سحر الجعارة
لم تكن المرة الأولى التى أجلس فيها على مقعد المحاور وليس الضيف، فقد عملت بالعديد من الفضائيات وحظيت بمحاورة قمم فكرية وسياسية.. لكن هذه المرة مختلفة، فعلى مقعد الضيف يجلس أمامى المفكر الشاب «إسلام بحيرى» لأحاوره خلال ست حلقات من برنامج «جدل مع إسلام بحيرى»، الذى أُذيع خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان على قناة Ten tv. «إسلام» يمارس العصف الذهنى مع مجموعة مختارة من الباحثين المتميزين، والحوار مفخخ بالألغام، وكل سؤال يقتحم قضية مسكوتًا عنها، وكل إجابة تنير ظلام العقول.. أنت مع «إسلام» بل تعيد اكتشاف ذاتك وعلاقتك بالتراث الدينى.. تفتح بابًا للوسطية والتسامح وقبول الآخر.. وتزيح الغمام عن وجه الإسلام الصحيح.

تحطم «تابوهات وأصنام الفكر السلفى».. لتقدم للمشاهد دينًا حضاريًا عصريًا يحترم الإنسان.. عقدت مع «إسلام» اتفاقًا سريًا، على ألا نذكر أسماء أحد من أصحاب الفتاوى الرجعية، لتكون محاكمة للرأى الفقهى أو التفسير العبثى للقرآن والسنة بعيدا عن «شخصنة القضية».. وكانت البداية من النقطة الحرجة «تكفير الآخر» وانتزاع آيات قرآنية من سياقها وتطبيقها على بعض الديانات والمجتمعات والمبدعين.. كانت إجابة «إسلام» حاسمة بأن الآيات القرآنية كانت بشكل متتالٍ تخاطب قومًا بأعينهم.. ولا تنطبق على واقعنا الحالى، وأكد أن «أهل الكتاب» ليسوا من الكفار أو المشركين، وأن كتب التراث هى التى سمحت للشيوخ الآن باستخدام نفس الأدوات لتكفير الأقباط!.

ولأن المساحة لا تتسع للاستفاضة حول ما ورد تفصيلاً بالحلقات، سأذكر بعض محطات الحوار:
سألته: «هل ترفض كل ما جاء بصحيح البخارى؟».. فقال: (أنا لا أقول بأى حال إن البخارى كتاب كله خطأ، ولا مُسلِم، بل إنى أقول إنهما فعلا بطرق البحث أفضل كتابين فى علم الحديث، ليسا بعد القرآن، هذا قياس باطل خاطئ لا يصح.. فـ«علم الحديث» معقد جدا).

سألت «إسلام» عن عالم دين يستمع إليه ويقتنع برأيه، فأجاب: (لا أحد.. باستثناء الدكتور «سعد الدين الهلالى» الذى أتمنى أن يكون له منصب فى الدولة).

طفت مع «إسلام» فى مناطق متنوعة، تحدثنا عما يسمى تطبيق الحدود الشرعية، وحسم «إسلام» الجدل المثار عن «الجنة والنار».. فبحسب تفسيره للآيات القرآنية فإن فكرة الخلود فى النار تعنى أنه سيأتى يوم تذوى فيه النار أو يصبح من بداخلها فى حالة «استعذاب لها»، أما الجنة فبعكس الآراء المتناقضة عن الجنس فيها، يرى «إسلام» أننا سنصعد فى صورة مثالية لهيئتنا البشرية، وأن للمرأة نفس نصيب الرجل من كل ما فى الجنة حتى الجنس!.

نفى المفكر الشاب كل الأوهام المتعلقة بعذاب القبر وعلامات يوم القيامة التى تأتى بغتة والمسيح الدجال والمهدى المنتظر، وأكد حدوث رحلة «الإسراء والمعراج»، رغم ما دخل عليها من إسرائيليات تعرض لتفاصيل لا علاقة لها بالقرآن ولا بالسنة. أعلم أن اقتطاف بعض من الأفكار التى عرضها البرنامج قد يكون مخلاً بالسياق والتفاصيل الموثقة بالأدلة القرآنية، لكنى حاولت أن أنقل صورة مصغرة للأسئلة التى تحاصرنا.. توقفت مع «إسلام» طويلا فى حلقتى الأخيرة حول العنف ضد المرأة (من الختان ومفاخذة الصغيرة وزواج القاصرات وضرب الزوجات وصولا إلى نكاح المتوفاة).. طالب «إسلام» بمعاقبة أصحاب تلك الفتاوى ومن يحللون «سبى النساء»، وأوضح أنه لا يوجد ضرب للنساء إلا فى حالة النشوز التى تعنى «الخيانة».. لكن كانت صدمتى كبيرة حين استشهد «إسلام» بتفسير «القرطبى» للآية 23 من سورة «ص».. بأن: (العرب تكنى عن المرأة بالنعجة والشاة، لما هى عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب.. وقد يكنى عنها بالبقرة والحجرة والناقة، لأن الكل مركوب)!!.
نقلا عن المصرى اليوم