المدير التنفيذي لجمعية المحافظة على البيئة: الشنط الورقية خيار آمن.. ويجب أن تعود المرأة لاستخدم شبكة الخضروات

عضو اتحاد الصناعات المصرية: تعميم استخدام الأكياس ذاتية التحلل قريبا للقضاء على الظاهرة
 
أنيسة حسونة: تعميم تجربة البحر الأحمر يساهم في التخلص من الأكياس البلاستيكية نهائيا بحلول عام 2030
 
مديرة برنامج التحكم في التلوث: مخاطر الأكياس تؤثر سلبا على الغلاف الجوي وتهدد حياة الإنسان
 
تُعد الشنط البلاستيكية المنتشرة بجميع الأسواق المصرية بالغة الضرر بصحة المواطنين، فضلًا عما تسببه من مشكلات صحية واجتماعية واقتصادية وبيئية؛ لذا بدأت مصر تتخلص من استخدام الشنط البلاستيكية واستبدالها بأخرى ورقية صديقة للبيئة تدريجيًا منذ عامين، حيث بدأ الاتجاه إلى استخدام بديل حتمي، ألا وهو الأكياس ذاتية التحلل، بنفس الوزن والشكل، لكنها تختلف بإضافة مادة بسيطة أثناء التصنيع تُتيح تحلل تلك الأكياس خلال فترة معينة، ومن ثمَّ لا تُسبب أضرارا خطيرة كالتي تُسببها الأكياس الموجودة حاليًا، والتي يتم تصنيعها من المواد النفطية، مثل مادة "البولى إيثيلين" -وهي عبارة عن سلسلة طويلة من ذرات الكربون والهيدروجين، وتحتاج البيئة إلى مئات السنين لتفكيك هذه الروابط طبيعيًا- فضلًا عن أنها غير قابلة للتحلل العضوي، والطريقة الوحيدة للتخلص منها هي حرقها؛ ما يلوث الهواء والمياه والزراعات.
 
• البحر الأحمر
جرى تفعيل قرار اللواء أحمد عبدالله محافظ البحر الأحمر، والذي حمل رقم 498 لسنة 2019، اعتبارًا من الأول من يونيو الجاري، بشأن حظر استخدام الأكياس البلاستيك بالمحال العامة في مجال الغذاء، وكذلك الصيدليات داخل نطاق المحافظة، فقد أوضح القرار الحظر النهائي لاستخدام الأكياس والأدوات البلاستيك التي تستخدم لمرة واحدة في كافة أنشطة الأطعمة والمشروبات، وكذلك حظر الاتجار فيها، عدا الأكياس الثقيلة الخاصة بتجميع القمامة.
 
• البدائل
تقول هبة شوقي المدير التنفيذي لجمعية المحافظة على البيئة «هيبكا»، إن قرار حظر استخدام الأكياس والمواد البلاستيك التي تُستخدم مرة واحدة يهدف إلى حماية الحياة البرية والبحرية والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، وهو ما يؤثر كذلك على الصحة العامة للإنسان، فيتسبب البلاستيك في نفوق نحو 100 ألف كائن بحري كل عام، بالإضافة إلى مليون طائر من الطيور البحرية تنفق هي الأخرى جراء ابتلاع مواد وبقايا مخلفات بلاستيكية.
 
وأضافت هبة، أن دول العالم أغلبها باتت لا تستخدم الأكياس البلاستيكية أحادية التحلل، موضحةً أن هناك أكثر من 5 تريليونات قطعة من المخلفات البلاستيكية في مياه المحيط الهندي، منها أكثر من ربع مليون طن تطفو على السطح والباقي في أعماق المياه، والتي بدورها تنتقل للبحار، حيث إن كيس واحد من البلاستيك قادر على قتل عدة كائنات بحرية لصعوبة تفكك أو تحلل مادته.
 
وعن البدائل المُقترحة للتغلب على ظاهرة استخدام الأكياس البلاستيكية، أوضحت المديرة التنفيذية لجمعية المحافظة على البيئة «هيبكا» أن الشنط الورقية هي الأكثر آمانا، وكذلك الحقائب القماشية القابلة لإعادة الاستخدام، ذاكرة أن ربات البيوت يُمكنهن العودة لاستخدام «شبكة الخضروات» والتي كُن يستخدمنها في العقود الماضية لشراء الخضروات أو الخبز، حيث تُعد بمثابة الخيار الصحي والآمن للحفاظ على صحة أولادنا، مشيرة إلى نزول السواح والأجانب في البحر الأحمر الأسواق بالشنط القماش يشترون بها ما يرغبون في شرائه، وأنها تتمنى أن تتبق تلك التجربة بجميع المحافظات.
 
• خطورة كبيرة
المديرة التنفيذية لجمعية المحافظة على البيئة «هيبكا»، حذرت من المخاطر والأضرار التي تسببها الشنط البلاستيكية واستخداماتها، ولعل أبرزها الإصابة بالتسمم والعقم، وإحداث اضطرابات في الغدد والهرمونات، فضلًا عن ضعف الجهاز المناعي ومشاكل جلدية، بالإضافة إلى زيادة تخزين الدهون، خاصةً وأنها تذوب بسهولة في المواد الدهنية داخل الجسم، وهو ما يؤدي بدوره لتشوهات في الأجنة والإصابة بالسرطان على المدى البعيد، واضطرابات في الجهاز العصبي، وحدوث خلل في القدرات العقلية على المدى البعيد.
 
• خطة وطنية
من جهتها، تقول المهندسة ميسون نبيل، مدير برنامج التحكم في التلوث الصناعي بوزارة البيئة، إن الوزارة أعدت خطة وطنية للإنتاج والاستهلاك المستدام، والتي جاء على رأسها مشروع «اﻟﺤﺪ ﻣﻦ استهلاك اﻷﻛﯿﺎس اﻟﺒﻼﺳﺘﯿﻜﯿﺔ»، وذلك بالتنسيق بين عدد من اﻟﻮزارات اﻟﻤﻌﻨﯿﺔ واﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص واﻟﻤﻨﻈﻤﺎت ﻏﯿﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ.
 
وأضافت ميسون -في تصريحات خاصة لـ«الشروق»- أن مخاطر الأكياس البلاستيك تُمثل أضرارًا جسيمة نظرًا لعدم جدوى تدوﻳﺮها اقتصاديًا، ما يجعلها تنتهي ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺎر واﻷنهار وﻳﻌﺮض اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻤﺎﺋﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻔﻮق، علاوة على أن ﺣﺮقها ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻧﺒﻌﺎث ﺟﺴﯿﻤﺎت وﻏﺎزات ﺳﺎﻣﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻼف اﻟﺠﻮي وﺗﺪﻣﺮ ﺻﺤﺔ اﻹﻧﺴﺎن.
 
وعن أهداف مشروع الوزارة، أوضحت أن المشروع يستهدف ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺳﻠﻮك المستهلك، حيث تم البدء بعمل دراسة تحليلية للوضع الراهن للإنتاج والاستخدام المحلي، وذلك بالتعاون مع مركز تكنولوجيا إنتاج البلاستيك.
 
• رقم صادم
أظهرت دراسة حديثة لوزارة البيئة عدد من المحددات الرئيسية، لعل أبرزها وصول إجمالي عدد الشنط المستهلكة سنويًا في مصر إلى 11 مليار شنطة، في حين تبلغ الكمية 88 مليون شنطة سنويًا في أوروبا، ما يعني أن العدد في مصر يُمثل 125 ضعفًا للموجود في القارة الأوروبية.
 
وتقوم مصر بإنتاج 28% من إجمالي كمية البلاستيك المُستهلك محليًا، فيما يتم استيراد باقي الكمية، والبالغة 72%، من الخارج بالعملة الصعبة، حيث يبلغ حجم النمو السنوي في سوق طلب البلاستيك نحو 6% سنويًا.
 
وعن توزيع الجهات المستهلكة للأكياس البلاستيكية، أفادت ميسون، بأنها تتنوع ما بين 14% لمحلات السوبر ماركت، و5% للصيدليات، و6% للمطاعم، و3% لمصانع الملابس الجاهزة، و2% للمكتبات، و17% للمخازن، و8% لقطاعات أخرى، بالإضافة إلى 20% لباعة الخضروات والفاكهة، إلا أن النسبة الأكبر بمحلات البقالة، والتي تضم 25% من إجمالي الكمية المستهلكة.
 
وشددت مدير برنامج التحكم في التلوث الصناعي بوزارة البيئة، على أن دراسة الوضع الراهن انتهت إلى عرض البدائل الرئيسية للأكياس البلاستيك أحادية الاستخدام، حيث كانت البدائل عبارة عن «أكياس قابلة للتحلل – أكياس متعددة الاستخدام – أكياس ورقية – أكياس غير منسوجة».
 
من جهته، يقول نادر عبد الهادي، عضو مجلس إدارة شعبة البلاستيك باتحاد الصناعات، إن أية مواد بلاستيكية يتم استخدامها فيما له صلة بصحة الإنسان والحيوان يجب أن تكون «خام بيور» بالنسبة للبلاستيك، مُستشهدًا في ذلك بالعبوات المُستخدمة في «الشامبو» و«الأدوية».
 
وأوضح عبد الهادي -في تصريحات لـ«الشروق»- أن البلاستيك المُعاد تدويره خطر داهم على صحة الإنسان والحيوان على حدٍ سواء، موضحًا أن مادة الإنتاج «البيور» لها مدة استخدام مُحددة، وفي حالة الحفظ في «الفريزر» يجب ألا تتجاوز ثلاثة أشهر، إلا أن مدة الصلاحية تزيد بالنسبة للمواد المُستخدمة في حفظ الأدوية، والتي يتم تصنيعها خصيصًا في أجواء معقمة، قبل أن يُحذر من خطورة إعادة التدوير، وأبرزها ما يحدث بالنسبة لجراكن البنزين، والتي يتم إعادة تدويرها بما فيه خطورة بالغة على الصحة العامة.
 
في سياق متصل، شددَّ المهندس ضياء حمزة، مدير غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، على أن تخطي استهلاك الأكياس البلاستيكية الـ11 مليار بصورة سنوية ليس أمرًا مُفزعًا بقدر تأثيراتها الضارة على المُجتمع، وذلك بسبب التصرفات الخاطئة في كيفية التعامل مع تلك الأكياس بعد الانتهاء منها، حيث يتم التخلص منها أو إعادة تدويرها بطرق غير آمنة.
 
وتطرق حمزة، إلى أن اتحاد الصناعات المصرية في طريقة لتعميم تجربة استخدام الأكياس ذاتية التحلل، غير الضارة بالبيئة، على مستوى الجمهورية، قبل أن ينوهَّ بأن خطورة الأكياس أحادية التحلل نسبتها متفاوتة في التأثير على الإنسان والكائنات الحية الموجودة بالبر والبحر.
 
ولفتَّ مدير غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، إلى وجود 500 مصنع بأنحاء الجمهورية للصناعات البلاستيكية، مقابل 50 مصنعًا فقط للشنط الورقية.
 
• مُقترح 2030
وتقدمت النائبة أنيسة حسونة عضو مجلس النواب، باقتراح موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزيري البيئة والصناعة، بشأن إلغاء استخدام الأكياس البلاستيك في مصر واستبدالها بمواد صديقة للبيئة؛ لتأثيرها على الصحة العامة والبيئة بجانب الخسائر التي تمثلها في الناحية الاقتصادية، خاصة أن أغلب الخامات يتم استيرادها من الخارج.
 
وأكدت النائبة -في تصريحات خاصة لـ«الشروق»- أن المقترح من شأنه دعم رؤية التنمية المستدامة في مصر، والتخلص من استخدام الأكياس البلاستيكية بصورة تامة عام 2030، وذلك بشرط توافر الجهود وتوفير البدائل، مع توعية الرأي العام والعمل على تعميم تجربة البحر الأحمر، ذاكرة أن أغلب دول العالم تتجه لوقف استهلاك البلاستيك حفاظًا على صحة الإنسان والبيئة، فقد توقفت عن استخدام الأكياس البلاستيكية واستبدلتها بالأكياس الورقية والقماشية، ويجب تطبيق هذه السياسة مع وقف التصريح بإقامة مصانع جديدة للبلاستيك.