الجزاء من جنس العمل، وطريقة حساب الشهور من جنس طريقتنا فى التفكير فى كل الأمور، طريقة عشوائية تشبه عشوائيتنا الاجتماعية، فعلاً شبهنا عندما ناخدها بالاتكال والبركة وحسب التساهيل ودون أى تخطيط، عاشت مصر على مرجيحة التوقعات، الثلاثاء العيد، لأ الأربعاء، يا جماعة فيه بلاد جنبنا الثلاثاء، وبتشترك معنا فى جزء من الليل، وهذه جملة حفظتها ووجدتها تتكرر فى كل احتفال برؤية الهلال، بلد منهم وهى السعودية مهبط رسالة الإسلام وتحتضن الكعبة، ولا حياة لمن تنادى، المهم ما يقوله المفتى، احتفلت السعودية بالعيد الثلاثاء، ولو تركنا الدول التى صامت الثلاثاء وهى دول من الجيران، وذهبنا لداخل مصر ولهيئة الأرصاد وللمرصد العلمى، لنجد العلم وحساباته الرياضية مؤيدة للسعودية، لكننا فضلنا إهدار علم الفلك لصاحب الرؤية السريعة بالعين، ما حدث ويحدث وما سيحدث أمس واليوم وغداً من عشوائية فى تحديد بدايات الشهور الهجرية فى مصر والعالم الإسلامى وعدم الاعتماد على العلم فى تحديدها لمدة مائة سنة قادمة يدل على أن بيننا وبين الحداثة سنين ضوئية وأننا سنظل فى القاع ما دمنا نعادى علم النور ونعتمد على علم مَن فى القبور، ‏انضباطات التوقيتات والمواعيد يا سادة هى سمة تحضّر وحداثة، وعدم وجود أجندة مواعيد محددة لبدايات الشهور ونهايتها للبلاد الإسلامية وتركها لعشوائية رؤية العين للهلال سمة جمود وتزمّت، إذا احتجت مثلاً حجز طيارة أو فندق أول أيام العيد قبلها بمدة ستفشل نتيجة هذا الإصرار على الحرفية المتحنطة، أعجبنى تعليق د. يحيى طراف عندما قال: «أعلن المفتى مساء الاثنين أن اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة فى أنحاء الجمهورية لم يتحقق لديها رؤية شرعية بصرية لهلال شوال، فيصبح يوم الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان، والعيد الأربعاء!.

إن عدم تحقّق الرؤية البصرية لهلال شوال لا ينفى وجوده فى سماء البلاد المثبت فلكياً!!. وهل عدم تحقق الرؤية البصرية للميكروبات ينفى وجودها المثبت بالميكرسكوب؟ وهل عدم رؤية الكسر فى العظام تحت اللحم والجلد بصرياً ينفى حدوثه المثبت بأشعة إكس؟.

إن إناطة إثبات رؤية هلال العيدين وبدايات الشهور العربية بدار الإفتاء، التى بدورها لا تملك من وسائل الرصد إلا أعين أعضاء لجانها الشرعية والعلمية المجردة، ليصبح حساب الشهور أمراً دينياً، يتحدد كل شهر فى اللحظة الأخيرة، هو أمر يجب إعادة النظر فيه، فى ظل وجود وسائل رصد متقدمة، وتقويم فلكى يحدد بدقة متناهية موعد ومكان ميلاد الأهلة لعشرات السنين.

إن تحديد المواقيت وبدايات الشهور هو شأن مدنى، يجب أن تتولاه الدولة، فنحن نتكلم عن أهِلة موجودة فى السماء بالفعل أثبتتها الحسابات الفلكية الدقيقة والتلسكوبات العملاقة، وليس ينفى وجودها أن الأبصار لا تدركها، فميلاد الأهلة ليس فتوى تتصدر لها وتجتهد فيها دار الإفتاء، إذا أخطأت فلها أجر وإذا أصابت فلها أجران.
نقلا عن الوطن