سليمان شفيق 
 
بعد ضغود دولية واقليمية واعلان العصيان المدني
بعد ضغوط اوربية ومن الامم المتحدة و الاتحاد الافريقي ، والخوف من قوي مسلحة وسط المحتجين ، ووقوف بعض القوي الاقليمية ومصر ضد الصدام في حين ايدت السعودية المجلس العسكري ، كل ذلك جعل المجلس المجلس العسكري السوداني يغير من موقفه بعد يوم واحد من إعلان وقف المفاوضات مع المحتجين مبديا ، وقررالأربعاء انفتاحه على إجراء مفاوضات غير مشروطة حول مستقبل البلاد. وأعلنت لجنة أطباء السودان ارتفاع عدد قتلى فض الاعتصام لتصل إلى 60 شخصا في حصيلة غير أولية وقابلة للارتفاع مجددا.
 
جاء ذلك بعد ان صرح رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ،أن المجلس منفتح على مفاوضات غير مشروطة مع المحتجين مغيرا بذلك قرارا سابقا يرمي إلى وقف المفاوضات وإجراء انتخابات في غضون تسعة أشهر كان قد ضرب عرض الحائط بمطالب المتظاهرين بالتسليم السلمي للسطلة لأياد مدنية.
 
وقال في خطاب بثه التلفزيون الرسمي "نحن في المجلس العسكري نفتح أيادينا لتفاوض لا قيد فيه إلا لمصلحة الوطن، نكمل من خلاله التأسيس للسلطة الشرعية التي تعبّر عن تطلعات ثورة السودانيين".
 
جاء ذلك بعد ان قتل 60 شخصا منذ الاثنين إثر فض اعتصام المحتجين السودانيين أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، وفق ما أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية الأربعاء.
 
وهذه الحصيلة هي آخر حصيلة مؤقتة توردها لجنة أطباء السودان المركزية المقربة من المتظاهرين. وكانت حصيلة سابقة أشارت إلى سقوط 40 قتيلا. وقوبلت عملية فض اعتصام آلاف المتظاهرين المطالبين منذ أسابيع بتسليم السلطة إلى مدنيين، بإدانات من الغرب وخصوصا من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا.
 
واتهم أعضاء من اللجنة، خلال مؤتمر صحافي في لندن، القوات الأمنية بمهاجمة مستشفيات في كل أنحاء البلاد طيلة الفترة الماضية. وتحدثوا عن عمليات اغتصاب في الخرطوم، من دون تحديد مصدر المعلومات
 
وأطاح المجلس العسكري في أبريل بالرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات. وكان المجلس قد وافق على فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات لتسليم السلطة إلى المدنيين، إلى أن صرح البرهان نفسه "بقرر المجلس العسكري وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وإلغاء ما تم الاتفاق عليه، والدعوة إلى إجراء انتخابات عامة في فترة لا تتجاوز تسعة أشهر (بدءا) من الآن".
 
ورفض تجمع المهنيين السودانيين، أبرز مكونات تحالف "الحرية والتغيير" الذي يقود الحركة الاحتجاجية، الإعلان الذي أصدره المجلس العسكري.
 
دعا قادة الحركة الاحتجاجية في السودان امس الثلاثاء أنصارهم إلى تنظيم تظاهرات جديدة، رافضين دعوة وجهها المجلس العسكري لإجراء انتخابات عامة في فترة لا تتجاوز التسعة أشهر وتشكيل حكومة تسيير أعمال، وذلك غداة مقتل أكثر من 35 شخصا في ما وصفوه بـ"المجزرة الوحشية".
 
وكان ذلك علي اثر اعلان رئيس المجلس الفريق أوّل ركن عبد الفتّاح البرهان في بيان بثّه التلفزيون الرسمي التخلّي عن الخطة لصالح إجراء انتخابات بإشراف إقليمي ودولي. وقال البرهان "قرّر المجلس العسكري وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرّية والتغيير وإلغاء ما تمّ الاتّفاق عليه، والدّعوة إلى إجراء انتخابات عامّة في فترة لا تتجاوز التّسعة أشهر (بدءًا) من الآن.
 
ورفض تجمّع المهنيين السودانيين، أبرز مكونات تحالف الحرية والتغيير الذي يقود الحركة الاحتجاجية الإعلان الذي أصدره المجلس العسكري. وأفاد بيان للتجمّع "لا المجلس الانقلابي ولا مليشياته وقياداتها هي من يقرر مصير الشعب، ولا كيفية انتقاله لسلطة مدنية".
 
مجزرة دموية
ووصف تحالف "قوى إعلان الحرّية والتّغيير ما تعرّض له "الثوّار المعتصمون" الاثنين بأنّه "مجزرة دمويّة". ودعا تجمّع المهنيين أبناء الشعب السوداني إلى إقامة صلاة عيد الفطر المبارك وصلاة الغائب على الشهداء الثلاثاء 4 يونيو
 
فيما أعرب المجلس العسكري الانتقالي في بيان نشره على تويتر عن "أسفه" لتطور الأوضاع عقب فض الاعتصام، وقال لقد "قامت قوة مشتركة من القوات المسلحة والدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات وقوات الشرطة بإشراف وكلاء النيابة بتنفيذ عملية مشتركة لنظافة بعض المواقع المتاخمة لشارع النيل والقبض على المتفلتين ومعتادي الإجرام.
 
وأضاف أنه "أثناء تنفيذ الحملة احتمت مجموعات كبيرة منهم بميدان الاعتصام ما دفع القادة الميدانيين وحسب تقدير الموقف بملاحقتهم مما أدى إلى وقوع خسائر وإصابات".
 
من جهته، أفاد أحد سكان منطقة شمبات بالخرطوم بحري "تجمعنا في ساحتنا كما اعتدنا سنويا وأدينا صلاة العيد ولكن قوات من الدعم السريع والشرطة أطلقت علينا الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وعقب الصلاة أغلق الشباب الشارع الرئيسي بوضع المتاريس".
 
وبدت الشوارع المحيطة بوسط العاصمة شبه مهجورة أمس الثلاثاء إذ أغلقت العديد من الأسواق والمتاجر أبوابها في غياب تام تقريبًا لوجود أي سيارات في الشوارع. واشتكى الكثير من سكان العاصمة من أنهم لم يتمكنوا من الاتصال بالإنترنت بعدما بدأت تظهر مشاكل في الشبكة منذ الاثنين.
 
وشهدت حركة الملاحة الجوية إلى الخرطوم اضطرابات في وقت راقبت شركات الطيران التطورات على الأرض. وقال متحدث باسم شركة طيران الخليج البحرينية "لا تزال رحلاتنا إلى الخرطوم ملغية إذ أن مطار الخرطوم مغلق جرّاء حالة عدم الاستقرار السياسي والمخاوف الأمنية.
 
وألغت مصر للطيران رحلات كانت مقررة إلى الخرطوم ليل الاثنين وصباح الثلاثاء. وأعلنت الخطوط التركية كذلك إلغاء رحلاتها إلى الخرطوم لأسباب أمنية
 
"وحشية"
ووصفت الولايات المتحدة الحملة الأمنية ضد المتظاهرين بأنها "وحشية". ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الاستخدام المفرط للقوة ودعا إلى تحقيق مستقل. ومن المتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا مغلقًا الثلاثاء لمناقشة الوضع في السودان بدعوة من بريطانيا وألمانيا، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
 
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية القريبة من المتظاهرين الثلاثاء أن حصيلة القتلى ارتفعت إلى أكثر من 35 مع سقوط "مئات" الجرحى. وأظهرت تسجيلات مصورة من مستشفى "رويال كير" القريب من موقع الاعتصام أشخاصًا على الأرض يتلقون العلاج. وأكد قادة الحركة الاحتجاجية إخلاء الساحة الواسعة التي اعتصم فيها المتظاهرون خارج مقر القيادة العامة للجيش منذ السادس من أبريل.
 
دعم عربي للمجلس العسكري
ودعمت حكومات أفريقية وغربية المتظاهرين إلا أن الحكومات العربية وعلى رأسها السعودية دعمت المجلس العسكري بقيادة البرهان. وكتب تيبور نويج، مساعد وزير الخارجيّة لشؤون أفريقيا، على تويتر "لقد كان ذلك هجومًا وحشيًا ومنسّقًا قادَتهُ ميليشيا قوّات الدّعم السريع ويعكس أسوأ أفعال نظام البشير".
 
بدوره، حض رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي على إجراء "تحقيق فوري وشفاف لمحاسبة كل أولئك المسؤولين". لكن الحكومات العربية دعت إلى استئناف المحادثات بين المتظاهرين والجيش. وقبيل الحملة الأمنية، زار البرهان مصر والإمارات والسعودية.
 
تري الي اين سوف يقودنا الصراع بين المجلس العسكري والثورة في السودان ؟