وفى مكالمة ثالثة يرفع صوته: دى مش ذكاوة دى غباوة! هى مندهشة من ردوده وهو ينهى المكالمة بعبارات مثل: شكراً يا أمير الأمرا أو تسلم لى يا أصيل! اعتادت كأى امرأة «أن يلعب الفار فى عبها». داهمها الشك وشعرت من مكالماته المقتضبة أنها مكالمات بنات.. هو بالمناسبة- فى منظورها- لا يحب إعجاب الزوجات ويطلق عليه عبارة دقيقة «بدل ملل»! هو مفتون بإعجاب البنات به من عمر الثانية عشرة إلى الخامسة والعشرين، وفى تقديرها أن البنات فى هذا العمر جريئات ويتعدين خط الحياء! باتت ليالى طويلة تفكر كيف تتأكد من شكوكها التى طردت النوم من عينيها. ولما كان لها صديقة من مقاعد الدراسة حاصلة على ماجستير فى علم النفس. أجابت عن أسئلتها كما يلى: لا يبيت خارج البيت مطلقاً. أى ساعة من النهار ممكن أطب عليه فى مكتبه الخاص دون موعد. لم أفتش فى تليفونه إلا مرة واحدة ووجدت شاشة الـface مفتوحة ولم أفهم ماذا تعنى. وقالت لها الصديقة: لا يوجد ما يؤكد الخيانة التى تؤلم كبرياءك، فاستراحت يومين ثم عادت للشك القاتل حين سمعت زوجها يقول «أنا جذاب وأنت كذاب» كان يخاطب رجلاً ولكنها متأكدة أنه كان يخاطب بنتا من «اللى ماتعرفشى الخشا» يومها بكت فلما استفسر عن سبب دموعها، لم تصارحه بالحقيقة وقالت «مامى وحشتنى» فاحتضنها بقوة وراق لها هذا الحضن! صحت ذات صباح على صوت صديقتها دارسة علم النفس تبشرها بأن لها صديقة بارعة فى التكنولوجيا لديها «برنامج على الموبايل يتيح لك الاستماع لمكالمات زوجك بسهولة على موبايلك»!!

فصرخت فى وجهها «الحقينى بيها» تعالوا الساعة واحدة الضهر. فى ذلك الصباح كانت أسعد البشر. سوف تعيد لها التكنولوجيا الهدوء النفسى. جاءت صديقتها فى الموعد وطلبت «قرفة عيدان» فأسرعت بتقديم فنجان القرفة وأعطتها الموبايل. وفتحت «البلوتوث» مصدر الأشرار، وتركتها تعبث بأزرار الموبايل نصف الساعة وهى تتأملها بعين فاحصة وتستعجلها! ثم قالت لها: هايديكى إنذار صغير بأن تليفون زوجك يستقبل مكالمة! وانتظرت بفارغ الصبر أول تجربة ولكنها لم تحدث وظنت أنه فطن لحيلتها ولكنها لم تيأس. ثم دق الإنذار فسمعت مكالمة سائقه مذكره بموعد تشحيم السيارة! وتليفون آخر من مدير حسابات الشركة يطلب توقيعه على شيكات! وتليفون ثالث من ٥٧٣٥٧ يطلب التبرع السنوى المعتاد، وتليفون من شخص يقول التذاكر محجوزة فى الشباك يا أفندم. فصرخت وكتمت صرختها بسرعة قائلة «يا ترى مين اللى هيروح معاه سينما؟!» انتظرت عودته وعانقته وقال لها بعد الغذاء «أنا حجزت تذكرتين فى فيلم ليلوسن من ستة لتسعة» قالت وقد خجلت من أفكارها وشكوكها «أى مكان معاك يا حبيبى حتى لو كان كوز ذرة مشوى على كوبرى قصر النيل»!

اتصلت بها صديقة التكنولوجيا تطمئن، فردت عليها «التشغيل هايل، لكن حتى الآن براءة» قالت الصديقة الإلكترونية «الحمد الله لا مكان لشكوكك»! ولأول مرة تعود من السينما وتنام نوماً عميقاً. فى الأيام التالية لم تبد أى اهتمام بإنذار تليفونها بالبرنامج المضاف فكلها تليفونات روتينية تافهة. قررت فى لحظة أن تلغى الخاصية الجديدة لولا أن شيئاً حدث، فقد دعيا إلى حفل تخرج طالبات الجامعة الأمريكية وله شقيقة تدعى «ولاء» ضمن الحفل. وقد داعب فى الحفل ولاء وصديقاتها الجميلات وطلبت منه واحدة منهن تليفونه فأشار لها على شخصى الضعيف وقال مازحاً «اطلبيه من الحكومة»، والحقيقة أنها أعطتها رقمها هى وليس رقم موبايله!

الأيام التى تلت ذلك كانت تشعر بالذنب بسبب شكوكها التى جعلتها بخاصية تكنولوجية تسمع مكالمات زوجها. واعتبرت هذا حسب نص كلماتها «تصنت غير مقبول» قررت أن تلغى الخاصية الجديدة ثم تراجعت. وسألت نفسها «كيف تحتل قلب رجل جذاب جداً؟» ووجدت نفسها تجيب بالاهتمام وبالإنصات له وبالتجمل الدائم ودائماً معطرة! شعرت بتأنيب الضمير واستفحل إحساسها حتى كاد يعصف بعلاقتها. وبالطبع كان تليفونها مغلقاً طوال جلوسهما معا. وأخذت تتساءل: لو أن زوجى رجل عادى ليس جذابا هل سأكون أكثر سعادة؟ الإجابة: نعم، ثم تساءلت: هل هو يغار علىَّ مثلما أغار بصورة دمرت خلايا أعصابى؟ الإجابة: قليلاً وهذا يعكر صفو حياتى! تساءلت: هل ما فعلته مشروع؟ الإجابة: إنه غير مشروع ومهما بلغت مساحة الحب فيجب مواجهة الزوج بهذه المخاوف! كان الزوج لطيفاً وحنوناً فى كل الأوقات ويقدم لها هدايا دون مناسبة وتذكرت قول صديقة «الهدية دون سبب تكفير عن خيانة»! فقفز أمامها طائر الشك ولكن ليس معها أى دليل بالخيانة واستدعت صديقتها التكنولوجية وطلبت منها إلغاء الخاصية الجديدة وعادت إلى قواعدها مرتاحة البال.

■ ■ ■

تذكر أنه وصفها فى بعض مكالماته التى سمعتها جيداً بـ«حكومتى الرشيدة» ومرة ثانية «ست الكل» ومرة ثالثة «قمر حياتى» وربما ظنت أنه فطن لحيلتها ولكنها أرادت أن تطفئ نار الشك!

وهى تنظف مكتب زوجها عثرت على تليفون صغير ليس فيه أى خواص ولا بلوتوث ولا برامج. تليفون بدائى ولكنه يستقبل تليفونات. فتشت فيه، فلم تعثر على شىء يذكر.

و... وعاد الشك فى الزوج الجذاب جداً!
نقلا عن المصرى اليوم