أولاً: من المقبول رياضيًا أن نقول إن المجموع أكبر من حاصل جمع الأفراد، وأن عائد العمل الجماعى أكبر بما لا يقاس من عائد العمل الفردى. المجموع هو حاصل جمع كل الأعضاء (هذا من الناحية العددية)، وهو حاصل عمل ومواهب كل الأفراد (هذا من الناحية النوعية). وهكذا نحصل على طاقات كثيرة ستعمل معاً، وسوف تشتمل على مواهب متنوعة تتكامل معاً.

 
لذلك فالعمل الجماعى له بركات كثيرة نذكر منها:
 
أ- الانتشار: لأن طاقة عشرة أشخاص، تنشر العمل أكثر بكثير من طاقة شخص واحد.
 
ب- الاستمرار: لأن الشخص يمكن أن يغيب عن العمل، لسبب ما كالمرض أو السفر، فتبقى المجموعة، لتكمل العمل بكفاءة بنعمة الله. لذلك فأكبر دليل على نجاح الشخص، استمرار العمل بعد أن يتركه لأى سبب كالهجرة، أو السفر أو غير ذلك، وذلك من خلال من تم إعدادهم فى فترة وجوده معهم.
 
ج- الازدهار: فلا شك أن طاقة الإنسان واحدة، مهما تعددت مواهبه، ومهما كان إخلاصه، ويستحيل أن تعطى فرصة دخول إلى العمق، أو وصول إلى الأطراف، أو نمو فى نوعية الخدمة، قدر ما تفعل المجموعة المتكاملة، بما تحتويه من شخصيات وطاقات ومواهب.
 
ثانيًا: بين القائد والمجموعة:
 
هناك شعارات أساسية ينبغى أن يتبناها كل من يؤمن بالعمل الجماعى، منها ما يلى:
 
1- لا تلغ نفسك:
 
فالقائد الأمين لا يكون سلبياً أثناء قيادته للمجموعة، سواء كانت اجتماعاً للشباب، أو فصلاً فى التربية الدينية، أو مشروعاً ما.. فالقائد يطرح الفكرة، ويتركها للتفاعل داخل المجموعة، ولكنه لا يترك الأمور لتسير دون نظام، ودون اتجاه سليم، فهو يقود المناقشة بنظام، ويلاحظ اتجاهها، وما يمكن أن ينجم عنها من قرارات... ومن غير المعقول أن نترك الشباب مثلاً ليقرروا القيام برحلة إلى مكان غير مناسب، أو أن يسمح باعتماد أسلوب عمل يتبنى الخطيئة: كالخمر أو العلاقات الخاطئة... إلخ، بحجة أن هذا ما تراه الجماعة. القائد لا يلغى نفسه، ويلاحظ الاتجاهات، ويعترض فى حالـة الخـروج عن الخط السليم.
 
2- لا تلغ المجموعة:
 
بمعنى أن يعطى القائد الفرصة لكل عضو فيها أن يعبر عن نفسه، وعن رأيه.. وذلك من خلال الحوار المنظم. فكل فرد فى المجموعة فيه من المواهب ولديه من الوزنات والطاقات، ما يجعل من المهم أن يسهم بما عنده.
 
لذلك يوصى علماء الإدارة هذا القائد قائلين: «دع بريق المجموعة يشرق». وهكذا لا يكتم رأياً، أو يرفض عضواً، أو يصادر فكراً، ما لم يكن هناك ما يدعو إلى ذلك، كالانحراف عن الطريق أو الهدف أو الوسيلة السليمة.
 
3- لا تنس المرجعية:
 
فهذا ما سقطت فيه بعض المؤسسات الغربية، إذ أنها تركت التصويت للشعب، وألغت دور رجال الدين، ولكن الأخطر هو أنها ألغت المرجعية الكتابية والآبائية، فخرجت بالموافقة على اتجاهات خاطئة، وقننتها!.
 
يجب أن يكون الرأى السديد نابعاً مـن شركة رجال الدين مع الشعب، مع مرجعية نابعة من الكتب الدينية.
 
4- التزم بالشركة المنظمة:
 
بمعنى أن يقوم القائد بعمل حوار حىّ، هادئ ومنظم، مع أعضاء المجموعة، للوصول إلى الرأى السديد، عند مناقشة أى عمل أو رحلة أو حفلة أو نشاط أو برنامج... إلخ.
 
وهناك أنواع من القادة:
 
1- هناك قائد ديكتاتور صريح، يلغى الحوار من أساسه، ويفرض رأيه على الجميع.
 
2- وهناك قائد ديكتاتور مقنّع، يأتى ليحاور المجموعة، ولكن القرار مأخوذ سابقاً، ويحاول تجميله فى أعين الأعضاء.
 
3- وهناك قائد فوضوى، يبدأ الحوار، فينتهى إلى شجار، ولا نصل إلى قرار!.
 
4- وهناك قائد جماعى، ينظم الحوار. فلا يكون فيه انفعالات زائدة، أو خروج عن النظام، أو جنوح عن الهدف، أو استقطاب.. وينتهى بأن يحدد النقاط التى تم الاتفاق عليها، أو الرأى النهائى، أو عدم الوصول فى المرحلة الحالية إلى رأى نهائى، فيتم التأهيل للمزيد من الدراسة فى مرة أخرى مقبلة... إلخ.
 
5- ويقول علماء الإدارة إن هناك عاملين أساسيين فى نجاح أى مشروع جماعى هما: «ع = العمل»، «ن = الناس».
 
- هناك قائد ع = ن – (يهتم بالعمل ويتجاهل الناس الذين يعملون معه).
 
- وهناك قائد ع - ن + (وهو يدلل العاملين معه، دون اهتمام بالعمل نفسه).
 
- وهناك قائد ع - ن – (لا يهتم لا بالعمل ولا بالناس).
 
- وقائد ع = ن = (يهتم بالعمل والناس معاً).
 
- وقائد ع + ن + (يهتم بالناس بصورة ممتازة، ويأخذهم معه إلى أعلى لينمو العمل بصورة أفضل).
 
فما يميز الدول المتقدمة الآن، عن الدول النامية، أنها تؤمن بما يسمى «عمل الفريق» (Team Work) أو «العمل الجماعى». ذلك لأن الفرد، مهما كانت مواهبه وطاقاته، فهو - بالنهاية - فرد واحد، يستحيل أن يمتلك كل المواهب، وكل الوزنات، وكل الطاقات، وكل الفكر الثاقب أو الحقيقة. الفرد طاقته طاقة إنسان واحد، أما الجماعة فهى مجموعة من الطاقات، التى تستطيع أن تنمى العمل، وتصل به إلى العمق والانتشار والتقدم.
 
العمق.. أى تنمية نوعية العمل، والانتشار.. أى توسيع دائرته، والتقدم.. أى الوصول به إلى آفاق مستقبلية أفضل.. وهذا فى المقال القادم إن شاء الله.
 
* أسقف الشباب العام
 
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
نقلا عن المصرى اليوم